لم ينته العرس.. ما تبقى من مقاعد شاغرة يغري بالصبر الجميل.. الكل يمني نفسه بالوزارة فلمن ستؤول بقية الملفات المصيرية

[JUSTIFY]الماكينة التي نُصبت في حدائق معرض الخرطوم طوال الأيام الماضية وانتهت إلى تصعيد بعض الوجوه وعمل مساج على ظهر الحزب الحاكم كانت تضطلع بمهام أخرى، من ضمنها تفصيل الأدوار وصناعة أزياء مبطنة لشتاء سياسي يبدو قاسياً.

ثمة رجال ونساء أسندت إليهم أدوار جديدة، وبالمقابل سُحب البساط من تحت أقدام طالما تمرغت في ملمسه الحنون، “حزبنا العملاق ليس مكتبا قياديا وشورى..”، كثير من الذين تجاوزتهم رافعة التصعيد باتوا يرددون تلك العبارة ويمنون أنفسهم برتب جديدة أكثر أهمية، ربما لارتباطها بالزخم الإعلامي والسياسي.

أيام العسل

إذاً، لم ينته الحفل بعد، فقد كانت تلك زفة العرس التي احتضنتها صالة الأفراح ببري وتبقت فواصل الغناء شديدة الطرب وأيام العسل الأكثر إثارة، ما تبقى من اجتراحات هو إماطة اللثام عن الملفات المصيرية، والتغيير الذي سيطرأ على أمانات الحزب، علاوة على ملف الانتخابات وملف الحوار الوطني وملف التفاوض وملف الإصلاح وملف الحركات الدارفورية، بجانب الأجهزة الإعلامية .

ابتداء فقد وظِفت معاول البناء في تغيير طبيعة الأجهزة الإعلامية، حيث دمجت الإذاعة والتلفزيون في هيئة واحدة وأسندت إلى السموأل خلف الله، الزبير عثمان ينوب عنه في الإذاعة، بينما ظل عوض جادين متشبثاً بموقعه في سونا رغم العواصف التنظيمية، ما رشح من معلومات حتى اللحظة يرجح كفة الدكتور محيي الدين تيتاوي في سونا، وبذلك يكون العصف قد شمل كل الأجهزة الإعلامية الرسمية .

ترتيب الأوراق

أمس أعيد ترتيب الأوراق في المؤتمر الوطني وتغيير خطة اللعب، غندور حُظي بملف التفاوض والذي أمسك به في السنوات الأخيرة، حيث أزيح الدكتور نافع علي نافع من سدته ومن قبله علي عثمان النائب الأول لرئيس الجمهورية السابق، فيما هبط في خانة غندور بلجنة الحوار الوطني الدكتور مصطفى عثمان إسماعيل، الأمين السياسي بديلا لنائب رئيس الحزب، مما يعزز احتمالية حدوث اختراقات في ملف الحوار الوطني وبالضرورة ملف التفاوض، مبعث ذلك الاحتمال هو الصلاحيات والثقة الكبيرة التي منحها الرئيس البشير إلى غندور ومصطفى، البروف والدكتور هما بمثابة الظهير الأيمن والأيسر للرئاسة في مبارة مصيرية تتهيأ لها الجماهير من الداخل والخارج، ومن المقرر لها أن تنتهي بالتعادل لطبيعة مكاسبها المفرغة من فكرة النصر والهزيمة.

الحرب أولها كلام

الملف الأكثر خطورة هو ملف الانتخابات، من الأول استقر هذه الملف في يد الدكتور نافع علي نافع، أثناء انتخابات المحامين مطلع هذا العام كان الوجه الأبرز في حملة الوطني هو الدكتور نافع علي نافع، غندور حرص على اصطحاب نافع للمشاركة في تدشين حملة المؤتمر الوطني للفوز بموقع النقيب، في ذات معرض الخرطوم، الوطني كسب الجولة بالطبع.

“نحن من وراء التغيير هذا الذي تم، قصدنا تصفير العداد..” بهذه العبارة ابتدر الدكتور نافع علي نافع حديثه ساعتها، وقال إن غندور كلفه بالاستمرار في رئاسة لجنة انتخابات المحامين، وأضاف أنهم سيعملون جميعهم تحت إشراف وإمرة البروفسير إبراهيم غندور، حتى اليوم لا يزال ملف الانتخابات تحت يد الدكتور الزراعي المثير للجدل، نافع شكل حضورا مدهشاً خلال أيام المؤتمر العام وحط في المركز الثاني في انتخابات المجلس القيادي، وبالرغم من ذلك لا أحد بمقدوره التنبؤ إذا ما كان نافع سيواصل في مهمته أم سينتقل ملف الانتخابات الساخن إلى رجل آخر؟ سيما وأن الرئيس ركز حملته في خطابه الأخير على ما أسماها بالتكتلات، ومن المعروف أن الحرب أولها كلام!

أيام الشباب

ثمة حركة تدب في الجسد الذي بلغ بضعة وعشرين عاماً داخل جدران المبنى الأخضر، هنالك في شارع المطار، تغير يعقبه تغيير، وتصريح ينافح محنة التكلس، تنخفض وجوه وترتفع أخرى، يمسك بخطام المرحلة في الظاهر على الأقل شباب أنفقوا هتافاً وجهدا حثيثا في المدن والأدغال، صعدوا إلى واجهة الأحداث ودوائر العمل التنفيذي، رغم قلتهم إلا أنهم أثروا أن يصنعوا جنتهم في الأرض عوضاً عن السماء، وليقتربوا أكثر من الهم العام، امتلأت المقاعد الشاغرة في المكتب القيادي ببضعة شخصيات وهم حامد ممتاز انتصار أبو نجمة وياسر يوسف وبلال عثمان وأميرة الفاضل، وتبقت بعض الوسائد الخالية في الحزب والحكومة.

منذ أكثر من عامين أعمل المكتب القيادي السابق مبضعه في كثير من الأمانات وبعض القطاعات، باستثناء أمانة الإعلام والتعبئة السياسية التي ظل فيها الأستاذ ياسر يوسف وبدت كالتوأم السيامي مع وزارة الإعلام، فياسر هو بمثابة مذيع الربط بين الأمانة والوزارة، ياسر لا زال يمسك بملف الإعلام ويتجاذبه معه الفاتح الحسن مدير مكتب نائب الرئيس الاستاذ حسبو عبد الرحمن، وبدخول ياسر إلى المكتب القيادي فلربما يقفز الفاتح الحسن في مكانه، ويذهب المهندس قبيس أحمد المصطفى مديراً لمكتب نائب الرئيس خلفاً للحسن.

بجانب الملف الإعلامي هنالك ملف الدوحة والحركات الدرافورية والذي ظل بحوزة الدكتور أمين حسن عمر طوال الفترة المنصرمة، التصاريف حملت أمين خارج دائرة النفوذ وغادر الملعب إلى حد ما، الأمر الذي قد يستوجب إسناد ملف الدوحة إلى لاعب بديل، من الأسماء المطروحة الدكتور الحاج آدم يوسف، ولكن التقديرات الأولية تشير إلى توحيد المنابر التفاوضية، منبر الدوحة ومنبر أديس وجمعهما في حقيبة البروفسير إبراهيم غندور. إخلاء مقعد غندور في لجنة الحوار بدا أنه مقدمة لتفرغه وإمساكه بكل خيوط التفاوض، كما أن ذهاب مصطفى عثمان للجنة الحوار مرده للعلاقة الوطيدة التي تجمع مصطفى بالمؤتمر الشعبي وكذلك بحزب الأمة، والآمال كلها بالسعي لإقناع الإمام الصادق المهدي بالعودة إلى طاولة الحوار.

من الملفات الأخرى ملف الإصلاح والذي هو بمثابة عمل ضخم ومتصل يترؤسه أحمد إبراهيم الطاهر تعينه فيه سامية أحمد محمد، في الغالب سينضم للثنائي سامية وأحمد إبراهيم الفاتح عز الدين رئيس البرلمان الحالي. وبالطبع ثمة ملفات أخرى سرية تنتقل بخفة من شخص إلى آخر وليس بمقدور أيما أحد التقصي في مساراتها ولكن طلعها يبدو شاهدا عليها، إذاً، لم ينته العرس بعد وكذلك العديد من الأسماء الحالمة لا تزال فرصتها مواتية للصعود ما لم تصب بخيبة أمل أخرى.

اليوم التالي
خ.ي

[/JUSTIFY]
Exit mobile version