طارق جبريل: جهاز تعذيب السودانيين العاملين بالخارج

ما إن تطأ قدماك أرض هذا الوطن الجميل إلا وتتراءى أمامك عقبة تحيل عطلتك السنوية إلى شيء من الجحيم، ألا وهي تأشيرة الخروج (التي لا توجد في أي بلد في هذا الكون الفسيح إلا في هذا الوطن العزيز رغم أنها من أبجديات حقوق الإنسان في التنقل)، درجت الدولة على الدوام استغلال هذه التأشيرة اللعينة من أجل (مآرب) وغايات أخرى غير عما هو معلن في أمر هذه (التأشيرة/اللغم).

على استعداد أن استوعب حاجة الدولة لمداخيل إضافية من باب هذه (التأشيرة)، وكان يمكن أن يكون تحصيل هذه الرسوم في المطار عند القيام بإجراءات السفر المعتادة من وزن للعفش وتأكيد الحجز وخلافه كتسهيل على (خلق الله) هؤلاء، على أن يكون هناك موظف يتحصل هذه الرسوم دون هذا العناء الكبير والهدر غير المبرر للوقت والأيام المعدودات في شوق هذا الوطن الجميل وناسه وأماكنه ومراتع الصبا فيه، لكن ما لست قادرا على استيعابه وجود هذا الجهاز المسمى تندرا بـ (جهاز تعذيب السودانيين العاملين بالخارج)، الذي ما إن تصل بابه حتى تتقافز أمامك جميع شياطين الأرض وما جاورها.

سأدعكم مع هذا الحوار (الدارجي) مع موظفي هذا (الجهاز العتيد) لتستشفوا مدى الألم الذي ينساب في (برنداته) المختلفة..

السلام عليكم.

– عليكم السلام.

– عليك الله عايز اطلع خلو طرف أنا معفي.

زولتكم شافت في الجواز وبقت تطقطق في الجهاز طرق طرق طرق زي عيش الريف لمن يسوهوا (فشار).

– اسمع ما زادوك الناس ديل.

– نان ان بقى زادوني دايري تقسميهن معاي.

– (تضحك): يا زول عشان نشوف حق الدولة.

– يا زولة ما تكتري الحجي شي.. أنا موش من الدول المعفية من الضرائب.

– أيوة لكن بس نشوف لو في زيادة راتب.

– يعني إن بقى زادوني دايري تسويلي شنو.

– نشوف الزكاة يا زول.

– في ضومتك شوفتيلك زكاة في شهر وما حال عليها الحول.

– (تضحك): لا الزكاة ما حال عليه الحول وكان زايد من حاجة الزول.

– نان باقيلك دة شكل زول حال عليه شهرين خليكي من سنة.

عمرك شفتيلك زكاة في شهر.

– يا زول أحمد ربك.

– أنا حامد ربي علي انتو اختوني.

– (تضحك) انت شايقي ولا شنو.

– ايي لا يبقى سويتولكم ضرائب شوايقة كمان.

– (ميتة من الضحك) يا زول هاك خلو طرفك.. انتو كلكم لسانكم طويل كدة.

– لا يبقى في شايقي مكاتلك كمان.

– (تضحك) معرساهو عدييل يا زول شيل ورقك اختاني.

– ان شاء الله ينجمك نجام قبورة.

– (ميتة من الضحك).

حملت أوراقي وتوجهت إلى (ناس التجنيد) أنا وراشد شقيقي

الذي وقف أمامي في الصف.. دفعوه سبعين ألف (بالقديم)

حين وقفت أنا أمام شباك التجنيد هذا:

– يا زول إنت إقامتك دي مدير فني.

– ايي يا الحبيب أنا صحافي ومصمم وهناك بيسموها مدير فني.

– بس دي قروشها كتيرة يا زول.

– كمها.

270 ألف.

– ليه أصلو دايرين يجندوني لواء طوالي.

– يا زول اتكلم كويس.

– مالك شايفني قاعد اعوج في الكلام.

– يا عمر تعال اتفاهم مع الزول دة.

– الحاصل شنو.

– الراجل دة إقامته مدير وقلنا ليه الرسوم 270 ألف.

– ايوة يا زول دي الرسوم.

– خلك من الرسوم شوفتة الواقف قدامي ودفع 70 الف دة.

– مالو.

– دة اخوي.. كيفن هو يدفع 70 وأنا أدفع 270.. في شنو يعني.

إن بقيت داير اتجند عديييييييل كدة بعدين هو حا تدرشوه في الشمس وأنا حا أسوي. الجلالات تحت مكيف.

– (يضحك) يا عمك عليك الله ما تكتر الكلام دي القوانين كدة.

– نان أصلها قوانين الجن دي ما فيها منطق.

– يا زول أنا بدخل أوراقك دي للضابط وبعدين هو يقرر.

– دخلن يا زول.

جاني بعد شوية مارق قال لي يا زول الضابط قال ليك تتحول الرئاسة في 61 ستين هنا. ما عندنا ليك حل كله كله.

– باقيلي حا تجندوني مشير هناك.

– (صرة لي) يا زول أمشي مشكلتك هناك.

ربكم رب الخير ولد ظريف كدة دخلني للضابط وطلعت الإعفاء وطلعت.

ماء أن استلمت (بطاقة سفرة واحدة) حتى أمعنت النظر إلى هذه الأرجل التي تحملني إلى أطراف المدينة ثم مددت يداي إلى الأمام و(تمتمت): «في ضومتكم أنا هسي بقدر أشيلي رصاصة خليكم من كلاشنكوف».

أي ورقة في المغتربين تدفع عليها رسوم، حتى أنني شككت في أنني إن جهرت بالتحية لموظفي هذا الجهاز لردوا علي: 20 ألف ورحمة الله.

يا (ناس الله) ليس هناك بلدا في هذه البسيطة بها تاشيرة خروج، ليتهم يقولوا لنا (رسوم مغادرة) وندفعها في المطار ونمضي إلى حال سبيلنا عوض هذا العذاب. السنوي.

(غايتو الله في).

طارق جبريل
[email]tarigjibreel@gmail.com[/email]

Exit mobile version