توفي المناضل الأشهر في العالم فنعاه العالم وبكاه وطنه.
مات مانديلا عن قرابة القرن من السنوات عاش ثلثها سجينا فما أوجدت في نفسه ضغينة ولم يقد تمردا مسلحا ليجز جزءا من بلاده.
ولم يكتف مانديلا بذلك، بل زهد في المواصلة في الحكم لما جاءته السلطة تجر أذيالها.
وما بين نضال بسماحة وحكم بسماحة تمددت مساحة مانديلا إلى كل جزء من العالم وإلى كل قلب.
كان مانديلا وهو رئيس كأنه ليس برئيس وكان وهو غير رئيس كأنه رئيس لما غطته البساطة وكسته المهابة في آن واحد.
لقد حول مانديلا جنوب أفريقيا من حالة التمييز العنصري إلى بوتقة واحدة ورفرف العلم في أيدي البيض والسود معا.
فإذا ما أردنا أن نقارن بينه وبين البعض وجدنا الفرق الذي أوجدته أغنية الحقيبة
(أقيس الفم بودعة.. ألقى الودع واسع
واقيس الليل بشعرو. ألقى الفرق شاسع)
فأمواج طموح كثير من المتمردين أو المناضلين تتكسر عند ضفاف السلطة والمال..
من فشل في إدارة ولاية أراد أن يفصلها ليغطي على فشله!
ومن نجح أراد أن يفصلها تحت مظان أنه المخلص وزيو مافي!
أغمض مانديلا أمس عينيه على منظر بلاده المتحدة وقد أصبحت المواطنة لا اللون أساس التعايش والحقوق.
راضيا لعله على سنوات محبسه وأيام أسره لما فكت السلاسل عن كل مواطنيه وأبعدت الأغلال..
وكان قبله بأيام قد توفي في مصر شاعرها الشعبي الشهير أحمد فواد نجم عن عمر يقرب لعمر الجنوب أفريقي بعد أن دفع سنوات طوالا من عمره في السجون..
فهل السجن يزيد العمر؟
مات مانديلا وكل أفراد شعبه سواسية
ومات نجم وهو يقول (إحنا مين وهم مين؟)
لقد عاش مانديلا انكسارات وانتصارات لكنه ما جنح للحرب أبدا ولا قال علي وعلي أعدائي..
ونكست الأعلام لأجل العجوز العلم في عواصم كبرى وشهيرة لأنه هزمها بفكرة فأجبرها على الانحناء..
بكته روما لأنها أرادت أن تكفّر عن شناعة شنقها لعمر المختار وتأست له واشنطن عسى حزنها عليه يغفر لها قتل الأبرياء في العراق وأفغانستان وفيتنام ولبست باريس السواد لأجله نادمة على قتلها مليون مواطن جزائري..
كل يد ملطخة بالدم ذرفت الدموع على رجل السلام والمحبة..
…………..
قبر الحبيب ضيق
كتمة وضلمة
لكنه مات بحلم
تبقى القبور أوسع.. أوسع شبه وطنو
هل هذه لمانديلا يا عاطف خيري أم تشابه في المثال؟
هتش – صحيفة اليوم التالي