بخروج علي عثمان محمد طه النائب الأول لرئيس الجمهورية ود. نافع علي نافع مساعد الرئيس من قيادة الدولة، وعدد من الوزراء المخضرمين والشيوخ وخاصة القدامى من الذين بقوا لسنوات طويلة في السلطة منذ مجيء الإنقاذ أو مَن تطاول به العهد ومكث سنين عدداً، ومع بداية حقبة جديدة في مسيرة الحكم واستنساخ الإنقاذ نفسها في طبعة مستحدثة.. فإن الحاجة تقتضي الاستفادة من المغادرين وهم لا يزالون قادرين على العطاء وقد قدموا بإخلاص مشهود من جهدهم وعصارة فكرهم ونضارة أعمارهم ما رسخ حكم الإنقاذ ومشروعها السياسي..
ولم ينقطع الرجاء فيهم كما قال الرئيس أمس في قري خاصة في حق نائبه الأول المنصرف علي عثمان، وأنه يقود التغيير الحالي وترتيبات المرحلة المقبلة.. ولذلك لا بد من التفكير بعمق في وجود قادة جدد في أجهزة الدولة ووزاراتها، بوضع أطر جديد تستوعب هؤلاء الشيوخ والرموز وتبقيهم على مقربة من التجربة القادمة وعلى صلة بما يجري في دولاب الحكم..
في التجربة الإيرانية الحالية، لا يُترك كثير من القيادات المؤثرة وأصحاب السبق والبدريين وأهل الخبرات المتراكمة وقادة الثورة، ولا ينقطع عطاؤهم ولا يقل جهدهم، فقد تم تكوين مجلس لتشخيص مصلحة النظام عام «1984م» من أهل الخبرة والتجربة، ومر بعدة مراحل في «1988» و«1990م» ليتوافق مع الدستور وتتقرر مهامه الأساسية، فمهمته الفصل في الخلافات ما بين البرلمان «مجلس الشورى» وهيئة صيانة الدستور ومراجعة السياسات الكلية للدولة وإصلاح الأخطاء وتقديم النصح والإرشاد وتصويب الرمية وحل الخلافات والمشكلات التي تنشأ وتقديم موجبات الخبرة الطويلة للاستفادة منها.. واختيار المرشد الجديد في حالة وفاة المرشد..
هذا في التجربة الإيرانية وتوجد هيئات شبيهة في تجارب دولية أخرى قد تتقارب مع أوضاعنا وحالتنا، ولا بد لنا أن نفكر بعمق وروية في تأسيس جسم ينعقد له هذا الاختصاص التناصحي والفيصل في قضايا السياسات الكلية للدولة وخلافاتها المتوقعة لا محالة..
السودان في حاجة ضرورية لهذا الجسم اليوم، فبعد إقرار فكرة التحولات والتغيير والإصلاح والإحلال والإبدال، وتسلم الصف الثاني بعد ذهاب الصف الأول من رجالات الدولة، ومن أجل الحكم الرشيد والاستفادة من هؤلاء البدريين وأصحاب الخبرة والتجربة، يتعين تكوين هذا الجسم الذي تبرز أهميتُه بخطورة التحديات التي تواجه البلاد وبقدر عطاء ومزايا الشيوخ المغادرين..
فلماذا لا نشكل مجلسًا شبيهًا بمجلس تشخيص مصلحة النظام في إيران، يضم علي عثمان محمد طه ونافع علي نافع وأحمد إبراهيم الطاهر وعوض الجاز وأحمد عبد الرحمن محمد وعبد الوهاب عثمان وقطبي المهدي ومحمد أحمد الفضل دقشم وجبريل عبد الله وعبد الرحيم علي وحسن مكي وأحمد التجاني صالح وعبد الباسط عبد الماجد وعبد الباسط سبدرات وعبد الرحيم محمد حسين وسعاد الفاتح والفاتح عابدون وإبراهيم أحمد عمر وغيرهم كثير.. ليكونوا بحق الفنارات التي تهدي في الطريق للجيل الذي يُمسك بزمام السلطة ويقود الدولة والحزب في المرحلة المقبلة..
ويمكن أن يتأسس الإطار السياسي لهذا الجسم في داخل الحزب، وقد يصعب شرعنة وجوده الدستوري داخل مؤسسات الدولة، لكن يمكن أن تكون هيئة عليا داخل الحزب الحاكم تقوم كمرجعية نهائية يتم الرجوع إليها في حالات الخلاف أو طلب المعونة والمشورة..
ففي ظروف إيران التحدي أقل بكثير من تحدياتنا في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية، ورغم ذلك كانت الفكرة وهذه الرؤية هي الصواب، فالحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أولى الناس بها وهذه سنة حسنة يجب الاقتداء بها، خاصة أن هناك مخاوف كبيرة ألّا يستيطع الجيل الثاني وحده في صفوف الإنقاذ في نسختها الجديدة خوض الوحول والغمار وحده…
[/JUSTIFY]
أما قبل – الصادق الرزيقي
صحيفة الإنتباهة