كان (السر) دوما يأتي إلى تمرين فريق الحلة بفارهته رغم قصر المسافة ما بين منزله والميدان.. قبل التمرين كان (السر) يفتح أبواب العربة الأربعة ويدير المسجل على أعلى صوت فعل الغسالين بالعربات، وهو يتراقص بملابسه الزاهية وقشرته الرائعة، ويفتح (ضهرية) العربة ليخرج منها حافظة العصير التي يهبها لكل التيم هذا غير التزامه بكل مستلزمات الفريق من زي وكور وشباك.
السر كان أقرب (لكيشة) لكن لم يشعره الرفاق بهذا أبدا، بل ويجد من عبارات الثناء ما لا يجده حمدتو هداف الفريق الأول، ولقد وصل الأمر ببعض المتملقين من فريق الحلة أن جعلوه ينفذ ركلة جزاء احتسبت على فريقه في التقسيمة.
بيت السر كان بمثابة النادي للتيم ولا أحد سواه في الحلة يمتلك تلفزيونا 21 بوصة ولا ديجتالاً ولا مولد كهرباء.
السر كثير الغياب لارتبطه بعمل في المدينة ويوم حضوره بمثابة يوم عيد للحلة، فهو كريم، وكل فتاة تتمناه عريسا لها رغم دمامة واضحة في وجهه و(تكعوج) في مشيته.
في يوم جاء السر إلى القرية بعربة تعبانة كان أطفال القرية يتباشرون لدفرتها والتعلق بها، وكان أن غاب الدينمو واختفى التلفزيون وتوارى العصير.
السر الذي أصبح نصف حزين، وقد كانت الابتسامة لا تفارقه قال لبعض خاصته الذين أذاعوا سر السر للكل أنه (رفع عنه الدعم جزئيا).
كانت امتيازات كثيرة يجدها في عمله قد أخذت منه وكان راتبه قد تناقص وعليه ديون لا تحصى ولا تعد.
السر صار يخمس السيجارة!! لم يصدق صديقه ومتملقه الأول الطاهر ذلك لما حكوا له الأمر وقد كان غائبا خارج الحلة لشهور.. السر صار لا يهدي البن لحاجة التومة شكارة الرجال الأولى، التي كان أن اشعرت عنه شعرا صار من ضمن أغاني الأعراس والأفراح في الحلة.
السر انت تطوي وتفر
السر شنو ما عملو
السر اريتو يقعد قبلو
حاجة التومة قيل إنها قد هجته بأبيات لم يتسن لنا الحصول عليها محاكية للقنوات المصرية في سرعة التحول من المدح إلى القدح.
صبيان الحلة أصبحوا يتتاقلون على الفتيات بعد أن أصبحن واقعيات بعد رؤيتهن لحال السر الجديد.
في ذات يوم عاد السر بالمواصلات وعارك الكمساري لأنه لم يدفع كان كل شيء فيه يدعو للرثاء من ملابسه المتسخة وإلى شعره المنكوش على الجانبين وإلى نعليه اللتين تخرجان بعض أصابعه.
صاح (عثمان سياسة) في الرفاق لما أقبل عليهم (السر) في حالته تلك:
علي الطلاق (السر) رفعوا عنو الدعم كلو كلو..
هتش – صحيفة اليوم التالي
