* وزارة التخطيط العمراني بولاية الخرطوم اتخذت قراراً غريباً بإزالة مدرسة العمارات بنين (2) لمرحلة الأساس، وأحاطته بالسرية التامة، على أمل أن تضعه موضع التنفيذ في مارس القادم بعد أن تغلق المدارس أبوابها للعطلة الصيفية .. (ولا من شاف ولا من دِري) .. ولكن لسوء حظها تسرب القرار إلى أولياء أمور الطلاب فتجمعوا قبل يومين أمام المدرسة للإعلان عن رفضهم تصفية المدرسة وبعثرة أبنائهم بين المدارس وما يترتب على ذلك، ولا يمكن أن يلاموا على هذا الرفض، بل من يلام هي الوزارة التي ارتكبت العديد من الأخطاء باتخاذ هذا القرار الغريب، وعلى رأسها طريقة اتخاذه والتكتم عليه، وعدم مشاورة مجلس الآباء وأولياء الأمور، وربما إدارة المدرسة، بل حتى بدون الاعتراف بحق كونهم (تنابلة) عليهم السمع والطاعة، فالتزمت بالسرية المطلقة في اتخاذ القرار، وكانت تنوى التنفيذ بشكل (سري) عندما تغلق المدارس أبوابها .. وتضعهم أمام الأمر الواقع، فلا يملكوا إلا الصمت والقبول!!
* يحضرني هنا سلوك مغاير تماماً لسلوك وزارة التخطيط العمراني بولاية الخرطوم، وهو الذي سلكته وزارة التعليم بمقاطعة (أونتاريو بكندا) عندما فكرت في إغلاق بعض المدارس في مراحل التعليم المختلفة وتوزيع طلابها على المدارس الأخرى، بسبب قلة عدد طلابها مقارنة بحجمها وإمكانياتها الكبيرة، وعدد مدرسيها .. الخ فطرحت الموضوع للنقاش العام في كل المنابر .. وعلى رأسها مجالس الآباء وأولياء الأمور، وأجهزة الإعلام، وكان ذلك قبل عامين، وحتى هذه اللحظة لم يصدر قرار برغم النقاش الكثير الذي دار .. وكان رأي البعض أن اهتمام الوزارة يجب أن يتركز على الطلاب وتطوير مقدراتهم، وليس على النظر إلى ما تصرفه من أموال عليهم، بغض النظر عن حجم هذه الأموال، علماً بأن الحكومة تتحمل عبء الصرف بالكامل على التعليم الأساسي من مرحلة الحضانة وحتى نهاية المرحلة الثانوية، ويستحق كل طفل من مرحلة الحمل به وحتى سن الثامنة عشرة .. إعانة حكومية شهرية (بالقانون) تغطي نفقات المعيشة، بالإضافة إلى العلاج المجاني لكل المواطنين، بل والمقيمين من الأجانب !
* السبب الذي دعا وزارة التخطيط العمراني لاتخاذ قرار بإزالة مدرسة العمارات هو منح الأرض لمنظمة (المرحوم بشير النفيدي الخيرية) لإقامة مجمع طبي خيري عليها، وهو هدف نبيل، ولكن ألم تجد الوزارة غير المدرسة مكاناً لتقيم عليه المنظمة المجمع الطبي، وحتى لو كان ذلك كذلك .. أيهما الأولى بالاهتمام في هذه المنطقة .. مدرسة قائمة، أم مجمع طبي في علم الغيب ؟!
* بمنتهى البساطة .. تقرر وزارة التخطيط العمراني بالولاية، إزالة مدرسة، وكأنها تزيل كشك سجاير أو سعوط !!
* ولكن ليس غريباً أن يحدث هذا .. فعندما أزالت أكشاك الجرايد والمكتبات لم يحتج أحد .. فقررت أن تنتقل بمعاولها إلى المدارس !!.
drzoheirali@yahoo.com
مناظير – صحيفة السوداني – العدد رقم: 1171 2009-02-15