بعيد التوقيع على الاتفاق النووي بين إيران والقوى الكبرى في الرابع والعشرين من الشهر الماضي أشرنا إلى أن الاتفاق قد يكون آالية مناسبة للتحقق من وكبح جماح إيران النووي، ولكن ما يهم دول الخليج والدول العربية الأخرى هو البرنامج السياسي لإيران، وليس فقط البرنامج النووي الذي قطعا الاتفاق حوله أمر جيد من جهة تجنيب العالم كوراث محتملة ولكن الذي يهم المنطقة هو البرنامج السياسي وقدرة إيران على إزلة حالة الشك والريبة في المنطقة من نواياها التوسعية أو تدخلها في شؤون الغير من خلال فرض رؤى معينة ثير النعرات الطائفية في المنطقة ويستشهدون دائما بسوريا ولبنان واليمن وقطعا العراق الذي بات في السنوات الأخيرة بعد الغزو الأمريكي خاضعا للنفوذ الإيراني بدليل أن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر أكد أمس أن إيران أخبرته أنها لا تدعم ولاية ثالثة لنوري المالكي رئيس الوزراء العراقي، كواحد من أدلة التدخل الإيراني المباشر في الشأن العراقي.
قلنا إن على إيران إذا رغبت في فتح صفحة جديدة مع الغرب كما هو الحال الآن أن تمضي بذات النوايا في فتح صفحة جديدة مع جوارها العربي عنوانها الرئيس ترميم جسور الثقة بين الطرفين، ويبدو أن الدبلوماسية الإيرانية ستمضي في هذا الاتجاه حيث غادر طهران أمس وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف متوجها إلى الكويت وسلطنة عمان، في أول زيارة له إلى دول الخليج منذ توليه مهامه في الحكومة في أغسطس كما أفادت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية.
وسيبحث ظريف في هاتين الدولتين العلاقات الثنائية وكذلك مسائل إقليمية ودولية بحسب الوكالة التي لم تحدد مدة رحلته. وسيشارك أيضا في أعمال اللجنة الاقتصادية المشتركة بين إيران والكويت.
ومعلوم أن إيران عقب التوقيع على الاتفاق النووي استقبلت وزير خارجية الإمارات، وذلك لبحث الوضع الجديد الذي ستترتب عليه رفع العقوبات الاقتصادية والإمارات أول بلد تضرر من ذلك بحكم الجوار الجغرافي وكثافة النشاط التجاري رغم الاختلاف السياسي والتنازع على ملكية بعض الجزر، وتأتي زيارة الكويت وعمان لتوسيع دائرة العلاقات الإيرانية الخليجية وكانت الكويت وعمان رحبتا بالاتفاق النووي بينما تحفظت دول خليجية واثرت أخرى الصمت ولكن المزاج العام في الخليج بعد الاتفاق يشوبه تخوف من أن يطلق هذا الاتفاق العنان لطموحات إيران الإقليمية.
وأبقت سلطنة عمان في السنوات الماضية على علاقات وثيقة مع إيران. وقد مثلت بين نهاية 2011 ونهاية 2013 المصالح الإيرانية في بريطانيا حيث كانت السفارة الإيرانية مغلقة. كما استضافت عمان مفاوضات سرية بين إيران والولايات المتحدة في الأشهر الماضية من أجل التوصل إلى اتفاق حول برنامج إيران النووي المثير للجدل.
العالم الآن – صحيفة اليوم التالي