تجددت معاناة زارعي الكلي والبالغ عددهم أكثر من «500» مريض، بعد أن ظهرت على السطح مرة أخرى، بعد أن ضاقوا ذرعا من إرغامهم على تناول الدواء الهندي الذي فرض عليهم على شكل مفاجئ، بدلا عن الدواء السويسري الذي كانوا يتناولونه في الماضي، بغرض تثبيت مناعة الكلية وقبول الجسم للكلية الجديدة التي تمت زراعتها، وبدت عليهم حالة من الرعب وعدم الاطمئنان، مظهرين غضبا لافتا حول ما اعتبروه «تلاعبا بأرواحهم».
وكانت بداية معاناة هؤلاء المرضي، منذ أن اتخذت الجهات الصحية المختصة، قرارا بإعطاء هؤلاء المرضى العقار الهندي «المايكويفت» بدلا عن العقار السويسري «السلسيبت»، قبل نحو عشرة أيام من عيد الاضحي الماضي، مما اضطرهم الى قبول الامر الواقع وتناول وصرف الدواء على مضض، ومنذ تلك الفترة، وعندما تفاجأ عدد كبير منهم بتوزيع الدواء الهندي، أبدوا تخوفهم بشدة من إمكانية حدوث آثار جانبية للدواء الجديد، الامر الذي اضطرهم الى مقابلة وزارة الصحة الاتحادية والجلوس الى وكيلها الدكتور كمال عبد القادر الذي بدوره وعد بإرجاع الدواء السويسري، وأكد عدد من هؤلاء المرضي إن حالة رفض الجسم للكلية الجديدة بسبب الدواء الهندي بدأت تظهر لدى العديد من المرضى، مشيرين الى تآثر عدد منهم جراء تناول هذا العقار، الامر الذي يؤدي الى حدوث حالتين، أما الموت أو الاستمرار في عملية غسيل الكلية المزروعة، الذي يكلف الدولة أضعاف ما تنفقه علي الدواء بحسب وصفهم.
وأبلغ أحد زارعي الكلي فضل حجب اسمه «الصحافة» بأن المرضى والبالغ عددهم أكثر من «500» مريض يعانون أشد المعاناة بدرجات متفاوتة في الألم من تناول الدواء الهندي الذي أحدث آثارا جانبية لعدد من المرضى، وأبدى تخوفه الشديد من الآثار الجانبية طويلة الاجل للدواء، وقال إن الدواء الهندي مشكوك في أمره، لافتا الى أن الجهات المختصة ومنذ فترات خلت قامت بإحضار ذات الدواء الذي نتج عنه تأثر «14» مريضا أدى الى حدوث حالات بفشل الكلية، الامر الذي اضطر تلك الجهات الى إبادة هذا النوع من العقار.
ونسبة لخطورة الامر فقد خاطبت جمعية زارعي الكلي نائب رئيس الجمهورية علي عثمان محمد طه للتدخل الفوري والعاجل، بأن هنالك مشكلة تواجه هؤلاء المرضى الذين كانوا يتناولون عقار «السلسيبت» الذي أثبت فاعلية بحسب وصفهم «لكن للأسف قامت الجهة المختصة بتغيير هذا العقار بعقار آخر هندي أثبت فشله وعرض الكثير من الزارعين الى فشل الكلية المزروعة»، الامر الذي اضطر الامدادات الطبية الى إيقافه والعودة الى العقار المستورد من سويسرا، علما بأن الدواء المستورد من سويسرا هو المستعمل في جميع دول العالم. واعتبرت الجمعية في خطاب ممهور بتوقيع نائب رئيس الجمعية نادر الزين الطيب بتاريخ 17 فبراير 2009م، أن الجهات التي أصدرت القرار قامت بتجاهل الجمعية وأصدرت القرار بمعزل عنها، وتم سحب العقار من الجمعية التي كانت تقوم بتوزيعه على المرضى منذ عام 2001م.
وناشدت الجمعية نائب رئيس الجمهورية علي عثمان بالتدخل الفوري والعاجل بإصدار توجيهات بإعادة عقار «السلسيبت» السويسري لحماية حياة المرضى، دون النظر الى للقيمة المادية كمعيار لسلامة وصحة المرضى، وأشار الخطاب الى أن زارع الكلية حينما يتعرض الى فشل الكلية المزروعة ويعود الى عملية الغسيل الدموي يكلف الدولة أضعاف المبالغ التي تكلفها هذه العقارات.
ووفقا لخطاب آخر جاء بتوقيع الامين العام لمجلس الصيدلة والسموم الدكتور جمال خلف الله موجه الى وزير الدولة بوزارة الصحة بروفيسور حسن أبو عائشة، يفترض أن يذهب الى نائب رئيس الجمهورية علي عثمان حول عقار «السلسيبت»، فقد أوضح الخطاب أنه وبمراجعة سريعة للمقارنة بين أسعار هذين العقارين «السلسيبت ـ والمايكويفت» توصل المجلس الى أن كلفة الحبة الواحدة من المنتج «الاصيل» «السلسيبت» 7 جنيهات، بينما كلفة الحبة الواحدة من المايكويفت 5.4 جنيه، وهناك توفير لمبلغ 1.6 جنيه في الحبة الواحدة، وأكد الخطاب أن هناك أصنافا كثيرة من الادوية قد تكون متطابقة من ناحية التكوين الصيدلاني، بينما لا تطابق من ناحية التأثير العلاجي، في إشارة الى أن العقار السويسري أقرب الى المرضى منه الى العقار الهندي، وذكر أن خبراء اقتصاديات الصيدلة يقولون إنه ليس كل قرارات اختيار الادوية التي تمولها الحكومة أو المؤسسات التأمين الصحي تأخذ على أساس اقتصادي بحت إذا استوت المنتجات موضوع المقارنة في الفائدة العلاجية، وإنما هنالك مجموعة عوامل على متخذي القرار مراعاتها من بينها الاعتبارات الاجتماعية والاخلاقية والسياسية.
وأوصي المجلس الاتحادي للصيدلة والسموم بأن تستمر الهيئة العامة للامدادات الطبية في توزيع الدواء الاصيل «السلسيبت» استجابة لاسترحام جمعية زارعي الكلي لنائب رئيس الجمهورية.
ومن ناحية أخرى أكدت إحدى الشركات العاملة في مجال توزيع العقاقير للمجلس الاتحادي للصيدلة والسموم بتوفير كميات كبيرة من عقار «السلسيبت» بمخازن الشركة، وسيتم توزيعة لجمعية زارعي الكلي والامدادات الطبية حال توفير الرغبة للجهات الطالبة.
وتساءل عدد من المرضى التقت بهم «الصحافة» عن إخفاء توصية الامين العام للمجلس الاتحادي للصيدلة والسموم الدكتور جمال خلف الله التي يجب أن تذهب الى نائب رئيس الجموهورية علي عثمان محمد طه التي تشير الى «أنه من المعروف أن هناك أصنافا كثيرة من الادوية قد تكون متطابقة من ناحية التكوين الصيدلاني لكنها قد لا تطابق في التأثير العلاجي» بجانب تساؤلهم عن الدواء المضروب الذي أدى الى حدوث «14» حالة رفض، الامر الذي أدى الى حدوث فشل كلوي لهؤلاء المرضى، مطالبين بمحاسبة هذه الجهات التي تريد أن تثبت مبدأ عدم الاحتكار ولا تريد تثبيت كلى المرضى، معتبرين أن عددا كبيرا منهم قد اضطر الى بيع منزله لكي يقوم بعملية زراعة الكلية التي يعتبرونها خط الدفاع الاخير بالنسبة لهم.
لكن البروفيسور حسن أبو عائشة وزير الدولة بوزارة الصحة، برر في وقت سابق في منبر «سونا» بأن عقار «السلسيبت» الذي يتمسك به المرضى من العقارات الثانوية وليس من العقارات الاساسية لعلاج المرضى، وقال إن الغرض من اللجوء الى العقار الهندي، تثبيت مبدأ عدم الاحتكار، متعهدا بالجلوس الى المرضى لمناقشة قضيتهم مناقشة مستفيضة لوضع الحلول المناسبة لها. وأضاف أن وزارته لا يمكن أن تجازف بصحة هؤلاء المرضى.
سامي عبد الرحمن :الصحافة