خيول (داعش) وحصون الخرطوم.. استحالة الوصول لبلاد النيلين ..!!

[JUSTIFY]في الوقت الذي تتخندق كثير من الدول العالمية ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) وتسعى إلى القضاء عليه بعد أن تمدد في كثير من المدن السورية والعراقية، واستهدفت الجيوش الأمريكية والإماراتية والبريطانية والهولندية جيش تنظيم الدولة الإسلامية الذي ذاع صيته بشدة خلال الفترة السابقة والحالية، ومع تتابع أخباره التي باتت تتصدر معظم القنوات الفضائية والصحف والوكالات العالمية تبقى الأعين ترمي بأبصارها تجاه السودان رغم البعد الجغرافي- والخشية من تمدد أفكاره إلى الداخل بعد أن أعلن ذات التنظيم خلال وقت سابق أنه أضاف تنظيم (داعش) السودان إلى خارطة دولة الخلافة الإسلامية التي يسعى للسيطرة عليها تحت اسم ولاية (الحبشة)، ونشر تنظيم الدولة الإسلامية في “العراق” و”الشام” المعروف إعلامياً بـ(داعش) خريطة دولة الخلافة الإسلامية وتضم “مصر” و”السعودية” و”السودان”، و”المغرب العربي”، وبدّل التنظيم في الخريطة التي نُشرت على عدد من المواقع الألكترونية الجهادية التابعة له، أسماء الدول العربية، حيث استبدل أرض الكنانة بمصر، والحجاز بالسعودية، والحبشة بالسودان، والمغرب بدول شمال أفريقيا. وتشير الخريطة إلى أن (التنظيم) يسعى للتوسع خارج حدود دول العالم الإسلامي، لتشمل دولته منطقة “الشرق الأوسط” و”شمال أفريقيا” وجزءاً كبيراً من غرب آسيا، وأجزاء من أوروبا، من بينها “إسبانيا”، التي أشارت إليها الخريطة باسم “الأندلس”. كما تكشف عن رغبة (داعش) في الاستيلاء على دول منطقة البلقان، وتشمل ألبانيا، البوسنة، الهرسك، اليونان، رومانيا وبلغاريا وعدداً من دول شرق أوروبا وصولاً إلى “النمسا”. وولاية خراسان .
مصدات طبيعية
ولكن كل هذه الأماني التي أعلن عنها (داعش) يبدو أنها سوف تظل حبيسة داخله، أو تتحول إلي أشواق وأن عليه الآن مواجهة هذه الجيوش أولاً والانتصار عليها وهو ما تنفيه الوقائع على الأرض وفي ميادين القتال بعد أن كشف الجيش
الأميركي أنه نفذ (6) ضربات جوية استهدفت (داعش) قرب كوباني (عين العرب) خلال اليومين السابقين دمرت من خلالها عدداً من المعدات الحربية، وأن الضربات الجوية كانت ضمن (9) غارات جوية على “سوريا” جرى تنفيذها خلال اليومين الأخيرين بالاشتراك مع “الإمارات العربية المتحدة” باستخدام قاذفات ومقاتلات وطائرات يجري التحكم فيها عن بعد، ونفذ الجيش الأميركي مع “بريطانيا” و”هولندا” (5) ضربات جوية ضد تنظيم (داعش) في “العراق” (الثلاثاء) و(الأربعاء).
وهذه الحملة العسكرية الشرسة ضد (داعش) مصحوبة بحملة إعلامية واسعة النطاق من شأنها أن تمنع أي تعاطف معها داخل البلدان العربية والإسلامية، ولكن تبقى كثير من المخاوف والهواجس ما تزال تطل برأسها في بلاد النيلين لإعتبارات كثرة التيارات الدينية المتشددة التي يمكن أن تقود جماعاتها سوقاً إلى مساندة مثل هكذا تنظيم.فهل تستطيع خيول أبو بكر البغدادي الوصول حتي أسوار الخرطوم وكسب تعاطف بعض السودانيين في ظل الهجمة الشرسة ضد التنظيم الاصولي ؟
المحلل السياسي “بشير الشريف” رغم مخاوفه المماثلة التي أبداها إلا أنه استبعد في الوقت الحالي أن يعلن تنظيماً لـ(داعش) من داخل الأراضي السودانية، فهو يرى أن التسامح الديني والطبيعة المسالمة للشعب السوداني كفيلة بأن تقمع أية أفكار قد تطل برأسها مساندة لتنظيم الدولة الإسلامية، ومضى في حديثه لـ(المجهر) قائلاً: إن تجذر قيم الإسلام في أوساط السودانيين وتسامحه يمكن أن يمثل حائط صد قوي ضد أي إعلان مرتقب لهذا التنظيم، لافتاً إلى أن الكثير من المتشددين سوف يفكرون عشرات المرات قبل أن يعلنوا مباركتهم لما تفعله جيوش تنظيم الدولة الإسلامية.
إسلاميون ضد (داعش)
ورغم أن جماعة محدودة أعلنت نفسها باسم جماعة الاعتصام بالكتاب والسنة في البلاد تأييدها لـ(داعش)، وقالت إن قيام إخواننا في الدولة الإسلامية في بلاد “العراق” و”الشام” بهذا الواجب العظيم وإعلان الإمامة العامة والخلافة الجامعة لأمة الإسلام واضطلاعهم بهذا الفرض الخطير لهو عمل صالح، إلا أن مراقبين أكدوا أن أثر هذه الجماعة لن يتخطى أسوار مقرهم الذي أذاع بيان التأييد، كما أن الجماعات الإسلامية المعروفة وقفت بشدة ضد (داعش)، فقد هاجمت جماعة أنصار السنة المحمدية (داعش) ووصفتها بأنها حركة شيعية لا وجود لها بالسودان، ولا يوجد لها اتباع فيه. وترمز حروف مسمى التنظيم المتشدد إلى اختصار (الدولة الإسلامية في العراق والشام).
وبرأ وزير السياحة السوداني، ممثل الجماعة في الحكومة، “محمد عبد الكريم الهد”، السودان من وجود أتباع لحركة (داعش) أو مؤيدين له معروفين.
وقال “الهد” إن موقف جماعته الوقوف ضد من يحارب المسلمين، وتابع: “رغم أننا ما زلنا نشكك في الحركة التي أجهضت الثورة السورية، إلا أن (داعش) حركة شيعية لا وجود لها في السودان”، وذات الموقف أظهرته الرابطة الشرعية لعلماء المسلمين في السودان، وأعلنت رفض هذه (الدولة)، بل نشر على موقع شبكة الهداية التابع له على الإنترنت مقالاً بعنوان (إعلانُ الخِلافةِ الإسلامية رؤيةٌ شرعيَّةٌ واقعيَّةٌ) بتاريخ 14 أغسطس 2014م، جاء في إحدى فقراته: “باستعراض التاريخ الإسلاميِّ يَظهر جليًّا كثيرٌ من إعلانات الخلافة الوهميَّة، سواءً عن طريق الدَّعوات المزعومة بالمهديَّة، أو عن طريق فِرَق الخوارج الضالَّة؛ وهم أكثرُ النَّاس تلهفاً للخلافة، لكنْ بغير هُدًى ولا كتابٍ منيرٍ”، ويواصل المقال: “ويبدو والعِلم عند الله أنَّ هذه سِمةٌ لهم، أمَّا أهلُ السُّنَّة والجماعة فلا يُثبتون اسم الخِلافة، أو الإمامة العظمى إلَّا لِمَن ثبتَتْ له الولاية على جُمهورهم، بالاختيار أو التغلُّب، في شتَّى بِقاع المسلمين، وأمَّا مَن بُويع من أهل قُطْرٍ واحد، أو تغلَّب عليه، فقد ثبتَتْ ولايتُه عليهم، دون ولايتِه على مَن لم يبايعْه أو يتغلَّب عليه، وهكذا نشأتْ مسألة تعدُّد الأئمَّة التي سبَق ذكرُها آنفاً، وليستْ هذه المقالة مسوقةً لمناقشتها جوازاً، ومنعاً”.
وفي سياق آخر، أورد المقال كذلك: “فلا يصحُّ لأيِّ جِهة أن تُعلن خِلافتَها على كافَّة المسلمين، وتُنصِّب إمامًا من عندها، ثم تطلُب من جميع المسلمين في كلِّ أنحاء الأرض أن تُبايعَه خليفةً للمسلمين، وهي لم تتمكَّن بعدُ، ولا تستطيع أن تَحميَ القريب منها، فضلاً عن البعيد عنها، فهذا عبثٌ وحماقة، فإقامة الخلافة لا تكون بمجرَّد الادِّعاءِ والإعلان؛ فأيُّ قِيمة لإعلان ليس له حقيقةٌ في الوجود؟!”.

شريط دموي
الذاكرة الجمعية السودانية ما تزال تحتفظ بكثير من الحنق والغضب على أحداث دامية شهدتها البلاد قبل سنوات أودت بحياة الكثير من الأبرياء لهجمات نفذها متشددون كان أبرزها الهجوم الذي شنَّه المدعو “محمد عبدالله الخُليفي” (ليبي الجنسية عاد من أفغانستان) نهاية العام 1994م على مسجد لأنصار السنة المحمدية بالثورة الحارة الاولي في مدينة أم درمان عقب أداء المصلين لصلاة الجمعة، وأودى بحياة (25) من المصلين بجانب وقوع عشرات الجرحي . وتكرَّر هذا المشهد التراجيدي نفسه بعد ست سنوات، حيث شهدت أم درمان حادثة الجرافة في عام 2000م عندما هاجم رجل يُدعى “عباس الباقر” مسجداً لأنصار السنة أثناء صلاة التراويح وقتل (27) شخصاً وجرح نحو (10) آخرين.
وهذه الأحداث الدامية يبدو أنها نبهت أعين السودانيين باكراً إلى خطورة تغلغل التيارات الدينية المتشددة داخل المجتمع السوداني المعروف بتسامحه حتى على أعتى الديكتاتوريات التي تقف تسومه سوء العذاب، ولكن هذا التسامح لن يمنعه من أن يكون يقظاً تجاه أية محاولات متشددة جديدة لاختراقه وهو ما أشار له “الشريف” بقوله إن قيم الوسطية والإعتدال التي يتمتع بها غالبية السودانيين في تعاطيها مع الأديان تجعله يستنكر حتى مجرد الاعتداء على من يخالفونه في العقيدة الذين يعيشون الآن داخل الخرطوم آمنين مطمئنين، معتبراً أن القضاء على تنظيم (داعش) والحرب التي تشنها عليه جهات دولية كفيلة بأن تقضي أيضاً على أي تأثير فكري سلبي محتمل خلال الفترة المقبلة

المجهر السياسي
خ.ي

[/JUSTIFY]
Exit mobile version