أفسدت السياسة تجارب الكثيرين من أصحاب المهن، وطلق عددٌ كبير من المهنيين خبراتهم وتخصصاتهم وراء وميض المناصب الدستورية العريض المدى، البعيد اللمعان.. وكلما اقترب تعديل وزاري يساور الوزراء شك مقيم ويتساءلون أمرهم بينهم، هل سيعودون لمهنهم السابقة أم يسبق عليهم الكتاب فيبقون في مواقعهم ذاتها..
والآن مع اقتراب التعديل الوزاري الذي سيكون كما يقال شاملاً وكبيراً وتحولاً ضخماً في مسار المؤتمر الوطني، وقد يشهد يوم الأربعاء القادم في اجتماع المكتب القيادي للحزب، إسدال ستار على مشاركات طويلة لعدد من الوزراء ظلوا في مواقعهم لعدة سنوات دون أن يطولهم أي تغيير ولأكثر من دورة دون تبديل…
ويقول صديق ساخر، ليت الوزراء الحاليين يغادرون إلى مواقع مهنية سابقة أو آفاق عمل جديدة وفق ما كسبوه من تجاربهم وخبراتهم في مقاعدهم الوزارية.. وقال ما يلي متسائلاً ومقترحاً فقط:
– هل سيعود د. عوض الجاز مرة أخرى من وزارة الطاقة إلى علم الإدارة الذي تخصص فيه، أم يتجه لكراسي الأستاذية في إحدى الجامعات، أم يتلقفه مديراً عاماً أحد البنوك خاصة تلك التي عمل فيها سابقاً، أم يسجل شركة خاصة تعمل في مجال النفط وخدماته، ينثر عصارة تجاربه الإدارية والعلمية والعملية، يداري وجهه من أضواء السياسة والعمل التنفيذي ويحمد الله على ما وفقه فيه من عمل؟
– من المتوقع أيضاً أن ينشئ الفريق أول عبد الرحيم محمد حسين مكتباً استشارياً هندسياً في مجال تخصصه في هندسة الطيران، مع قسم خاص بالهندسة المعمارية، يدير من خلاله عملاً خاصاً في الإنشاءات والمقاولات..
– سيتجه د. المتعافي بلا شك إلى الاستثمار في مجالات متعددة وقد ينشئ شركة خاصة تعمل في مجال الحلول المتكاملة واستيراد المعدات الزراعية ونقل التقانات الحديثة، بجانب فتح عيادته في ليالي الخرطوم الطويلة بعد أن يكون قد شعر بالفراغ الذي خلفته ما تعوده من الاجتماعات التنفيذية والسياسية والحزبية الطويلة، ولا شيء يسد الفراغ ليلاً إلا مزاولته لمهنة الطب واختياره عيادة أنيقة يقتل بها الوقت ويستمع لثرثرات بعض المرضى المتوهمين المتمارضين، ويتجاذب الأنس اللذيذ مع أصدقاء الأمس.. زملاء الدراسة أولاد بحر أبيض والدويم..
– وسيعود د. مصطفى عثمان بلا شك، لقاعات التدريس بكليات طب الأسنان، وكما توقع له السفير السابق هاشم السيد، سيختار موقعاً في شارع القصر ليدير منه مركزاً متقدماً في معالجة الأنسان، سيحدد فيه يومين في الأسبوع لعيادته والأيام الأُخر يكتب فيها مذكراته أو دراسات وكتب جديدة عن السياسة العربية ووقائع عاشها في قيادة الدبلوماسية السودانية والاستثمار..
– ولن يجتهد علي محمود وزير المالية كثيراً، فإما أن يعمل في مجالات الصادر وخاصة تجارة الماشية، أو يعود للصيرفة والبنوك من جديد، أو يتجه مثل وزير المالية الأسبق عبد الرحيم حمدي لإنشاء مكتب للاستشارات المالية والاقتصادية، مع قضاء أوقات من السنة في بادية التعايشة بجنوب دارفور، بين الفرقان وثغاء الأبقار، يسجل أهم ملاحظاته وتوثيقه لأدق فترات الاقتصاد السوداني حرجاً قاد فيها وزارة المالية..
– الوزير علي كرتي كما هو معلوم عنه بصمته البليغ ف«حمدو في بطنه»، سيعود أدراجه للسوق لمتابعة تجارته، وقد يرجع حليقاً كما دخل الوزارة أول مرة، ويمكن أن يشكل تحالفاً مع شركة المقاولات لصاحبها عبد الرحيم محمد حسين ليكون علي عبد الرحيم الإنشاء وعلى كرتي الأسمنت ومواد البناء.. وسيكون هذا أخطر تحالف على السجانة!
– بكل خبراته القانونية وأدبه الرفيع، فإن القطاع القانوني سيسجل بإعجاب لا حد له، الأداء المتميز لمكتب المحاماة الذي سيفتحه مولانا محمد بشارة دوسة وزير العدل بشارع الجمهورية أو في العمارات، مع مساهاماته الاستشارية في قضايا حقوق الإنسان ورفده لعدد من المراكز الحقوقية بدراسات وإفادات قيمة في هذا المجال، وقد يتولى منصب رئيس مجلس شورى الزغاوة أو يتم التنازل له ليكون سلطان الطينة السودانية والتشادية معاً!
– تنتظر كمال عبد اللطيف في الأرجح، قيادة أكبر منظمة طوعية تعمل في مجال ترقية الأداء وتطوير القدرات التنفيذية للعاملين في قطاعات حيوية كثيرة، غير أنه سيعاني من طول ساعات اليوم التي كان يقضيها في مهامه الوزارية والتنفيذية بلا انقطاع..
– أما أسامة عبد الله، فسيتفرغ لمتابعة أنشطة المراكز البحثية التي شارك في قيامها ويتابع فرق الدراسات المختلفة، أو يعود إلى جزيرة مساوي لزراعة أرض أجداده هناك وتطبيق تجربة عملية في الإنتاج الزراعي وتصديره عبر مطار مروي الدولي..
– ويختلف البعض في الفريق بكري حسن صالح.. هل سيبقى، أم يتفرغ لمزرعته بالخرطوم ومزرعة التمر في الشمالية؟ فمزرعة الخرطوم كانت صغيرة وبسيطة يشاركه فيها صديقه عبد الباسط سبدرات!
– البقية تأتي…
[/JUSTIFY]
أما قبل – الصادق الرزيقي
صحيفة الإنتباهة