فتاوى هز البطن السوداني..
استغرب واستهجن كثيرٌ من الناس وعقدت الدهشة حواجبهم، مطالبة أحد كوادر المؤتمر الوطني في أمانة الفكر والثقافة كما جاء في حديثه لصحيفة «السوداني» في عددها الصادر أمس الجمعة، بفتح بلاغات ضد الشيخ كمال رزق خطيب مسجد الخرطوم العتيق، والنائب البرلماني دفع الله حسب الرسول، لانتقادهما حفل استعراض المواهب الذي أقامته وزارة الثقافة والإعلام بالتعاون مع السفارة الأمريكية الأسبوع قبل الماضي..
كون الحفل كان مخصصاً للرقص الاستعراضي والتعبيري، وإبراز مواهب الشباب السوداني كما يُقال، وكانت فيه ظواهر وممارسات غريبة ودخيلة على تقاليد وقِيم الشعب السوداني وتخالف الشرع، فذلك أمرٌ لا يختلف فيه اثنان.. وأما التقدير في من يتحمل جريرة إقامته والسماح به، فتلك مسألة لا تحتاج لكثير عناء..
لكن المحزن هو النهج التبريري الضعيف والمتخاذل من نائب أمين الفكر والثقافة بالمؤتمر الوطني، الذي لوى عنق كل الأحكام الشرعية في مثل هذه الأفعال وما يجوزها وفق الضرورات التي تُقدَّر بقدْرها، وأجهز مسؤول الفكر والثقافة بالمؤتمر الوطني كذلك على القواعد الفقهية التي يتوجب بها سد الذرائع والأخذ بالعزائم ليكون مقدماً على جلب مصالح ثانوية، خاصة في وضع مثل أوضاع بلادنا..
ومن العجيب والمثير حقاً أن يدافع مسؤول الفكر والثقافة بالمؤتمر الوطني عن نشاط بعثة فنية أمريكية حضرت من أقاصي الدنيا البعيدة لتدرب صبايا وصبيان السودان رقص البريك دانس ورقص الشوارع في أمريكا وموسيقا الراب والهيب هوب والجاز كما في الحانات وحواري المخدرات الضيقة في المدن الأمريكية، في وقت تمنع فيه الولايات المتحدة الأمريكية عن السودان الدواء والعلم والمعرفة والبرمجيات وتطبق أكثر العقوبات ظلماً في التاريخ البشري.
وطالب هذا المسؤول الذي يخالف هنا آراء الفقهاء بل رأي الدين نفسه، برفع الحصانة عن النائب دفع الله حسب الرسول، ونسي أن دفع الله في موقع محتسب رسمي، بعضويته في البرلمان والشيخ كمال رزق أيضاً محتسب، ويحق لأي مواطن مسلم أن يفتح بلاغاً ويقوم بذات الدور في منع الضرر ورفض مثل هذا الحفل مهما حاولت هذه العقلية المتساهلة المفرِّطة أن تبرر له.
والأدهى والأمرّ أنه طالب بمحاسبة أئمة المساجد ووضع ضوابط لهم كما توضع الضوابط للصحف وأجهزة الإعلام، وهذا والله الجهل نفسه، فهل أئمة المساجد يقولون ما يقرر الشرع وأحكامه أم ينطقون عن هوى، وهل الحرص على نقاء المجتمع ومنعه من السقوط في فخ الاستلاب الثقافي والفكري والاختراقات للشباب والتحذير منه وانتقاده يكون سبباً لمقاضاتهم ووضع ضوابط لهم ورفع الحصانة عنهم..
إذا كان مسؤول الفكر والثقافة بالمؤتمر الوطني، لا يعرف تاريخ ومنشأ موسيقا الجاز والراب والهيب هوب وكيف ظهرت مسابقات رقص الشوارع ومواهب الشباب دون الثامنة عشرة في المدارس والمؤسسات التعليمية الأمريكية ومغازيها ودلالاتها، وارتباطها كما ارتبطت موسيقا الريقي بعقائد منحرفة مثل الراستافارايز وتدخين الحشيش، لقد ارتبط الرقص الذي جاءت منظمة «ي س» الأمريكية لتدرب شبابنا عليه بالإيحاءات الجنسية الواضحة والتهويم لإغراق الراقص في اللاوعي الذهني والشعوري ورميه في حالة انعزالية مرضية لا فكاك منها ولا شفاء..
وهناك ترهات كثيرة وردت في أحاديث مسؤول الحزب الحاكم وبعض مسؤولي الثقافة والفنون في بلادنا، حواها تقرير أعدته صحيفة السوداني في عددها أمس، تمجد هذه الأحاديث زيارة خبراء الرقص الأمريكيين ويصر من نظموا هذا الحفل الماجن أن الشباب السوداني يشهد انطلاقة نحو العالم الجديد… هل تعليم أولادنا وشبابنا الرقص الأمريكي سيقودنا للعالم والتواصل معه؟!..
إلى هذه الدرجة والمستوى نعرف لماذا نحن نتراجع خطوات للخلف؟
الخط الصفري..
انتهت الجولة الخامسة من اجتماعات اللجنة الأمنية المشتركة بين السودان وجنوب السودان برئاسة رئيسي هيئتي الاستخبارات العسكرية في البلدين، دون أن يتم اتفاق على الخط الصفري المؤقت، لبدء تنفيذ الاتفاقية الأمنية ومصفوفتها بين البلدين… وإقامة المنطقة المنزوعة السلاح التي ستُحدَّد وفقاً للخط الصفري..
ويبدو أن القضايا المختلف عليها لم يحدث فيها تقدم، كما أفاد مقرر الجانب السوداني د. المعز فاروق بوجود إشكالات في موضوع الخط المؤقت.. واتفق الطرفان على توصية تلتئم بموجبها اللجنة السياسية الأمنية المشتركة لمناقشة هذه القضية والنقاط الأخرى في حضور الآلية الإفريقية رفيعة المستوى برئاسة الوسيط ثابو مبيكي..
كما قلنا في السابق لا بد من تغيير منهج عمل اللجان المشتركة فهي تغرق في التفاصيل والاتهامات المتبادلة والرد عليها من كل طرف للآخر، ويتطاول الزمن ويتمدد الوقت، يجب أن تكون الإرادة السياسية حاسمة وفاعلة وقاطعة حتى يتم التوصل لاتفاق نهائي!
إثيوبيا وإريتريا في السودان..
بعد أن حل الرئيس الإريتري أسياسي أفورقي في ولاية البحر الأحمر في زيارة استغرقت عدة أيام بالبلاد، من المتوقع أن يحل بالخرطوم خلال الأيام القادمة رئيس الوزراء الإثيوبي هايلي ديالسين.. يقود وفد بلاده في اجتماعات اللجنة الوزارية المشتركة، وهي زيارة مهمة تترافق مع افتتاح الخط الناقل للكهرباء المشتركة بين البلدين..
ارتباط المصالح والمنافع مع وجود أواصر التاريخ والجغرافيا بين السودان وجارتيه الشرقيتين، يفرض عليه مسؤولية كبيرة في تنقية الأجواء في المنطقة وتهيئة كل الظروف المناسبة للتصالح وطي الخلافات خاصة بين الجارتين إثيوبيا وإريتريا، وهذه المنطقة من العالم تمتلك إمكانات هائلة وعوامل تلاقٍ وتعاون تمكنها من النهضة والتقدم، والسودان اليوم واسطة عقد لا بد له من دور كبير يلعبه ليقدم النموذج لإفريقيا ويعود كما كان في السابق..
الجائزة القاتلة
«إنني دمرت العالم، وهأنذا أحاول إسعاده» عبارة الفريد نوبل، عندما قرر منح كل ثروته وإنجازاته العلمية في الجائزة التي حملت اسمه في مجالات العلوم المختلفة والسلام، اتخذها السعودي عصام عبد الله الطويان، في روايته الجديدة «الجائزة القاتلة» التي تعد من أخطر الروايات التي حاولت المزاوجة بين الحقائق والمعلومات والأسرار الدقيقة لجائزة نوبل والتقدم العلمي والمعرفي في العالم وما وراءه من أهداف، وبين القدرة الاستنتاجية والاستنباطية للخيال الأدبي.
الرواية تسرد سيرة طبيب نال جائزة نوبل يتعرض لاختطاف ليقوم بارتكاب جرائم ليتم الإفراج عنه، وتغوص الرواية هنا في خبايا وسراديب التقييم والتقويم العلمي والكشوفات الطبية الحديثة والمنظمات الدولية التي تعمل سراً على تطويع العلم والعلماء والأكاديميين في العالم لخدمة أهدافها للسيطرة والنفوذ والمال..
الروائي السعودي طبيب ومبدع له مساهمات أدبية وعلمية وأسلوب خاص في السرد وربط النص الإبداعي بالواقع وخيال جامح يشبه أفلام الخيال العلمي ويتجاوزه بما له من إلمام بمجالات علمية متعددة..
يكتشف القارئ لهذه الرواية التي صدرت حديثاً، أن العالم الغربي والدوائر المتحكمة في العالم، ليس لديها شيء محايد على الإطلاق..
[/JUSTIFY]
أما قبل – الصادق الرزيقي
صحيفة الإنتباهة