*حكاية من حلتنا ربما كانت أقرب وأبلغ لتوصيف حالة المعارضة السودانية، كانت هناك حفلة هائلة تقام ضحى تحت أشجار النخيل، وكان خالنا عثمان السيد في قمة (البسط)، وذلك لدرجة أن حدثته نفسه بتخريب هذه الحفلة تعبيراً عن مزاجية فرحته ومتعته أو قل أن يبلغ به الزهو بأنه قادر على وضع حد لهذا المحفل الجهير. والقصة هنا لا تحتاج إلى أكثر من إشهار عكازه (وسط الدائرة) وإحداث بعض الهرج والمرج أو من يستهدف المطرب، فهناك أكثر من حل لخراب الحفلات.
*في كل مرة كان يجد من يثنيه عن الإقدام لتخريب الحفلة، ثم لم يلبث أن ينهض ثانية، كان كبار القوم يجلسون على هامش هذا المشهد، وهمهم أن تنتهي هذه الحفلة على سلام، وكان من بينهم جدنا عثمان ود الشرق الذي لم يملك إلا أن يتوجه إلى بعض الذين يمسكون بعثمان وهو يتوعدهم بخراب حفلتهم، فقال ود الشرق رحمه الله (يا جماعة خلوه يخربها وإذا خربها الحايحصل لينا شنو)!
*ومعارضتنا السودانية تغيب فترة ثم لم تلبث أن تتوعدنا بأنها هذه المرة (ستخرب القصة كلها)، ثم تختفي ثم تعود لتقول العبارات ذاتها إسقاط النظام – في بعض الأحيان تقطع وقتاً معيناً وتستقطع أحايين أخرى طرائق بعينها (لخلع النظام) وتخريب هذا المحفل الحكومي، والخلاصة في كل مرة على طريقة (الجمل ماشي..) والمعارضة تدري أو لا تدري أنها بهذه الثقافة، ثقافة هجم النمر، هي التي تخسر وتزعزع الثقة في نفسها ومكوناتها لدرجة الاقتتال الداخلي الذي يدور الآن بين أبرز فعالياتها وكياناتها.
*هل تدرك المعارضة أنها (البديل الافتراضي) لهذه الحكومة القائمة، أي أنها حكومة الظل وعليه يفترض أن تسلك طريقاً آخر أكثر فعالية وحكمة.
*كأن تقدم في كل وهدة حكومية تصرفاً بديلاً محكماً، مثلاً في حالة التقاوى الراهنة التي قالت اللجنة إنها تعود إلى سوء التخزين، أن تنهض المعارضة عبر خبراتها وفنييها يساراً ويميناً ووسطاً بأطروحة تخزينية أكثر كفاءة وإحكاماً، نشهد بها نحن الجمهور، ويحكم عليها المحايدون على طريقة، أصابت المعارضة عندما أخطأت الحكومة، على أن (تخزين المعارضة) الذي طرحته بأسلوب رصين كان أكثر كفاءة من تخزين حكومة)، وأن بإمكانها إنتاج تقاوى لا تأتيها السوسة ولا ينبغي لها.
*على أن تخرج علينا المعارضة في كل صدر أسبوع بفكرة حاذقة بديلة لأفكار الحكومة التي يفترض أنها بالية وغير ذات جدوى.
*أن تطرح المعارضة بدائل لعمليات المواصلات والنقل والترحيل، وبدائل مقنعة في الحقل الزراعي والنفطي والصناعي، أن تقدم مشروعاً ثقافياً موازياً.
*باختصار شديد أن تقدم المعارضة (برنامجاً وطنياً شاملاً) فيه علاج لقضايا الاقتصاد والاحتراب والعلاقات الخارجية وتطوير الإنتاج وإصلاح الزراعة.
*فعلى الأقل إن المعضلة الآن كما تراها الجماهير ليست هي (إسقاط الحكومة)، القصة هي (تمساك المعارضة) وتجانسها، ثم برامجها البديلة المقنعة.
*أنا شخصياً، كاتب هذا العمود، لا أعرف للمعارضة غير وعيدها بأنها (ستُخرِّب هذه الحفلة)، لم أطلع على رؤيتها المتكاملة لإدارة البلاد في عصر ما بعد الإنقاذ.
*هنالك فرصة هائلة للمعارة في أن تقدم حلولاً وافية وشافية لكل أزمات البلاد، بدلاً عن هذه (الشتائم) التي تكيلها للمؤتمر الوطني، فليس بالشتائم تسقط الحكومات..
*شيء آخر لأحباب الملاذات في يوم ترفع فيه الأعمال الصالحات.. أسرة معرضة لفقد منزلها الشعبي لعجزها عن تسديد فقط أربعة آلاف جنيه.. التواصل عبر الهاتف 0912927899. والله لا يضيع أجر من أحسن عملاً.
ملاذات آمنه – صحيفة اليوم التالي