وحين أطلعت على تقرير الزميل خالد أحمد بـ(السوداني) عدد أمس، ذُهلت، فالتقرير القائم على دراسة أجراها نفساني بريطاني ومختص في العلوم السياسية من فلندا، تخلص إلى أن السودانيين هم الأقل ذكاء بين مُنتسبي الدول العربية، هذا التقرير أعاد إلى ذاكرتي دراسة كانت نشرتها يومية (حكايات) في العام 2008م، تقول إن بعض المجموعات (الإثنية) السودانية أعلى ذكاءً من غيرها، الأمر الذي جعل الدراسة تتعرض للكثير من السخرية والقدح في علميتها ومعاييرها الأكاديمية الصارمة التي استندت عليها للوصول إلى تلك النتيجة.
ولأن قياس الذكاء مسألة معقدة وشائكة تتضمن أخذ حزمة من المهارات في الاعتبار، كالقدرة على التحليل، والتخطيط، وحل المشاكل، والقدرة على التفكير المجرد، وجمع وتنسيق الأفكار، والتقاط اللغات، وسرعة التعلم. والقدرة على الإحساس والتعبير عن المشاعر، وفهم مشاعر الآخرين. فإن كثيراً من العلماء والأكادييمين والمؤسسات الراسخة في الدراسات والبحوث والاستقصاء، لا زالت تشكك بل، ولا تعترف بما يسمى بمعيار (IQ) لقياس الذكاء، وذلك لسبب بسيط هو أنه لا يوجد أحد حتى الآن استطاع تعريف ماهية الذكاء وأعطى بخصوصها تعريفاً محكماً ودقيق، لذلك فإن كثيرين (مؤسسات وأفراد علماء) يصفون آلية قياسة المشار إليها آنفاً بعدم القدرة على تحديد الأذكياء والأقل ذكاءً، خاصة وأن كل الدراسات العلمية التي أجريت في هذا الصدد أكدت تأكيداً قاطعاً بوجود أنواع كثيرة من الذكاء، وأن مثل هذه الاختبارات الـ(IQ) لا تمتلك الكفاءة والعلمية اللازمتين لتحديد مدى عبقرية شعب إزاء آخر.
على كلٍّ، فإننا لن نطلب للعالمين اللذين أجريا الدراسة أن (يبلوها ويشربوا مويتها)، لكننا نريد التنويه إلى أن مثل هذه الدرسات التي لا تأخذ في إجراءاتها الجزء من الدماغ المتخصص في حقل بعينه تظل موضع شك وريبة، فبعض فأطفال السودان الذين الذين حازوا على مركز متقدم (ربما الأول) في اختبارات الرياضيات بماليزيا أذكياء بالتأكيد، لكنهم أذكياء في الرياضيات وربما يكون أداؤهم في حقول أخرى (مش ولا بد)، لذلك فإن هذه الدراسة ربما نظرت إلينا فوجدتنا نائمين في ذيل القائمة بالنسبة لأمور عديدة ، فقررت أن تقلق راحتنا وتتركنا في حالنا متشبثين بالـ(ضنب)، لذلك لا تقلقوا حيالها كثيراً.
الحصة الأولى – صحيفة اليوم التالي