إمنعوا هذه الفوضى المدمرة..

[JUSTIFY]
إمنعوا هذه الفوضى المدمرة..

الحرب دائماً ترمز إلى الشر مهما كانت نتيجتها لأي من الطرفين المتقاتلين، إذا ما كان أصلهما واحداً، ودينها واحداً وقضاياهما مشتركة، ولن تصبح الحرب ضرورة إلا في حالات الدفاع عن الدين أو الأرض أو العرض، هنا يصبح الموت شهادة، والقتال بطولة والصراع محمدة تروى جيلاً عن جيل.

فكرة الحرب لا يمكن أن تحاط بأوهام رومانسية، مثلما قرأنا في مراحل دراستنا الوسطى والثانوية، لكبار الكتاب الغربيين، مثلما جاء في مسرحية «الرجل والسلاح» لأحد أعظم الكتاب البريطانيين، جورج برنارد شو»، الذي وثّق لفكرتين هما فكرة «الحرب» و«الزواج». ومثلما طالعنا ضمن القراءات الحرة رواية «حد الموسى» للكاتب الكبير «سومرست موم» والذي قصد به رمز الصواب الذي يبلغ في حدته حد الموسى من كتب كانت تتوفر ضمن المقررات المدرسية بلغاتها الأصلية، أو ضمن المكتبة المدرسية المتاحة للجميع.

فكرة الحرب في بلادنا ترتبط بواقع مرير نتيجة الموت المجاني، والقتل العشوائي، والمشاعر العدائية المجنونة، التي تتحكم في صاحبها ولا يتحكم فيها، وتكون أصابعه دوماً على زناد البندقية تضغط حتى الموت، وتخلّف الغبن والمرارات والضغائن والأحقاد التي لن يخففها مرّ السنين، ولا وثائق السلام والمصالحات الممهورة بالدم والدموع.

نحن الآن نعيش في فوضى ما بعد الحرب.. نعم.. كانت هناك حروب توزعت ميادينها ما بين دارفور وجبال النوبة إلى جبال الأنقسنا وبعض مناطق الشرق، واستطاعت حكمة الرجال لدى الأطراف المتقاتلة أن تلم بكامل المأساة، لذلك نبعت إرادة السلام، واتجه كثير من المقاتلين إلى ساحات المصالحة والتوافق الاجتماعي والوطني، فكانت هناك أكثر من اتفاقية للسلام، لكن البعض نكص عنها وتراجع، مثلما في حالة كبير مساعدي رئيس الجمهورية السابق السيد «مني أركو مناوي» وبعض قادة حركته، وعدد من الذين وقعوا على اتفاقيات السلام، ولم تدرس الحكومة الحالة ولا أسباب الردة، ولم يقدّم الذين تراجعوا عن السلام حيثيات مقنعة، بقدرما قدموا اتهامات للحكومة بـ«التهميش» والإقصاء كأنما المطلوب هو إلقاء السلاح فقط، دون مقابل، وتقديم التنازلات بلا ثمن.

الحكومة الآن توقع سلاماً مع حركة متمردة أو فصيلاً منشقاً عن حركة متمردة، وبدلاً من أن تعيد دمج هؤلاء المتمردين وحملة السلاح في المجتمع، تعمل على إسكانهم وإيوائهم وسط الأحياء وداخل المدن، ولا زالت عقولهم تنتج أفكار الحرب والقتل والدمار، ولا زالت أيادي أولئك الذين خرجوا عن التمرد، تمسك بالبندقية.

بالأمس وقعت حادثة مؤسفة، تؤكد ما ذهبنا إليه، إذ وقع صدام بالقرب من مقر «آخر لحظة» بين فرد من قوة نظامية وبين آخر من قوة «غير نظامية» عائدة للشرعية، وكاد الأمر أن يتطور، لو لا حكمة البعض وتدخلاتهم.. وتنفس الجميع الصعداء وقالوا بلسان رجل واحد «الله.. سلّم».

نطالب الحكومة بأن تخصص معسكرات خارج الأحياء والمدن لاستقبال أفراد هذه الحركات العائدة من التمرد، حتى يعاد دمجها في المجتمع من جديد.. وإلا فإنها الفوضى.

[/JUSTIFY]

بعد ومسافة – آخر لحظة
[EMAIL]annashir@akhirlahza.sd[/EMAIL]

Exit mobile version