* في موازنة 2014 قلتم إنكم ستنتهجون سياسة سعر الصرف المرن المدار، هذه السياسة لم تطبق حتى الآن بشكل واضح، هل هنالك تخوف منها؟
– سياسة سعر الصرف المرن المدار مطبقة الآن، لكن يجب أن تكون هنالك مرونة أكثر في السعر المرن نفسه، ويجب أن نعمل على تقليص الفجوة بين السعر في السوق الموازي والسوق المنظم، وهنا أيضا هنالك مضاربات، المضاربة كبيرة والسعر الموجود الآن بالموازي إذا قمنا ببيع أي سلعه من خلاله فستخسر، وهذا معناه أن هنالك مضاربة في السعر وهنالك طلب غير طلب الاستيراد على البضائع، من قبل أولئك الذين بدأوا يتخذون من النقد الأجنبي مستودعا للقيمة ويحولون مدخراتهم من النقد المحلي للنقد الأجنبي فخلقوا طلبا إضافيا، عنصر المضاربة في السعر مازال كبيرا.
* ولكن أصبع الاتهام دائماً ما يشير للحكومة بأنها أكبر مشترٍ للنقد الأجنبي من السوق الموازي؟
– هذا غير صحيح، الحديث على إطلاقه بهذا المستوى غير صحيح، الحكومة الآن -خاصة بعد تطبيق اتفاقية التعاون مع الجنوب- دخلها ارتفع من النقد الأجنبي من رسوم العبور ومن الترتيبات المالية الانتقالية، ودخلها من النقد الأجنبي من رسوم عبور نفط الشركات المنتجة بالجنوب، كل هذا تبيعه للبنك المركزي بالسعر المنظم، واستخداماتها تؤخذ بالسعر المنظم، ولذلك فإن الحديث بأن الحكومة هي أكبر مشترٍ للنقد الأجنبي غير صحيح.
* حسناً، لاتزال هنالك أيضاً مشاكل المستوردين الذين يلجأون للسوق الموازي من أجل توفير احتياجاتهم لأن المصارف لا تفتح لهم خطابات اعتماد للاستيراد؟
– بالنسبة للمستوردين هنالك مفهوم خاطئ بأنه يجب أن المركزي والمصارف أن تقوم بتوفير النقد الأجنبي وهذا غير صحيح، القطاع الخاص في شكل مصدرين هم الذين يوفرون النقد الأجنبي، المركزي لا يطبع دولارا بل يطبع نقدا محليا ولذلك يأتي النقد الأجنبي من عائد الصادر وتحويلات المغتربين ومن تحويلات الاستثمار الأجنبي، هذه هي موارد النقد ومصادره ليس من ضمنها أن توفر الحكومة نقدا أجنبيا للمستوردين، إذا كان ذلك متاحا فأين المشكلة؟ لاشتغل كل الناس مستوردين، هذا مفهوم خاطئ جدا عند القطاع الخاص في السودان، لابد من الاتجاه للصادر بدلا عن الاستيراد لتوفير النقد الأجنبي وتوفير موارد للاستيراد، لذلك سيركز البرنامج الخماسي على هذه المسألة، لابد من زيادة الإنتاج وزيادة الصادرات لزيادة دخلنا من النقد الأجنبي، ولذلك ركز البرنامج على الصناعات الاستخراجية والصناعات التحويلية خاصة الأولى لأنها مرتبطة بالنفط والمعادن وهي سريعة العائد لأنها تذهب للصادر وليس كلها للاستهلاك المحلي حتى المواد الخام في القطاع الزراعي إذا صنعناها يمكن تصديرها بقيمة مضافة ستعمل على زيادة حصيلتنا من النقد الأجنبي، وهذا هو المخرج الحقيقي لذلك سيكون شعار البرنامج الخماسي (الإنتاج والتصدير أو الموت) أمة تستورد أكثر مما تصدر وتستهلك أكثر مما تنتج ماذا تتوقعون النتائج؟ حتى إذا جاءت عشرون حكومة النتيجة واحدة لا يوجد مصدر أو رجل أعمال يتحدث من اليوم عن أن الحكومة ما وفرت النقد الأجنبي.
* هنالك خبراء يصفون الاقتصاد بأنه مشوه وأنكم تمسكون العصا من المنتصف بمعنى أنه ليس اقتصادا محررا ولا اقتصادا تحكميا؟
– غير صحيح، التحول حدث منذ العام 1992، بدأ التحول من الاقتصاد التحكمي إلى اقتصاد السوق الحر، الآن ليس هنالك تحكم في الأسعار ما عدا بعض السلع المدعومة فقط وهي المواد البترولية والخبز وإلى حد ما الكهرباء، لكن بقية السلع كلها حرة آخر شيء كان السكر والآن تحرر، مع أن هنالك جهات الآن تسعى لأن تقع الحكومة مرة أخرى في شرك دعم السكر وتسعيره.
* ما هي هذه الجهات؟
– بعض اللوبي الذي يسعى لأن تعود الحكومة لدعم السكر ولكن أنا أؤكد لك وأنا وزير المالية موجود لن تدخل الحكومة مرة أخرى في دعم السكر، والحرية بين المنتج المحلي والاستيراد تحددها قوى السوق، لن يوجد دعم مرة أخرى ونحن نريد أن نتحرك بالتدريج ونتخلص من الباقي، (نقوم نرتد مرة أخرى وندخل سلعا للدعم؟ “نحن مشينا خطوات كبيرة في التحرير؛ الحكومة خرجت من عدد من المؤسسات ونسعى لخروجها من بقية المؤسسات والشركات الحكومية، وتخصخص بأن تخرج الحكومة وتملك للقطاع الخاص”.
* هنالك حديث عن رفض البرلمان لخصخصة سبع شركات.. لماذا تسعى الحكومة لتصفيتها؟ وما هي هذه الشركات؟
– لا توجد سبع شركات رفض البرلمان تصفيتها، البرلمان تساءل عن وجود سبع شركات في برنامج الخصخصة في موازنة 2014، البرلمان لم يرفض بل يتساءل عن ما هي الشركات ووضحنا أن هنالك بعض شركات السكر وما تبقى من الخطوط البحرية وأوضحنا لهم أن الشركات الموجودة في برنامج الخصخصة في قطاعات خدمية مثل مساهمة الحكومة في فنادق وفي بعض البنوك التجارية، برنامج الخصخصة برنامج متواصل سنسعى به إلى أن يصل مداه بإسناد النشاط للقطاع الخاص وقطعنا شوطا في هذا البرنامج وتوجه السياسة هو تحرير النشاط الاقتصادي وتقوية القطاع الخاص.
* لكن ليست الخصخصة دائما ناجحة في إطار شركات كبيرة، سودانير نموذجا؟
– إذا كانت هنالك أخطاء في الخصخصة فليس معنى ذلك أن مفهوم الخصخصة خاطئ، مفهوم الخصخصة مفهوم اقتصادي لتحويل النشاط من الاقتصاد التحكمي إلى النشاط الحر الذي تحكمه قوى السوق من عرض وطلب وعدم تكبيل وحجر الحرية الاقتصادية ومنع مبادرات القطاع الخاص أو الحد منها، لذلك يفترض أن نذهب في المنهج لا أن نتحدث عن بعض الممارسات الخاطئة لنرتد من المنهج نفسه ويجب أن نصحح الممارسات الخاطئة في الخصخصة وننطلق نحو خصخصة الاقتصاد بخطى متقدمة حتى نستكمل مسألة التحرير بصورة كاملة.
* هنالك ضرائب سرية تفرض دون علم المواطن الذي يستشعرها في زيادة أسعار بعض السلع؟
– ليست هنالك ضرائب تفرض دون قانون، والقانون الأساسي لفرض الضرائب هو الموازنة، وفق قانون الضرائب والجمارك، الحديث عن أن الحكومة تفرض ضرائب دون قانون هذا غير صحيح، وأنا مسؤول عن هذا الحديث وأنا وزير للمالية، هذا حديث غير دقيق، إذا كانت هنالك جهة تفرض ضرائب غير قانونية يجب مقاضاتها، الدولة كونت لجنة لمحاربة أي رسوم أي قانونية وفرض رسوم خارج الموازنة أو صرف خارج الموازنة، لذلك حدث الآن تنظيم أكبر للمالية العامة من خلال خطوات التي تم اتخاذها في موازنة 2014 وما سبقها في العام 2013 في مسألة وحدة الموازنة وتعبئة إيرادات داخل وعاء الإيرادات القومي والصرف منها بصورة موحدة على كل أوجه الصرف المرتبة حسب الأولوية.
* هل يعني هذا أن وزارة المالية تولت ولايتها على المال العام بصورة كاملة؟
– نعم، أنا اتخذت عددا من التدابير دون ضوضاء وأقفلت حسابات الجهات الحكومية التي تفتح حساباتها في البنوك التجارية واتبعت إجراءات صارمة في مسألة تحصيل الإيرادات مع كل الجهات التي كانت بها مظان في هذه المسألة، وتم تقنين هذه المسألة وتم وضع اليد على أي موارد والإحاطة بها ودخولها إلى داخل الوعاء ثم التصرف فيها من دخل الموازنة لأوجه الصرف الأخرى.
* سعادة الوزير، هل أنت راض عن أدائك خلال الفترة التي جلست فيها على كرسي المالية؟
– إلى حد كبير، ما تحقق في موازنة العام 2014 حتى النصف الثاني هذا مرضٍ ليس بشهادتي بل بشهادة صندوق النقد الدولي الذي قام بتقييم الأداء الاقتصادي للربع الأول وللربع الثاني وأصدر تقريرا مفصلا عن هذا الأداء وأشار بوضوح إلى الإيجابيات الكبيرة التي تحققت في الأداء الاقتصادي، ولذلك هنالك تقدم محرز في جانب الأداء الاقتصادي من حيث التعافي ومن حيث الابتعاد عن مركز الصدمة التي تعرض لها الاقتصاد وفي السعي نحو إعادة الاستقرار واستدامته في الفترة المقبلة.
* ما هي أبرز الإنجازات التي تعتبرها كبيرة في هذه الفترة؟
– الزيادة الكبيرة في الإيرادات، وأنا شكلت مجلسا أعلى للإيرادات أسهم مساهمة كبيرة جدا، دون أن نفرض ضرائب جديدة، في زيادة الإيرادات الضريبية بزيادة التحصيل والجهد الضريبي وترشيد الإعفاءات ومحاربة جزء من التهرب الضريبي والجمركي، ولذلك حدث تحسن في زيادة الإيرادات ودونكم الأرقام التي يمكن تحليلها ويمكن أن تسألوا إذا حدث أي تأخير للمرتبات خلال هذه الفترة أو تأخير لتحويلات الولايات أو الدعم الاجتماعي، كل هذه المسائل حدث فيها تطور ليس كاملا بنسبة 100% ولكن بمستوى جيد ومعقول جدا.
* هل يمكن أن يستقيل وزير المالية؟
– نعم سأستقيل في حالة وقوف أي جهة ضد السياسات التي أطرحها وإذا عجزت عن إنفاذ هذه السياسات بموجب أي عمل آخر مضاد، ولذلك أقول بوضوح إن الدعم المقدم لي من الأخ الرئيس في هذا المجال دعم كبير جدا وأكثر من كل الوزراء، لم يحدث أنني ذهبت للرئيس في قضية خلافية إلا ووقف مع وزير المالية في السياسات، وأيضا من النائب الأول، لذلك إذا تناقص الدعم الذي أجده أو شعرت أنه غير كاف عندها يتوجب الاستقالة أو الإقالة.
* ماذا عن تمويل المالية للانتخابات؟
– بدأنا في تمويل الانتخابات والإيفاء بالتزاماتها وهذا ناتج عن زيادة الإيرادات وهنالك بند موجود لتمويل الانتخابات في الموازنة تم الإيفاء به والبند الموجود حسب اتفاقي لمتأخرات المرتبات لاتحاد العمال دفعته، أليس في هذا دليل على الأداء المرضي الذي تحقق في الفترة السابقة؟.
* هنالك اتهام بأن الحكومة تقوم بدعم مؤتمرات حزب المؤتمر الوطني؟
– هذا غير صحيح، وأتحدى أي شخص يقول إن المالية دفعت للمؤتمر الوطني واتحداه أن يأتي بالشيك أو التصديق على دفع شيء للممؤتمر الوطني، الوطني يمول بمساهمات أعضائه حتى نحن الوزراء ندفع 5% من دخلنا مساهمات، أي حزب الذي تدفع عضويته مساهمات من دخولهم فأنا كوزير مالية وعضو في الحزب أدفع 5% من دخلي الشهري وتخصم مني وهذا عربون التزامي في الحزب ولذلك المؤتمر الوطني بمساهمات أعضائه واشتراكاتهم واستثمارات الحزب، هو قادر على تمويل أنشطته ويجب أن تسعى الأحزاب الأخرى بنفس المسعى وتزيد من إيراداتها الذاتية لتمويل نشاطها السياسي.
اليوم التالي
خ.ي