على غير العادة في مثل هذه المواقف المتكررة بين الخرطوم وانجمينا، جاء رد الفعل في مؤتمرصحفي هادئ من الخرطوم على هجوم ثلاث طائرات حربية تشادية وتوغلها داخل الأجواء السودانية في منطقة جبل سندو في غرب دارفور.
حرصت الحكومة أمس صباح الهجوم على توضيح موقفها الذي أدهش الحضور المكثف من الصحافيين ومراسلي القنوات الفضائية الذين كانوا يتوقعون رداً عنيفاً معتاداً، ولكنها تفاجأت بمؤتمر صحفي يعبر عن الموقفين السياسي والعسكري مناصفة بين عبد الله علي مسار مستشار رئيس الجمهورية والعميد د. عثمان الأغبش الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة.
بدأ الحديث مستشار الرئيس عبد الله مسار مستعرضاً التطورات التاريخية للعلاقة بين الخرطوم وانجمينا، وأكد أن السودان شارك بفعالية في كل القضايا التشادية بما فيها تثبيت السلطة، وأشار الى الدعم الدي تقدمه انجمينا للحركات المسلحة، وقصد الحديث عن علاقات لانجمينا مع اسرائيل التي قال إنها تريد النيل من أمن الوطن العربي عبر السودان، وأهم ما ذكره مسار تأكيده على أن الحكومة ترغب في علاقات جيدة مع جيرانها كافة ولايهمها من يحكم تشاد وهي تتجنب المصادمات مع دول الجوار.
ويبدو أن الحكومة ترغب هذه المرة فعلياً في النأي قبل تصعيد الأمر بين البلدين حتى على مستوى الخطاب الإعلامي، حيث أكد مسار أن الحكومة ستظل تحافظ على شعرة معاوية مع انجمينا في الاتفاقيات الموقعة الى جانب محافظتها على السودان من الاستهداف الخارجي.
وقال إنهم لم يقدموا حتى الآن شكوى رسمية للأمم المتحدة، ولكنهم أبلغوا الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، في خطوة وصفها مراقبون بأنها تصب في الموقف الذي اتخذته الحكومة بتهدئة الأمور وعدم تصعيد الأحداث وحصرها على الأقل في آليات الوساطة بين الطرفين.. وكان هذا أكثر وضوحاً في تشديد مستشار رئيس الجمهورية على أن هذا هو الوقت المناسب لنشر مراقبين على الحدود بين البلدين حتى لا يتكرر مسلسل دخول المعارضة في البلدين.
وبذات الهدوء والموقف جاءت إفادات الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة الذي أشار في فاتحة حديثه الى تكرار الجيش التشادي قصف جبل سندو للمرة الثانية صباح أمس، ورغم ذلك أشار الى أن الإرادة السياسية هي التي تضع طريقة الرد على هذا الموقف. وقال للصحافيين لا تفكروا في أن القوات المسلحة ضعيفة ولكن هناك استهدافاً تتعرض له البلاد، وأن ما حدث استفزاز لتحقيق مصالح الكبار واستدراج البلاد ليكون هناك مزيد من التدخل الأجنبي.. وقال إن ما تفعله انجمينا الآن يملى عليها. وقال لم نسجل خسائر على الأرض وإنما هناك خسارة معنوية وانتهاك للسيادة وسلوك يكشف عن استدراج لخوض حرب لم يعد لها مسرح أو توقيتات خاصة بطرق إلا لمصلحة تخصه.
ووفق مراقبين فإن ما حدث يأتي في إطار الاتهامات المتبادلة بين البلدين على مدار السنوات الماضية التي تلعب فيها المعارضات دوراً بارزاً، فالهجوم سواء كان من السودان على تشاد أو من تشاد على السودان لا ينطلق من مطامع وإنما برغبة للقضاء على المعارضة أو الحد من دعمها. لذلك يرى عدد من المحللين السياسيين للعلاقات بين البلدين أن هذه النار لا تنطفئ إلا بإجراء مصالحة بين الحكومة والمعارضة حتى لا تكون هناك ذريعة للتدخل الذي يصل الى حد القصف بالطيران، وانتهاك المجال الجوي الذي يمثل العمود الفقري في سيادة الدول على نطاق العالم.
تبقى أن ما يحدث في الحدود الغربية للسودان إضافة متسلسلة لأزمات لا تعرف طريقها أبداً للحل.
أميرة الحبر :الراي العام