وقبيل انقلاب 17 نوفمبر في السودان فى عام 1957 انفجرت ازمة حلايب بين السودان ومصر فى إطار صراعات الحرب الباردة بين المعسكرين الشرقي والغربي. و قد عرف المرحوم عبدالله خليل (حزب الامة) بقربه الوثيق من المعسكر، الغربي، وقد اتخذ عبد الله خليل منصور خالد سكرتير له وربما يكون ابوه الروحي و (شيخه) السياسي. وقد التقى عبدالله خليل وزير خارجية اسرائيل غولدا مائير فى باريس عام 10957 علماً بأن الضابط عبدالله خليل كان ضمن ناشطي حركة اللواء الابيض المعادية لبريطانيا فى اول عهده السياسي, و زار نائب الرئيس الامريكي حينها ريتشارد نيكسون السودان عام 57 فرحبت به حكومة حزب الامة ورئيس وزرائها وفتح باب (المعونة) الامريكية لأول مرة ضمن مشروع مارشال لاحتواء المد الشيوعي فى العالم الثالث بمساعدات اقتصادية. وذلك فى وقت لم يكن فيه السودان في حاجة الى أي عون امريكي أو غيره، فتحت قبول المعونة الامريكية باب الذرائع واسعاً للتدخل واشنطن في السياسية السودانية وسياسة المنطقة، كما فتح الباب واسعا امام استخدام السودان ضد مصر الناصرية الثورية المعادية للغرب وأمريكا. فى ذلك السياق وقع في ظن الرئيس عبد الناصر ان حلايب التى لم تكن ابداً موضوع خلاف حول سودانيتها ستوضع تحت تصرف دول الغرب بغرض انشاء قادة عسكرية امريكية بها صوايخ تهدد أمن مصر. وجاءت زيارة نيسكون فزادت الهواجس المصرية فاعلن الرئيس عبد الناصر بأنه سيضرب اي منشآت عسكرية صاروخية فى حلايب وعندها وقف الشعب السوداني بمختلف فئاته حول الحكومة السودانية عندما تعلق الامر بالشأن الوطني الذي لا مجال فيه للتنازل او المساومة. ورفع السودان القضية الى الامم المتخذة وهدات الأحوال بعدها. الى ان فجرت الحكومة المصرية فى عام 95 بإدعاء ملكية حلايب، إثر اعلان السودان اكتشاف الغاز الطبيعي والنفط فى مثلث حلايب، وتعاقد السودان مع شكرة كندية لتباشر الاستكشافات والانتاج، عندئذ تحركت مصر الرئيس مبارك في حلايب.
تجدر الاشارة الى ان السودان قد قد م تيسيرات فى حلايب لمصر خلال صراعها مع اسرائيل باعتبارها عمقاً أمنياً وعكسرياً واستراتيجياً ضد اسرائيل. وسياسياً فقد تبدلت الاوضاع السياسية اليوم عما كانت عليه فى الخمسينات وتبادلت الدولتان الشقيقتان الجارتان المواقع فأصبحت حكومة مصر صديقة للغرب، كما اصبح الغرب يناكف ويواجه السودان الملتزم بسيادته الوطنية و باستقلال قراره الوطني. الامر الهام هو ان ترسيم الحدود السودانية المصرية لم يكن السودان طرفاً فيه فقد رسمت الحدود السودانية المصرية الحكومتين البريطانية والمصرية. وغريب ان تتنكر مصر اليوم للخريطة التى رسمتها بيدها والتى التى قامت بمشاركة بريطانيا فى رسم خريطة السودان تضع حلايب داخل السودان. واضح ان مصر باحتلال حلايب تحتل ارضاً سودانية لتستثمر ثرواتها الطبيعية لصالحها. ايضاً هناك الاهمية الامنية القصوى لحلايب فى إطار امن البحر الحمر، حيث ترى الدوائر الاستراتيجية الغربية فى الوقت الراهن على الاقل ان تأمين موارد النفط وتأمين اسرائيل يستدعي وضع حلايب السودانية الاستراتيجية في يد مصرية بدلا من السودان. هناك فهرس محترم من الخرائط التى تثبت (سودانية حلايب) منها خريطة بريطانية – مصرية تثبت سودانية المنطقة، التى سبق ان حررها ثوار المهدية من الاستعمار الانكليزي.
الخريطة الوثيقة توجد فى كتاب (sudan almanc) لعام 1930 حيث تبرز بوضوح وقوع حلايب فى داخل عمق الاراضي السودانية وهي عبارةعن خريطة السودان المسمى حينها السودان الانكليزي المصري وقد أعدت عام 1921 وتمت مراجعتها على التوالي فى سبتمبر 1926 وسبتمبر 1928 . طبعت الخريطة بقسم الجغرافيا التابع لهيئة الاركان العامة بوزارة الحربية البريطانية وقامت بنشر الخريطة وزارة النشر و المطبوعات البريطانية، وحقوق الطبع محفوظة للتاريخ البريطاني، مقاس رسم الخريطة كل بوصة تساوي 173 ميلا، حيث يمكن للقارئ ان يطلع على تلك الخريطة على مسافة حلايب من خط ترسيم الحدود الفاصلة بين السودان ومصر.
و قد تضمن كتاب (sudan almanc) لعام 1930 اشارات اخرى لحلايب، مثل بعد حلايب من بعض المناطق مثل (أويوه 45 ميلاً) وحلايب منجم جبيت (8 ساعات بالسيارة 125 ميلا) ومنجم جبيت اويوه 80 ميلاً وذلك وفقاً لحسابات ذلك الوقت أي عام 1930 حيث لم يرد ابداً بعدها عن مناطق اخرى غير سودانية.
وكالة السودان بالقاهرة هي التى قات بتصنيف معلومات الكتاب (sudan almanc ) لعام 1930 وهي معلومات صادرة عن مصلحة المساحةالمصرية المتفرعة حينها عن وزارة المالية المصرية التابعة حينها لوزارة الحربية البريطانية.
يمكن للقارئ الاطلاع على الخريطة او الوثيقة البريطانية المصرية التى تثبت حلايب فى اطار ذلك فليطالع القارئ الانباء عن المغالطات والمكاديات والاكتشافات الجديدة بأن حلايب مصرية، حلايب سودانية 100% وايضاً شلاتين.. غدا مزيد من الخرائط….
صحيفة الصحافة
ي.ع