كد العالم البروفيسور فاروق الباز أن رحلة دولة الإمارات للمريخ خطوة مستقبلية كبيرة، مهنئاً صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة «حفظه الله» على هذه الخطوة المهمة وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، على دعم الشباب وتحفيزهم، مؤكداً أنها مبادرة متميزة فيها شجاعة وإيمان بالعقل البشري، وتهدف إلى تحفيز الجيل القادم الناشئ من أبناء الإمارات على التقدم العلمي والتكنولوجي والبحث العلمي، واقتحام علوم الفضاء، والعمل في مجالاتها المختلفة وكذلك نشر الوعي بأهمية القطاع الفضائي الذي تغطي استخداماته مختلف نواحي الحياة، مشيراً إلى أنها خطوة رائدة لنقل الإمارات إلى مصاف الدول المتقدمة في علوم الفضاء، كما أنها دافع كبير لتحفيز بقية الدول العربية، لأنها ستفتح باباً كبيراً ونافذة واسعة لكي نصل إلى أكثر مما كنا نعتقد أننا نستطيع الوصول إليه، مؤكداً أن فكر الشيخ زايد واهتماماته حاضرة بيننا إلى اليوم.
جاء ذلك خلال محاضرته «دخول الإمارات عصر الفضاء.. ماذا يحمل من دلالات وأثره على فهم الصحراء»، نظمتها ندوة الثقافة والعلوم بدبي، أمس الأول، بحضور محمد المر رئيس المجلس الوطني الاتحادي، وسلطان صقر السويدي رئيس مجلس إدارة الندوة، وأعضاء مجلس إدارة الندوة، والدكتور عيسى البستكي رئيس جامعة دبي، ورئيس مجلس إدارة نادي الإمارات العلمي، وقاسم سلطان البنا مدير عام بلدية دبي سابقاً، ونخبة من المهتمين بالشأن العلمي والثقافي وعدد كبير من وسائل الإعلام.
وأعرب الباز عن سعادته لتواجده في دولة الإمارات، ووصولها إلى المريخ وقدم الشكر لإدارة الندوة على صرحها الثقافي العظيم، والمناسب للقيمة الثقافية للندوة.
الصحراء العربيةوأكد أن تحديد زمن وصول الرحلة إلى كوكب المريخ شيء ضروري ومهم، وهذا ما جعل برنامج أبولو الأميركي ينجح، عندما حدد الرئيس الأميركي الراحل جون كيندي الفترة الزمنية لوصول الإنسان الى القمر وعودته الى الأرض، فمن المهم تحديد الهدف وتحديد الفترة الزمنية لبلوغ الهدف، والمريخ يختلف عن القمر فالمريخ كوكب أشبه بالصحراء العربية، وتضاريس المريخ نفس تضاريس الصحراء العربية من حيث لون الرمال وتركيبتها، فالكثبان الرملية الموجودة في القطب الشمالي للمريخ مساحتها أكبر من الربع الخالي، فالشبه بينهما كبير، ومعنى ذلك أننا عندما نتعلم على المريخ سوف نفهم الصحراء العربية أكثر، وعندما نتعلم على الصحراء العربية نفهم المريخ أكثر ، والمريخ حجمه صغير، ودرجه حرارته تختلف عن درجة حرارة الأرض، كما أنه أبعد من الشمس عن بعد الأرض عن الشمس، ويوجد ثلج في تربة كوكب المريخ، فهناك العديد من الأشياء التي يجب معرفتها عن كوكب المريخ من أجل أن نفهم صحراء بلادنا العربية.
كما عرض مجموعة من الصور عن القمر والصور الفضائية، وقال: إن المريخ يتميز باللون الأحمر وهو جزء من تركيبة المريخ الأساسية، فلو شاهدنا الصحراء العربية لوجدنا اللون الأحمر وعند دراسته الصحراء في جنوب غرب مصر وجد إنها تشبه نفس أشكال الرمال الموجودة على سطح المريخ، وقد اتضح أن حبات الرمل عندما تتحرك لمسافات طويلة يزاد لونها احمراراً، نتيجة تغلفها بأكسيد الحديد، مثل الرمال الموجودة في منطقة العين في دولة الإمارات، وهذا يدل على تحركها لمدة طويلة قادمة من الربع الخالي، فكلما تغلفت زاد الاحمرار، ولو تم مقارنة ذلك بالصحراء العربية نستطيع أن نعرف كيف بدأت تتحرك الرمال.
وادي القاهرةوأضاف: إن هناك عوامل أخرى تؤثر في تشكيل الكثبان الرملية منها خطوط الهواء والرياح التي تؤثر بشكل كبير في تشكيل الكثبان الرملية في الصحراء وتشكيل الكثبان الرملية في المريخ، وأشعة الشمس تصل إلى بعض الأماكن بشكل أكبر من أماكن أخرى مثل منتصف الصحراء العربية، وهذا يؤثر بشكل كبير في طبيعة الكثبان، كما تحدث عن المياه الجوفية ومسارات الأنهار القديمة وآثار لأودية كبيرة وتجمعات مائية، والمريخ يوجد به ثلج ويوجد به فجوات كبيرة على سطحه فالمياه المتجمدة في هذه الفجوة عندما تبرد تكون الثلج على السطح وتحت السطح أيضاً، وأن كوكب المريخ يحتوي العديد من الوديان، وقد أطلق اسم «وادي القاهرة» على أحد هذه الأودية باقتراح منه نظراً لقوة هذا الوادي.
وعن الجدوي الاقتصادية من هذا المشروع أكد الباز أن أميركا في الستينات كان وضعها الاقتصادي متردياً، ونتيجة الاكتشافات العلمية والابحاث وصعودها الى الفضاء أدت إلى حدوث طفرة علمية واقتصادية أثرت بشكل كبير على الاقتصاد الأميركي ، وعندما قررت أميركا أن تبحث عن حجم المبالغ والأموال التي تصرفها على مشاريع الفضاء هل هي مجدية أم لا؟ وجدوا أن كل دولار يصرف على هذه المشاريع يدر أكثر من 140 دولاراً على الاقتصاد الأميركي.
اكتشافوكان الدكتور عيسى البستكي قد استهل المحاضرة بالقول: إن دولة الإمارات تعتبر ضمن تسع دول في العالم لها برامج فضائية لاستكشاف الكوكب الأحمر «المريخ »، ففي منتصف شهر يوليو الماضي، أعلن صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، إنشاء وكالة الإمارات للفضاء، وبالفعل بدأ العمل على مشروع لإرسال أول مسبار عربي وإسلامي لكوكب المريخ، بقيادة فريق إماراتي في رحلة استكشافيه علمية تصل الكوكب خلال السبع سنوات المقبلة، وتحديداً في عام 2021.
وأضاف أن مشروع إنشاء وكالة الإمارات للفضاء ودخول الدولة قطاع صناعة الفضاء وذلك من أجل الاستفادة من تكنولوجيا الفضاء، إضافة إلى بناء كوادر إماراتية متخصصة في هذا المجال، ونقل المعرفة، مشيراً إلى ما قاله صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله: «إن الهدف أن تكون الإمارات ضمن الدول الكبرى في مجال علوم الفضاء قبل عام 2021، وثقتنا بالله كبيرة وإيماننا بأبناء الإمارات عظيمة وعزائمنا تسابق طموحاتنا، وخطواتنا واثقة للوصول إلى أهدافنا».
وأشار إلى أن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي «رعاه الله»، أكد أن الوصول للمريخ هو تحدٍ كبير ولقد اخترنا هذا التحدي، لأن التحديات الكبيرة تلهمنا وتدفعنا وتحركنا إلى الأمام ومتى توقفنا عن أخذ تحديات أكبر توقفنا عن الحركة للأمام، ومن مقولات سموه «إن المستحيل ليس في قاموسنا»، وتمنى سموه أن تكون دولة الإمارات دائماً هي الأولى في كل المجالات، ومن هذا المنطلق أكد البستكي أن مسيرة الإمارات ستبدأ للاستكشافات الفضائية، حيث إن المسبار يستغرق في رحلته 9 أشهر ليقطع أكثر من 60 مليون كيلو متر، مبيناً أن الكلفة المالية لتسابق العالم لاكتشاف الفضاء تصل إلى نحو 300 مليار دولار سنوياً.
ومضاتتحدث فاروق الباز عن الصورة التي جمعته بالمغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، في عام 1976 ومجسم أبولو ودار حوار واسع بينهما لمعرفة التفاصيل الدقيقة حول القمر ورحلة رواد الفضاء إلى القمر ومجسم أبولو، حيث جاء رواد الفضاء الثلاثة والمجسم ومعهم الدكتور الباز من أجل زيارة الإمارات والشيخ زايد، لأن إرسال سفينة إلى المريخ ليس بالأمر السهل، فرحلة الإمارات إلى المريخ تعتبر خطوة مستقبلية وتعتبر من أفضل الومضات التي تساعد على تشجيع الشباب وإعطاء أمل في مستقبل واعد.