إمام محمد إمام: السعودية.. بلدٌ نُحبُه ويُحبُنا

مما لا ريب فيه، أنّ احتفال المملكة العربية السعودية اليوم (الثلاثاء)، باليوم الوطني، من المناسبات الغاليات للسعودية مليكاً وحكومةً وشعباً، إذ أنّه تخليدٌ لذكرى توحيد المملكة العربية السعودية، في 23 سبتمبر (أيلول) من كلِّ عام، وتذكيراً بيوم صدور مرسوم الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل بن تُركي بن محمد بن سعود – طيب الله ثراه – بتوحيد المملكة في 17 جمادى الأولى 1351هـ، وذلك بمرسومٍ ملكيٍّ بتوحيد كلِّ أجزاء الدولة السعودية الحديثة، تحت اسم المملكة العربية السعودية، وراية لا إله إلا الله محمد رسول الله. وحرص الملك عبد العزيز على اختيار يوم الخميس 21 جمادى الأولى من العام نفسه، الموافق 23 سبتمبر 1932، يوماً لإعلان مولد المملكة العربية السعودية. فإن احتفال السعوديين بهذا اليوم، باعتباره يوم استقلالٍ؛ لأنّ المملكة العربية السعودية لم تشهد الاستعمار، ولكنها تحتفل بيوم وحدتها.

وأحسبُ أن هذه المناسبة الغالية العزيزة التي تمثل توحيد أرضٍ وشعبٍ في يومٍ وطنيٍّ خالدٍ، ويستصحب سائر الشعب السعودي في يومه الوطني نعمَ الله التي حباهم بها، ويسّر لهم من الخيراتِ التي يحمدون الله عليها كثيراً، ويأملون أن يكونوا من الشاكرين لنعم الله، وشكرٌ الله مرتبةٌ من مراتب الإحسان العالية، وفي ذلك يقول الله تعالى في محكم كتابه، وبديع آيه: “.. وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ”.

وفي رأيي الخاص، أظنُّ – وليس كلُّ الظنِّ إثماً – أنّ الأمير سلمان بن عبد العزيز آل سعود، ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع، عبّر عمّا تمثله هذه المناسبة العزيزة بعباراتٍ موجزاتٍ، حمّالةَ معانٍ عِظامٍ. فقد أوجز في كلمته بهذه المناسبة القول في عبارات بيناتٍ، قائلاً أمس (الاثنين): “إن هذه المناسبة العزيزة لتوحيد المملكة العربية السعودية في يومٍ وطنيٍّ، هو الرابع والثمانون، نستحضر النعم والفضائل التي خصَّ الله بها، هذا البلد الغالي، تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، الذي واصل برُؤيته الثاقبة مسيرة البناء والتنمية”. واستوقفتني في كلمته الضافية معانٍ أُخر، ينبغي أن نتدبرها ونعيها، لما فيها من مضامين وفوائد للعبادِ والبلادِ، حيث أضاف الأمير سلمان: “عامٌ جديدٌ، وبلادُنا تنعم بالوحدة والأمن والازدهار، ونعيشُ استقراراً وسط منطقة تَعُجُّ بالفوضى، ورخاءً اقتصادياً في وقتِ الأزمات المالية والانكماش، نُؤمن بمستقبلِ بلادنا وقوتها، ونمضي بعزيمةٍ وإصرارٍ يهزمُ رهانات الآخرين، نفخرُ بشرفِ خدمة الإسلام والمسلمين في أنحاء العالم كافة، ونعيش همومهم وقضاياهم، فلا نبخل عليهم بالدَّعم والمساندة، لا نهادن ولا نناور في سياساتنا تجاه الآخرين، ونحنُ دائماً مع الحقِّ، وإن أغضب البعض، ومواقفنا صادقةٌ في القولِ والفعلِ”.

وأكبرُ الظنِّ عندي، أن السودانيين يتوافقون على حب المملكة العربية السعودية وشعبها الطيب، لجملةِ أسباب، نوجزها في أنّ هذه أرض الحرمين الشريفين، وثاني قبلة المسلمين، ومنبع الهداية والنُّور، ومبعث الإسلام إلى العالمين، وفيها مولد ومدفن إمام المرسلين، والمبعوث رحمةً للعالمين، سيدنا وحبيبنا ونبينا محمد بن عبد الله، عليه أفضلُ الصلوات وأتمُّ التسليمات، وشعبُها أول المهديين برسالةِ الإسلام، ونور الإيمان، يُوفرون الحماية، ويبسطون الرعاية، لبيت الله الحرام ومسجد نبيه صلى الله عليه وسلم، تهوى إلى بلادهم أفئدةُ المؤمنين، ويأتيهم على كلِّ ضامرٍ من كلِّ فجٍّ عميقٍ، ليعبدوا الله وليشهدوا منافع لهم، تنزيلاً لقول الله تعالى: “وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ”، وعندهم موسم ليس ككل المواسم، ألا وهو موسم الحج، وإني من الشاهدين للجهد الذي تبذله المملكة العربية السعودية، مليكاً وحكومةً وشعباً، في موسم الحجيج، وقد حججتُ أكثر من خمس مرات، ورأيت كل ذلك بأم عيني، ونعمتُ بخدمةٍ متواصلةٍ طوال أيام مناسك الحج، وكذلك اعتمرتُ أكثر من سبع مرات، ورأيت الجهد ذاته، هذا ما وصفه الشاعر العربي أبو عبد الله، محمد بن عبد الله بن سعيد بن عبد الله بن سعيد بن علي بن أحمد السّلماني الخطيب:

زُمَراً بيْنَ فُرادَى وثُنَى مثْلَما يدْعو الوفودَ الموْسِمُ

لا أحسبُ أنّ حب السودانيين للسعودية أرضاً وشعباً منكور، أو في لجاجةٍ من أحد، لقد عملت في صحيفة “الشرق الأوسط” اللندنية، قرابة الثلاثة عقود، فعلمتُ علم اليقين حب السعوديين للسودانيين لأسباب جمة، وقيمٍ عدة، لستُ في حاجةٍ إلى تفصيلها، والشيطان في التفاصيل، وكذلك علمتُ علم اليوم والأمس قبله، مدى حب السودانيين للسعوديين – أرضاً وشعباً – لما عُرف عنهم من حميد الخصال، وجميل الأفعال.

أخلصُ إلى أننا في السودان نجاهرُ بحبنا للسعودية بلداً وشعباً، تديناً، كيف لا نحبها وهي أرض الحرمين الشريفين، وثاني قبلة المسلمين، فإن كان رسولُنا الكريم جاهر بحُبه لجبلِ أُحد حين قال: “هذا جبل نُحبُه ويُحبنا”، فإنّ أحب الرسول الكريم الجزء من ذاكم البلد الطيب، فالأولى أن نحب الكلِّ، بلداً وشعباً، وننزل في أنفسنا لأسباب محبتهم قولَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إذا أحببت فأحبب في الله، وإذا أبغضت فأبغض في الله”، فنحن معشر السودانيين، السعوديةُ بلدٌ نُحبه ويُحبنا، وجميلٌ أن نختم هذه العُجالة بعظةٍ نتنسم معانيها من كلماتٍ طيباتٍ، جاءت بمثابة الدُّعاء، والدُّعاء مخُ العبادةِ، قالها الملك عبد العزيز بعدما طاف بالكعبة المشرفة، وسعى بين الصّفا والمروة، ووقف على جبل الصفا، ورفع يديه بالدُّعاء، وسمعه حضورُ ذاك الزمان والمكان، قائلاً: “اللهم إن كنتُ أعملُ لمُلكٍ أو جاهٍ، اللهم فلا تنصرني، وإن كنتُ أعملُ لرفعِ رايتك، راية لا إله إلا الله فانصرني”.

فنُزجي خالص التّهاني والتّبريكات من السودان إلى المملكة العربية السعودية، مليكاً وحكومةً وشعباً بهذه المناسبة الطيبة، وهم يحتفلون باليوم الوطني الرابع والثمانين، يستصحبون مع هذه الاحتفالات نعم الله التي لا تُحصى، وفضائله التي لا تُعد، التي خص بها هذا البلد الطيب، تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود. ونسأل الله تعالى أن حُبنا لهذا البلد الغالي، يُترجَم في طيب العلائق بين بلدينا، وجميلِ الأواصر بين شعبينا، ويديم المحبة بين أهلينا، فالله نعم المولى ونعم النصير.

ولنستذكر في هذا الصدد، قولَ الله تعالى: “ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ آَمِنِينَ”.

وقول الشاعر العربي جرير بن عطية الكلبي اليربوعي التميمي:

ألَسْتُمْ خَيرَ مَن رَكِبَ المَطَايا وأندى العالمينَ بطونَ راحِ

إمام محمد إمام- التغيير السودانية

Exit mobile version