البرلمان.. بين التهديد والتنفيذ

[JUSTIFY]البرلمان هو السلطة التشريعية المنتخبة بواسطة الشعب عبر وسائل ديمقراطية، ولطالما كانت تلك السلطة التشريعية تعتبر الرقابة البرلمانية حجر أساس في البرلمانات الديمقراطية، إذ تشكل مؤشراً على الحكم الجيد وهي تهدف إلى مساءلة السلطة التنفيذية حول أعمالها وإلى ضمان تنفيذ السياسات بطريقة فعّالة، فالرقابة البرلمانية الدقيقة مؤشر على سلامة الحكم وإلى جانب وظيفته التشريعية يتمكّن البرلمان من تحقيق توازن القوى وتعزيز دوره كمدافع عن المصلحة العامة وليس الوعيد و التهديد، إذ يتمتع البرلمان بالسلطة التي تخوّله الإشراف على الحكومة من خلال عدد من الأدوات والآليات غالباً ما يتم تحديدها من خلال الدستور، ونصوص تنظيمية كالأنظمة الداخلية للبرلمان وتقوم الطريقة التي يمكن للبرلمان من خلالها استخدام صلاحياته الرقابية على وجود إطار قانوني يعزز موقفه كمؤسسة رقابية ويضمن له سلطته واستقلاليته في إطار النظام السياسي، ليت البرلمان يدرك حقيقة القضايا التي تطرح عليهم ويعونها جيداً ويدركون حقيقة انه من يدير البلاد عبر القوانين التي يقرها عبر الرقابة على الجهاز التنفيذي، ام انه مجرد آلة لدى الحكومة مهامه الرئيسة في اكمال حلقة الدولة و مجرد ديكور صوري ليس له غير التهديد والوعيد، أين آلياته ووسائله التشريعية والرقابية؟ وهل يطلع البرلمان على جملة القوانين والبيانات التي تودع بطرفهم، جملة من الاسئلة والحقائق لابد من التطرق له بإستفاضة.

حيث رأى رئيس البرلمان د. الفاتح عز الدين، أن المتورطين في تعطيل تطبيق قانون الاستثمار يستحقون «قطع الرقبة»، وجزم بأن البرلمان سيمضي بحزم قاطع في تطبيق القانون وأقرَّ الفاتح لدى مخاطبته الجالية السودانية بأديس أبابا، بعيوب صاحبت تطبيق القانون وقال إن احتمالها ما عاد ممكناً وأضاف قائلاً: «المشكلات المتعلقة بالتنفيذ دايرة قطع رقبة ما دايره تمليس».

ووفقاً لحديث المحلل السياسي فتحي الرحمن السيد لـ«الإنتباهة» حيث وجه للبرلمان باعتباره الهيئة التشريعية القومية، انتقادات حادة ووصفه بالعاجز عن مساءلة المسؤولين و الوزراء، ومحاسبة الفساد بطريقة شفافة مشيراً الى ان البرلمان لا يطلع على البيانات والتقارير والميزانيات التي تسلم له لدراستها وابداء الرأي حولها، وكان من المتوقع ان يقوم البرلمان بتغييرات ملموسة خاصة فيما يختص بتجاوزات وإخفاقات السلطة التنفيذية وإعادة الهيكلة وزيادة معاناة المواطن بتمرير قرار رفع الدعم عن المحروقات، الذى اثقل كاهل المواطن الذى يدعى البرلمان بانه جاء من اجله. وانتقد السيد غياب البرلمان فى محاسبة و مساءلة الوزراء عن فترة ادائهم و تحديد النجاحات والاخفاقات، واصفاً اداء البرلمان بالفشل سيما دوره المنوط به.

بالنظر لاداءالسلطة التشريعية نجد ان جل القضايا التي تتداول تحت «قبة البرلمان» تخلو من الشفافية، خاصة بصدد البيانات والخطابات الرئاسية اولاً، خاصة في الوقت الذي تسيدت فيه قضية رفع الدعم عن المحروقات وهددت و من ثم قامت السلطة التنفيذية من برفع الدعم عن المحروقات ووقف البرلمان صامتاً ازاء تلك القضية، وبسببها كانت احتجاجات سبتمبر المشهورة وفى الوقت نفسه كان صوت «البرلمان» يعلو ويهدر ويتوعد ويغضب ليس ضد الارتفاع الجنوني للأسعار ولا المفاوضات التي تجري في أديس أبابا، بل كان النقاش ينصب فى موضوعات فارغة المعنى والمضمون سيما ان رفع الدعم لديه آثار سالبة يقود لعمل اختلالات في الموازنة ولديه علاقة مباشرة مع الحكومة وسياساتها، و لابد من حسم تلك القضية ومعرفة حقيقة عمل البرلمان كسلطة معبرة عن رأي الشعب السودانى وليست عن الحكومة. مشيراً أن للبرلمان مواقف سلبية كثيرة ان جاز التعبير لا يمكن حصرها، مثل اجازة القروض الربوية، اضافة الى الخطة التى تبناها ازاء قضية الفساد وضرب المفسدين والقضاء عليهم بيد من حديد، وعلى سبيل المثال نذكر اخر ما وعد به البرلمان اجراء معالجات واسعة لضبط رقابة الاسعار بالاسواق فى الموازنة بغية تخفيض أسعار السلع التى وصلت الى حد جنوني، و لم نر او نشهد شيئاً ملحوظاً كما اعلن عن وضع معادلة مفيدة ترضي المؤسسات المعنية بتجميع الرسوم والضرائب التى اشارت الى ان الدولة لم تتوسع فى مظلتها الضريبية، وان قضية الاقتصاد لها الاولوية فى كل مؤسسات الدولة، حتى في سياق هذه الوظيفة يمكن لطبيعة العلاقة بين البرلمان والمواطنين أن تؤثر بشكل كبير على دوافع أعضاء البرلمان لتأدية وظيفتهم الرقابية بشكل فعّال.

في اشارة لما سبق ومن خلال حديث النائب البرلماني محمد الزين الفضل للصحيفة قائلاً : على سبيل المثال في الأنظمة الانتخابية التي يحدد فيها القادة السياسيون من يحتل المناصب العليا في اللائحة الانتخابية للحزب قد يدفع ذلك بالأشخاص الذين يحتلون المقاعد الأخرى بالعمل دون فعالية، مبيناً عندما يعتمد إعادة انتخاب أعضاء البرلمان بشكل كامل على قرار قادة الأحزاب فمن غير المألوف أن يخرجوا عن قرار قادة أحزابهم، أما في الأنظمة التي يحدد فيها الحزب مرشحيه وفق التصويت فذلك قد يسمح لعضو البرلمان بالتمتع بحرية أكبر لمحاسبة حزبه وقادة الحكومة وليس إطلاق شعارات جوفاء كالوعيد والتهديد، والوعود فارغة المضمون لم تنفذ حتى لو تعاقبت الحكومات هذا لسان حال البرلمان السوداني. أما بالنسبة إلى التصويت على حجب الثقة أو الإقتراح بتوجيه اللوم فهو اقتراح يقدمه البرلمانيون وينتج عنه إما سحب البرلمان الثقة من الحكومة، أو من أحد وزرائها أو منحها هذه الثقة وعندما يحجب البرلمان الثقة عن الحكومة عادة ما تقدم هذه الأخيرة استقالتها أو تسعى إلى حل البرلمان، وفي بعض الدول يؤدي سحب الثقة إلى عملية يطلب فيها رئيس الدولة إما استقالة الحكومة أو حل البرلمان وعندما تسحب الحكومة ثقتها من وزير واحد عادة ما يقدم هذا الأخير استقالته، علماً أن هناك العديد من الآليات التي يتم التصويت على حجب الثقة في سياقها، وليس كما يحدث فى السلطة التشريعية فى السودان.

صحيفة الانتباهة
فتحية موسى السيد
ت.إ[/JUSTIFY]

Exit mobile version