الهندي عز الدين: الغالبية الغالبة من شعب السودان فقراء أو محدودو الدخل وجميعهم يستحقون الدعم، فهل تكفي (مائة جنيه) أو (مائتين) لمعيشة يومين لأسرة صغيرة محدودة العدد

[JUSTIFY]لم يكن رد الدكتور “حسن أحمد طه “أمين أمانة الاقتصاد بالمؤتمر الوطني، الذي نشرته (المجهر) أمس رداً على مقالي (رفع الدعم .. ستكون الأخيرة)، لم يكن مقنعاً لي وأظن أنه ليس مقنعاً كذلك للكثيرين ممن اطلعوا عليه.
لقد تعوََّد الكثير من الساسة والدستوريين على جعل الصحافة (حيطتهم القصيرة)، فإذا أثارت تصريحاتهم غباراً كثيفاً وأدت إلى غضب بعض (الكبار)، فإنَّ العبارات المحفوظة المكرورة تخرج تعقيبا وتوضيحاً، وقد يصل الأمرُُ حدََّ (النفي) جملة وتفصيلاً إذا اطمأن المسؤول إلى أنَّ سائله لم يكن يحمل جهاز تسجيل!!
والعبارات دائماً تكون من شاكلة: (الجريدة ابتسرت كلامي.. أنا عندي رؤية متكاملة..أنا قلت للصحفي/ الصحفية جيبي لي الكلام أقراهو قبل النشر.. دي ما طريقة..) !!
وقد تبادر لذهني سؤال قبل سنوات، وأجبتُ نفسي عليه سريعاً، وما زالت الإجابة مستقرة في قناعاتي: (لماذا لا ينفي الشيخ “حسن الترابي” والإمام “الصادق المهدي” تصريحاً أو حديثاً ‭ أطلقاه للصحف وأجهزة الإعلام طيلة السنوات العشرين الماضية مع أنهما الأكثر تصريحاً للصحف والفضائيات ؟!
الإجابة عندي أنهما لا يتلجلجان، ولا يرتجفان مخافة ردود الفعل على ما يقولانه، لا موازنات عندهما ولا حسابات لرئيس أو مرؤوس ولا مصالح يخشيان عليها .
‭}‬ هل قرأتم (توضيحاً) أو (نفياً) من الإمام “الصادق” أو الدكتور “الترابي” منشوراً بالصحف؟ أنا شخصياً لم يصادفني ذلك منذ سنوات طويلة، وهذا قطعاً لا ينفي أن الصحف تخطئ وتضطر إلى تصويبات وتوضيحات عديد المرات خلال العام، فكل عمل بشري وارد فيه الخطأ فما بالك بمهنة الرصد الطويل والنقل الذي لا حد له.
‭}‬ الدكتور “حسن أحمد طه” وزير الدولة الأسبق بالمالية وأحد مهندسي (نيفاشا) في ما يتعلق بقسمة (الثروة)، من الخبراء الاقتصاديين العالميين، وقد شغل منصباً رفيعاً في (البنك الدولي)، نحن نعلم ذلك، ولكننا نعلم جيداً أنَّ هذه المؤسسات الدولية من بنك دولي وصندوق نقد دولي وغيرهما ما هي إلا أدوات (استعمارية)، وبالتالي فإنَّ (روشتاتها) لإصلاح الاقتصاد السوداني ستكون لتدميره والفتك بشعبه الصابر الفقير.
‭}‬ “بول ولفويتز” الذي شغل منصب المدير العام للبنك الدولي حتى العام 2007 كان مساعداً لوزير الدفاع الأمريكي، بل هو مهندس الحرب على العراق، وهو غير دارس للاقتصاد فتخصصه في الرياضيات والكيمياء، وهو يهودي و والده عمل أستاذاً جامعياً بإسرائيل !! فحدثوني- حفظ الله عقولكم – عن أهداف مؤسسة (مالية) دولية يقودها مساعد وزير الدفاع في الولايات المتحدة الأمريكية؟!!
‭}‬ تحدث دكتور “حسن باستفاضة عن مشروعه أو فكرته من منطلق (شخصي) وليس (حزبي) لإقرار سياسة رفع الدعم عن السلع وعلى رأسها المحروقات. وفصل في حزمته التي نعلمها قبل أن يتحفنا بها، ونعرف كم هي خيالية وغير واقعية، فعن أي (دعم مباشر) للفقراء يتحدث الخبير الدولي؟ كم هم مستحقو الدعم المباشر في السودان؟ وما هي الأسس التي جعلتهم (خمسمائة ألف) وليس (خمسة ملايين)؟! وهل وصل الدعم حتى للخمسمائة ألف بمبلغ (المية جنيه)؟! أظنك تعلم أحد أسباب استقالة وزيرة الرعاية والضمان الاجتماعي السابقة ونزاعها مع وزير المالية السابق المشهور والمنشور على صفحات الجرايد بسبب عدم الوفاء بمال الفقراء.
‭}‬ الغالبية الغالبة من شعب السودان فقراء أو محدودو الدخل وجميعهم يستحقون الدعم، فهل تكفي (مائة جنيه) أو (مائتين) لمعيشة يومين لأسرة صغيرة محدودة العدد ؟!
‭}‬ نغمة تخصيص (دعم مباشر) للفقراء لأن دعم المحروقات يذهب للأغنياء ولا يستفيد منه الفقراء نغمة رتيبة ما عادت تطرب أحداً، وفكرة خاسرة ثبت خسرانها بالتطبيق، وذهب وزير المالية السابق “علي محمود عبد الرسول” خارج التشكيلة الوزارية بسبب إصراره على تلك (الحماقة)، ويبدو أنَّ الدكتور “حسن أحمد طه” سيلحق به، فأمانة الاقتصاد بالحزب الحاكم لا تقل أهمية عن مقعد الوزير .
‭}‬ ليس مهمة الشعب أن يبحث عن معالجات لخلل الموازنات يا دكتور.. هذه من صميم عمل الحكومات، والحكومات في أوربا الغنية وفي أفريقيا الفقيرة”، ما زالت تواصل دعمها لشعبها مهما ارتفع دخله.
‭}‬ الدعم مستمر في ألمانيا والنرويج والسعودية والكويت مثلما هو مستمر في إريتريا جارتنا الأفقر التي لا بترول فيها ولا غاز ولا ذهب ولا سدود ولا مشروع جزيرة !!
‭}‬ ومثلما للاقتصاد حساباته فإنَّ للسياسة حساباتها، وإلا لما جاءت أمريكا بمساعد وزير الدفاع ليرأس البنك الدولي. إذن المسألة ليست نظريات أكاديمية باردة، ومعادلات جافة متعلقة بنسبة التضخم وحجم الاستدانة من الجهاز المصرفي.
‭}‬ رفع الدعم كارثي.. كارثي.. مهما أسرف الدكتور “حسن أحمد طه” في سرد تفاصيل (حِِزََم) متخيلة لا تمت للواقع بصلة

صحيفة المجهر السياسي
ي.ع

[/JUSTIFY]
Exit mobile version