[JUSTIFY]في خبر منشور بالصفحة الأولى من هذه الصحيفة أمس أن عدداً من البرلمانيين وصفوا الحد الأدنى للأجور بأنه مخجل، وأن المواطن عاجز عن شراء اللبن. يبدو أن أولئك البرلمانيين كانوا يعيشون في أبراج عاجية ولم يتذوقوا مرارة ارتفاع الأسعار طوال الفترة الماضية، إلا بعد أن طالب رئيس البرلمان “الفاتح عز الدين” بنزول البرلمانيين إلى الأسواق للحد من زيادة الأسعار، ولكن قبل قرار رئيس البرلمان جل الأعضاء كانوا يعيشون في بحبوحة من العيش ونائمين في العسل، لأن معظم أعضاء البرلمان الذين يتقاضون مرتبات ومخصصات عالية لا يهمهم إذا وصل رطل اللبن إلى أربعة أو خمسة جنيهات، ولا يهمهم إذا وصل سعر كيلو اللحمة إلى ثمانين أو تسعين جنيهاً، فلا يهمهم إذا وصلت أسعار الخضروات إلى آلاف الجنيهات. إن المواطن الغلبان لا يحس بمعاناته إلا من عاش المعاناة، وهؤلاء الأعضاء نزلوا الأسواق وتأكدوا إلى أي مدى يعيش هذا المواطن تلك الحياة المضنية والقاسية.. وإذا تأكد لهؤلاء النواب أو البرلمانيين أن الأجور مخجلة ولا تكفي لشراء اللبن، فما بال أولئك النواب إذا دخلوا المستشفيات العامة والمستوصفات الخاصة، وإذا دخلوا المدارس الحكومية المنهارة والمدارس الخاصة التي يدفع أهل المال آلاف الدولارات لأطفال مازالوا في مرحلة الأساس، وإذا استفسروا عن أسعار التعليم بجامعة “مأمون حميدة” وكم تدفع الأسر لطالب أو طالبة بكلية الطب بجامعة “مأمون حميدة”، فلا ندري هل باستطاعة ولي أمر تلميذ أن يدفع أكثر من أربعين ألف جنيه في العام لطالب الطب.
إن معاناة الشعب السوداني سادتي أعضاء البرلمان ليس قاصرة على قفة الملاح، فكل مطلوبات الحياة تحتاج إلى نزولكم أرض الميدان لمعرفة حقيقة الحياة على الطبيعة حتى تكونوا جزءاً من هذا الشعب الغلبان.
من الأخبار المستفزة الأخرى القرار الذي أصدرته مديرة الصندوق القومي للمعاشات بتقديم منحة لكل المعاشيين بالسودان لمواجهة عيد الأضحى المبارك قدرها (150) جنيهاً، حينما تنظر إلى قرار صادر من مسؤول كبير تعتقد أن ما يقدمه هذا المسؤول خاصة مثل مديرة الصندوق القومي للمعاشات، ويكون المبلغ المقدم زهيداً ولا يكفي المعاش قيمة أمجاد ذهاباً وإياباً.. لا ندري هل مديرة الصندوق القومي للمعاشات تعيش في السودان أم في دولة أخرى.. فإذا كانت تعيش في السودان فلا أعتقد أنها كانت سوف تتجرأ لإصدار مثل هذا القرار الباهت والمرفوض من قبل كل المعاشيين. سادتي احترموا هذا الشعب الذي ضحى من أجل أن تبقوا على تلك الكراسي، فلا تستغفلوه فهو من أوعى شعوب العالم فاحترموا عقله وسنه ومن الأفضل مراجعة أي قرار قبل إصداره.