الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد،
الحج فريضة من أقدس فرائض الإسلام، وشعيرة عظيمة من شعائره الكبرى، وعبادة متميزة من عباداته الأربع، وركن أساسي من أركانه الخمسة.
وقد دل على فرضيته: القرآن الكريم، والسنة المستفيضة المتواترة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، التي تقبلتها الأمة جيلا بعد جيل إلى يومنا هذا. كما دل عليه الإجماع المتيقن من جميع مذاهب الأمة.
أما القرآن فحسبنا قوله تعالى: (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا. ومن كفر فإن الله غني عن العالمين) فوضع في هذا السياق كلمة (ومن كفر) مكان كلمة (ومن لم يحج) أو (ومن أعرض عن الحج) أو نحو ذلك.
وأما السنة فحسبنا منها الحديث الأشهر، وهو قوله صلى الله عليه وسلم : “بني الإسلام على خمس وعد منها: وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلا” متفق عليه عن ابن عمر.
وقد ثبتت مناسك الحج وأعماله بالتواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم .
وأما الإجماع، فقد أجمع علماء الأمة الإسلامية ـ من كل المدارس والمذاهب، وعلى توالي العصور ـ على فرضية الحج، ولم يخالف في ذلك أحد فيما نعلم. حتى أصبح وجوب الحج أو فرضيته من المعلوم من الدين بالضرورة، كما يعبر علماؤنا الأقدمون. أي مما يشترك في العلم به وبفرضيته الخاص والعام.
وهو فرض على كل مسلم ومسلمة، عربيا كان أو أعجميا، شرقيا أو غربيا، رجلا أو امرأة، متى استطاع إليه سبيلا، على الخلاف بين العلماء: هل هو واجب على الفور أو التراخي؟
وهو واجب في العمر مرة واحدة. فإذا كانت الصلاة فريضة كل يوم، وصلاة الجمعة فريضة كل أسبوع (على الرجال) وصوم رمضان فريضة كل عام، وكذلك الزكاة في الأموال الحولية. فإن الحج فريضة العمر. يكفي المسلم المستطيع أن يؤديه في العمر مرة واحدة، فتبرأ ذمته، ويرضى ربه. وبالله التوفيق.
الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي
ت.أ