!!.. مقاييس الجمال ما بين التنة والفرتنة

[ALIGN=JUSTIFY]دار بيننا نقاش ضاحك عندما ضمنتا (جلسة ريد)، كنت أتناول فيها طعام الغداء مع أسرتي الممتدة، فقد (لكزت) شقيقتي إحدي بنات شقيقتنا الكبرى الشابات لتحفزها على الأكل قائلة:
أكلي يا بت الشحم بقى موضة .. ما شايفة البنات كلهن سوّن ليهن جضيمات؟!!
فقد أتاح لي حضوري لعدد من مناسبات الزواج في الآونة الأخيرة متابعة آخر ما آلت إليه صرعات الموضة من اللبس والتسريحات وطريقة المكياج .. وما لفت نظري هو ميل قوام الشابات اليافعات للجهامة والجسامة الفادحة، فبعد أن كانت تحرص الفتيات على قوام (فريع البانة) تغير الحال وشغفت الفتيات بـ(جزع التبلدية) وصارن يتبارين لإكتناز الشحوم واللحوم ونفخ الجضوم واللغود .. تعب قلبي من (الدهشة) وفترت عيوني من مبارات الماشات والجايات .. أوصل دي وأرجع مع دي وقد تملكتني الحيرة وأنا أراقب في (إنشداهة) طبقات الشحوم المتراصة والتي عجزت الإسترتشات الضيقة والبوديهات المحزقة عن إحتوائها فتمددت مثل طبقات اللحم في (شواية الشاورمة) .. حدثت نفسي في حيرة ووجل:
سجممممنا يا نسوان !! .. مافي بت ما سوت ليها تِنة وفِرتنة !!
بينما يصارع أهل الطب النفسي والصحة الغذائية في الغرب، شبح الـ(anorexia) أو (مرض فقدان الشهية العصبي) الذي إجتاح جيل الشابات وصار يهدد أمهات المستقبل بالخطر، وشغلت الأوساط الطبية هناك بإزدياد عدد الضعفانات أو أكياس العضام (bones bags) كما يطلق على النحيفات هناك .. الغريبة إنو حبوباتنا بيستعملون نفس المصطلح في (تشنيف) البنات الضعيفات زمآآن .. فقد سمعت عمتي تحتج على نحافة إحدى قريباتي وتحفزها على إنتهاج سياسة (رفع الكورة) والإنغماس في شرب (الموص) و(أم نارين) وهي تقول:
هووي يابت ما تبقي لينا متل النعيفات البمشن ويطوطحن زي القشة أم روح .. الواحدة زي كيس العضام .. يا كافي البلاء ويا حايد المحن .. محل ما تخت إيدك العضم يصيدك !!
في أوائل الثمانينيات إنتشرت موضة النحافة وسط فتياتنا واشتهر معها مصلح (الريجيم)، فبعد أن (طبنو ومسكن فيهو بالمقلوب)، صارت البنات يعمدن لتجويع أنفسهن بالصوم المتواصل عن الطعام إلا من بعض الفتات الذي لا يقيم الأود، حتى عانت الكثيرات من المشاكل الصحية وفقر الدم بسبب عدم إستخدامهن لنظام غذائي متوازن يحفظ الصحة ويساعد على إنقاص الوزن في نفس الوقت، وعندما سقطت إحدى معارفنا مغميا عليها من (شدة الجوع) بسبب الريجيم القاسي الذي كانت تتبعه، ثارت (حبوبتا) وحملت عصاتها الغليظة التي تتوكأ عليها وقالت وهي تهدد وتتوعد:
وروني درب دكان الروجيم ده بي وين .. النمشي أكسرو لي سيدو فوق راسو زي ما داير يكتّّل علينا بنياتنا ديل!!
سعت أشهر البرامج الحوارية الأمريكية مثل (أوبرا) و(د. فيل) و(تايرا) لتسليط الضوء على تفشي ظاهرة الهوس بالنحافة والرشاقة، وقاموا بتركيب كاميراتهم في بيوت بعض المصابات بحالة فقدان الشهية العصبي، لتصوير مدي قسوة المعاناة التي تعيشها المصابات بهذا المرض في سبيل الحفاظ على الريجيم القاسي، فبعد أن تأكل إحداهن حتى تمتلئ بطنها حد الشبع، تتخذ لها مكانا قصيا كالحمام أو زوايا الغرف وتعمد لحمل أداة طويلة كفرشة الأسنان أو القلم وتدفع بها لحلقومها حتى تفرغ بها كل ما في جوفها من طعام بصورة (تطمم البطن) وتدعو للشفقة.
حال بناتنا صار يطابق قولنا المأثور عن أهل إحدى القبائل، ويمكننا القول بأن (الغربيات في شنو وبناتنا في شنو)!! .. فبينما (ديلك) بيعانوا في سبيل النحافة، تسعى بناتنا للتهلكة بحثا عن السُمنة بـ(إيدينم وكرعينم) ولا يرعوين في سبيل ذلك عن (الرجم) الشديد من صحانة الأكل بدل (الريجيم)، بل لم يقصرن في إستعمال المهلكات من فاتحات الشهية كـ( الكورتيزونات وأبو نجمة وأبو ضنب) في سبيل تلك الغاية.. [/ALIGN]

لطائف – صحيفة حكايات
munasalman2@yahoo.com

Exit mobile version