الشغالة المنزلية.. انحناءة كاملة ونصف ابتسامة في مجابهة الإهانة

[JUSTIFY]حينما يُقرع جرس الباب تسرع حافية القدمين لفتحه، وتستقبل القادم بانحناءة ونصف ابتسامة، ترى في عينيها ملامح الحيرة والاستنجاد، تمشي مرتبكة الخطى غير واثقة عندما تقدم لك شيئاً من الضيافة، ترتدي قديم الملابس ورثها، بينما تتلقى جديد الأوامر من أفراد الأسرة، إذ يجب عليها إرضاؤهم جميعاً دونما استثناء. نزاع نفسي مرير تعيشه تلك الشغالات المنزليات وسط ضغوطات عملها واختلاف الآراء، والاستهانة بمشاعرها كإنسانة أولاً قبل أن تكون خادمة.

الإنسانية أولاً

في هذا المنحى تحدت السيدة (آمنة محمد) قائلة: علينا معاملة الشغالة بمبدأ الإنسانية وتقدير مشاعرها وكينونتها الخاصة، فلا نخلط الأمور، فهي تقوم بعملها على أكمل وجه، ونحن من جانبنا نهتم بحاجاتها كإطعامها مثلاً مما نأكل ولا نحرمها شيئاً. وأيضاً تأخذ قسطا من الراحة ولا ننسى أن نمنحها عطلة يوم أو يومين خلال الشهر لرفاهيتها. كل ذلك يصب في تحسين أفكارها وتجويد عملها، لأن الذل والإهانة يولدان الحقد وروح الانتقام في النفس، ويمكن أن يؤثر ذلك في تصرفاتها بأكملها.

خوف الضغينة

هنالك الكثير من الجرائم في هذا الشأن من قبل الشغالات في المنازل. وأكدت ذلك بقولها: يجب مراعاة الصحة النفسية، فهي أهم من الجسدية، فنحن نهتم بالأخيرة ونقوم بإجراء تحاليل كاملة للشغالة قبل ابتدارها عملها، ولكن ننسى الجانب النفسي وما يترتب عليه من مخاطر. وتختم قولها بأن: الشغالة أصبحت جزءاً من المجتمع، فلنحرص على سلامة مجتمعنا مما قد ينتج من الضغائن والأحقاد التي يصعب علاجها.

اسأل مجرب

لم يعجبها ما أسلفناه من قول في حق الشغالة السيدة (زحل علي) ربة منزل، فتبدأ قولها: “تدوس ليها تمشي معاك تمام”. وتواصل: بحكم مشواري الطويل هذا أسلم أسلوب في التعامل معهن، أما إذا فكرت أن تدللها فوراً تتمرد عن واجباتها وتستغل حسن المعاملة لصالحها، لذلك لا أعطيها أكثر من مكانتها، وعليها أن تطيع أوامري رغماً عنها. فهي تأخذ أجراً مقابل ذلك، وأنا لا أنقص من أجرها مليماً واحداً، فلا ظالم ولا مظلوم.

شاهد من أهلها

وتجد من يأتي من خارج الحدود ممتهناً تلك المهنة الشاقة، وهو مغلوب على أمره عندما تضيق به سبل العيش في بلده، فلا خيار له غير الهجرة. هذا ما أشارت إليه الآنسة (عزيزة تسفاي) بقولها: جئت لهذا البلد لكي أجد مهنة فعملت خادمة في عديد البيوت، فوجدت من أكرمني وأحسن معاملتي، ومن اضطهدني وتعامل معي كأني آلة تعمل ليلاً ونهاراً دون توقف، وكذلك من أصدر في حقي عقوبات من قوانينه الخاصة، فهو يعلم أنه لا يوجد أحد سيدافع عنا.

عقاب موذٍ

اغرورقت عيناها دمعاً وهي تحكي قصتها التالية: أختي الصغيرة تمتلك جمالاً فائقاً، جاءت تبحث عن عمل وأخيراً آل بها المآل للعمل لدى أسرة عريقة، فظنت أن تلك هي بداية تحقيق أحلامها، خصصوا لها غرفة لوحدها، ولكن يا للمأساة!! نادت عليها سيدة المنزل في أحد الأيام وأمرتها بأن تجلس على الأرض، فجلست بانصياع وخوف دونما اعتراض، فإذا بسيدتها تأتي بموس وتحلق لها شعرها من جذوره (صلعة)، وتضعه في كيس وتعطيه لها كي تلقي به في الزبالة بنفسها.

تضيف، بحرقة، صاحبة المنزل بررت فعلتها مع أختي بقولها “أنا أمرتها أن تغطي رأسك في وجود زوجي، ولكنها لم تسمع كلامي، وهذا جزاؤها”. ختمت (عزيزة) قولها، وهي تتلعثم فرط حزنها على أختها التي مرضت مرضاً شديداً وصارت لا تتكلم من أحد هول ما حدث لها “كان عليها أن تقوم بطردها بدلاً من هذا العقاب المؤذي”.

وأخيراً رجعت أختي إلى بلدها، وهي تحمل شعرها في حقيبتها بدلاً أن تحمل مالاً أو أغراضاً أخرى من هجرتها التي لم تدم طويلاً.

اليوم التالي
خ.ي

[/JUSTIFY]
Exit mobile version