كان في تفكير اعتدال وهي تضع أصابعها في أول غُرف الدردشة الإليكترونية أنّها تبحث عن ما يملأ وقتها وفراغها الذي كانت تصفه بـ القاتل، فكرت في باديء الأمر أنْ تصادق رجالاً متقدمين في السن، يقدمون لها المشورة، وتهتدي بآرائهم. على الأقل، يعوضوها عن زوجها المهاجر، وانقطع خبره لسنوات، ووالدها الذي رحل عنها باكراً.
وبعد عدة صداقات عابرة التقت برجل متزوج وله أبناء وتبادلا الحديث بناءً على طلبها بالاحترام المتبادل واستمرت العلاقة لفترة من الزمن ليست طويلة، تستشيره في عدة أمور تخص حياتها وأهلها وكان يخاطبها بـ إبنتي العزيزة فرأى صورها ورأت صوره حتى تطورت العلاقة للحديث عبر كاميرا الماسنجر. وحينها وقع المحظور وانقلب الحديث من إبنتي العزيزة، الى مشتاقين. للدرجة التي طالبها فيها يوماً للالتقاء. أعتدال قالت بأنّها كانت آخر مرة فيها تلتقِي به في غرف الدردشة.
لكن الأمر لم ينته الى هذا الحد، فقد فاجأها بامتلاكه تسجيلات فيديو للمحادثات التي كانت بينهما وبأنه سيفضحني وينشر كل المقاطع على شبكة الإنترنت والهواتف الخلوية النقالة. في النهاية لم تستجبْ لابتزازاته، ولم يحدث أمر حتى الآن، لكنها تتوقع حدوثه بين كل يوم وآخر.
المال مقابل الونسة
نزار روميو الشات هكذا لقبه أصحابه، منهمك ليلاً ونهاراً في الحديث مع الفتيات على الإنترنت عبر مواقع الدردشة، أشار أنّ أكثر أصدقائه من الجنس اللطيف هُن منْ المتزوجات، وعزا ذلك ضاحكاً الى أنّهن يبحثن عن الكلام الطاعم، حيث يفتقدنه منذ سنوات الحب الأولى أو الشهور الأولى للزواج. نزار قال بأنّه يُكثِر لمثل هذه الحالات الكثير من الحديث المعسول، وأضاف ضاحكاً هو الكلام بقروش؟.
نزار أفاد بأنّ علاقته بالكثير من المتزوجات تصل حد مطالبتهن بالمال، لقاء الأنس الإليكتروني معهن لساعات طوال. مضيفاً بابتسامة كبيرة على فمه المال مقابل الونسة. لكنه في ذات الوقت لم يستبعد أنْ تنحرف الأحاديث الى ما هو غير موضوعي.
خيانة إليكترونية
في بريطانيا أكدت وكالة ريليت المتخصصة في حل المشاكل الزوجية والعاطفية في بريطانيا أن شبكة الإنترنت بدأت تلعب دورًا خطيرًا في تحطيم العلاقات الزوجية، وتقول أنجيلا سبسون رئيسة الوكالة- أن كثيرًا من الرجال والنساء يقضون أوقاتًا طويلة على الإنترنت على حساب الوقت الذي يمكن أن يقضوه مع الزوج أو الزوجة، وأن الإنترنت أصبح بوابة أمام الزوج والزوجة لإقامة علاقات عاطفية غير مشروعة.
وبدأنا نسمع عن أزواج يخونون زوجاتهم مع نساء أخريات بواسطة غرف الدردشة على الإنترنت. وكذلك أوضحت صحيفة الكوزموبوليتان الأمريكية أن غرف الشات تعد خيانة فعلية وانتهاكًا لقدسية العلاقة الزوجية، فلا علاقة زوجية سليمة وصحية بينما الزوج يسهر الليل على الإنترنت يحب ويعشق امرأة أخرى.
تنويع واستمتاع
وقد أجرت باحثة لقاءات مع رجال وسيدات يستخدمون غرف الدردشة، واكتشفت الباحثة أن أغلب من التقتهم قالوا إنهم يحبون أزواجهم، غير أن السرية التي توفرها شبكة الإنترنت تتيح مجالًا لهؤلاء الذين يسعون لعلاقة مثيرة، وقال أحد المشاركين في الدراسة: كل ما عليَّ القيام به هو تشغيل جهاز الكمبيوتر وسيكون أمامي آلاف السيدات للاختيار من بينهن. لن يكون الأمر أسهل من ذلك، ويدخل أغلب الأشخاص إلى غرف الدردشة بسبب الإحساس بالملل أو نقص الرغبة للطرف الآخر أو الرغبة في التنويع والاستمتاع، وقالت بياتريس: إن السبب الأول كان قلة العلاقات مع زوجاتهم، فقد قال أغلبهم: إن زوجاتهم كنَّ مشغولات للغاية في رعاية الأطفال وقلة رغباتهن.
وكشفت الدراسة عن أن أغلب العلاقات بدأت بشكل ودّي ثم تحولت إلى شيء آخر أكثر جدية، وأضافت الدراسة أن ثلث الأشخاص الذين اشتركوا في الدراسة التقوا بعد ذلك بمن اتصلوا بهم، وانتهت كل الحالات ما عدا حالتين بعلاقة حقيقية.
حب إليكتروني
من ناحيتها تشير، نجاة عبد الله، اختصاصية التربية والسلوك، بأنّ ما يتم في الغرفة الإليكترونية المغلقة فيه عدد من التأثيرات ذات الجانبين، أولهما إيجابي والثاني سلبي، فالجانب الإيجابي عند استخدامنا لهذه التقنية بشكل واعٍ والاستفادة مما يقدم فيه من إرشادات وتنظيمات وتصميمات وحتى كيفية معالجة بعض المشكلات الزوجية أو الاستفادة من الدورات التدريبية ونحوها وقد وجدت من طالباتي استفادة عظيمة من بعض المواقع والمحادثات التي ينصحون بعضهم بعضاً بمراجعة موقع أو أستاذ متخصص في بعض الإحصاء أو الخبرات أو المهارات… الخ أما الجانب السلبي فهو إساءة استخدام هذه التقنية في أحاديث الغيبة والنميمة والشكاوى الكيدية وحض الفتيات والفتيان.
كما نصحت بالابتعاد عن من أسمتهم ذئاب الإنترنت، الذين يستخدمون الإنترنت، ليُمارسوا عليه الحب الإليكتروني أسوأ استخدام، ويعدون مرضى غير أسوياء نفسياً، لأنهم أغفلوا عين الله واستهانوا بملكيهم الكاتبين واجترأوا على محارم الله فلم يتذكروا أن لهم والدة أو أختاً أو عمة أو خالة ..الخ ولو تفكروا لحظة فيمن سيتسلط على أحد نسائه كما تسلط هو على نساء غيره لما تجرأ بارتكاب الخطأ. والتقصير ناتج من التربية وغياب الضمير الحي وضعف السلطة الداخلية للفرد منذ الصغر. لذلك لابد من التربية الحسنة والنافعة لينشأ الطفل مميزاً بين الصحيح والخطأ وبين المقبول وغير المقبول.
لا يجوز
من جهته أشار الشيخ آدم إبراهيم، أن محادثة المرأة للرجال في غرف الدردشة أو غيرها بغرض التسلية والأنس حرام لا يجوز، ويضيف أنّ في ذلك ما يعظم الإثم في حق المرأة المتزوجة لما فيه من انتهاك حرمة الزوج وتضييع حقه، فإن الرجل له حق ألا يتحدث أجنبي مع زوجته إلا بإذنه وعلمه، ولذا نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن تكلم النساء إلا بإذن أزواجهن. لأنه مظنة الوقوع في الفاحشة بتسويل الشيطان، ومفهومه الجواز بإذنه، وحمله الولي العراقي على ما إذا انتفت مع ذلك الخلوة المحرمة، والكلام في رجال غير محارم.
وينصح الشيخ آدم النساء بوجوب ترك ما هن عليه من هذه المعصية، وتذكيرهن بنعمة الله عليهن في الزواج، وأن هذه النعمة ينبغي أن تقابل بالطاعة والشكر، ثم بالمحافظة عليها، وأن أفعالهن هذه لو علم بها الأزواج فيوشك أن ينفرط عقد الأسر ويتصدع بنيانها، وبذا يكن قد فتحن على أنفسهن أبواب الشرور والحرمان. فإن أصررن على ذلك فعليهن أن يخبرن بذلك بعض أرحامهن كالأباء أو الأخوان أو أحد الأعمام مثلاً ممن يملك زجرهن وكفهن عن هذا، ومع هذا أن يتخذ معهن من الأفعال ما يشعرهن ببغض لفعلهن والإنكار عليها، وذلك بأن يُهجرن حتى ينتهين عن عصيانهن إذا غلب على الظن أن الهجر سيردعهن عن فعلهن ولن يزيدهن عناداً.
صحيفة حكايات
خ.ي