لو أرادت الحكومة السودانية أو مفوضية الانتخابات أن تضم جزءاً من أرض بورتسعيد المصرية إلى دوائر الانتخابات يمكن أن نتحدث عن «إثارة الفتنة». لكن أن يطالب السودانيون باسترداد أرضهم التي تتبع لقبيلة سودانية أصلاً، فهل هذا يعتبر فتنة؟! هل كانت مطالبة المصريين بإعادة سيناء إثارة فتنة بين دولتين بينهما اتفاقية تطبيع وصداقة؟!. إن «سودانية حلايب» أعمق من «مصرية سيناء».. وبعض المجموعات المصرية التي تسكن الآن في حلايب فإن جذورها أصلاً ليست إفريقية بل قد هاجرت إلى مصر ضمن الهجرات العربية من الجزيرة العربية، لكن البشاريين يشهد لهم التاريخ بأنهم أهل المنطقة الأصليين، فبأي معيار إذن تدعي مصر أن حلايب على أرضها؟! هل المعيار تاريخي؟! لو كان كذلك فإن البشاريين أهل المنطقة قبل أن تأتي تلك المجموعة من الجزيرة العربية. هل المعيار جغرافي؟!. لو كان كذلك فإن جغرافيا الدول حددها الترسيم الذي وزع النوبيين بين دولتين وهم قبيلة واحدة.. هل المعيار إثني؟! لو كان كذلك فإن سكان حلايب الاصليين يشبهون شعب السودان. هل المعيار ثقافي؟! لو كان كذلك، فإن ثقافات الزي والغذاء والتعامل مع الآخر لسكان حلايب الأصليين اقرب إلى ثقافات المجتمع السوداني خاصة مجتمع شرق السودان. هل المعيار سياسي؟! لو كان كذلك فإن السودان يمكن أن يحكمه أحد أبناء حلايب الأصليين.. لكن لا يمكن ان يحكم مصر. أليس كذلك؟
وعلى الأجيال السودانية أن تعي أنها تواجه قضية احتلال لأرض سودانية في حلايب،. إضافة إلى قضايا الاحتلال الأخرى لأرض عربية مثل فلسطين والجولان وجنوب لبنان وجزيرة ابو موسى وجزيرة طمبة الصغرى وجزيرة طمبة الكبرى في دولة الامارات العربية المتحدة. وعلى الأجيال السودانية أن تعي أن بعض الدول التي تدعي حكوماتها انها تناصر القضية الفلسطينية تقوم في نفس الوقت باحتلال أرض في السودان والخليج العربي.
إن المصريين يسعون إلى عملية إعادة ترسيم الحدود بين مصر والسودان. والأولى أن يسعى السودان لإعادة ترسيم ليضم مناطق المجموعات النوبية داخل الدولة المصرية الآن إلى السودان. واعادة الترسيم هنا هو المنطقي حتى لا يتوزع ابناء العمومة في دولتين وهم اصحاب لغة واحدة هي اللغة النوبية المعروفة، وحضارة واحدة هي الحضارة النوبية المعروفة التي تمتد أرضها من شندي في ولاية نهر النيل السودانية إلى محافظة الجيزة في مصر.
وليس لدى المصريين حجة في تبعية حلايب لمصر، لكنه قانون الغاب، واستضعاف دول الجوار بالقوة، والانتهازية للظروف الأمنية المعقدة حتى الآن في غرب وجنوب السودان «جنوبه الجديد». وهذه القوة التي تريد مصر أن تفرض بها واقعاً معيناً، وهي تقول إن حلايب تحت سيطرة الجيش المصري يمكن ان تتعامل معها الخرطوم عبر القنوات الدولية تفادياً لأية فتنة إقليمية بين شعبين مسلمين.. فالفتنة يثيرها الاحتلال المصري وليس «الاسترداد».
صحيفة الانتباهة
ت.إ[/JUSTIFY]