” الملاحظ ان هذا النظام، اضافة الي محاسنه الاخرى، ساعد كثيرا في تقليل الحوادث التي كانت تقع بل و حتى الوفيات االتي كانت تحدث بسبب خروج الحجاج بحثا عن اماكن تناول الوجبات” و فقا للسيد عابدين درمة وهو مسئول البعثة السودانية لشئون الوفيات.
و يقوم النظام الجديد على توفير ثلاث وجبات للحجاج داخل مقار السكن ضمن سعي الادارة العامة للحج والعمرة في تيسير سبل الراحة لحجاج الرحمن وحفظ كرامة الحاج من الهرولة بين الاسواق واماكن الاطعام بحثا عن ما يتناسب والذائقة السودانية وفي ذات الوقت توفير الطعام المشتمل على كافة عناصر التغذية بالنظر الى ان كثير من الحجيج هم من ذوى الاعمار المتقدمة.
وتتكون الوجبة من مواد نشوية وخضر وفاكهة وبروتينات اضافة الي عصائر طازجة بجانب االمشروبات الساخنة الاخرى تقدم بصورة صحية و في مواقيت يتوافق عليها امراء البعثات ورؤساء القطاعات بما يراعي رغبات و مطالب الحجيج اولا و بالتنسيق مع الشركات مقدمة الخدمة بالاراضي المقدسة.
د. احمد البوني مسئول النقل والاطعام وخدمات الحجيج في البعثة السودانية يؤكد ان هذه التجربة كان الهدف الاساس منها هو توقير الحاج السوداني ومنحه الوقت الكافي ليتفرغ للعبادة وايضا تفادي حمل النقود والتي لم يتعود التعامل مع العملة الجديدة وبعد ذلك توفير طعام صحي داخل صالات مضمونة صحيا و تحت اشراف لصيق و مراقبة من المشرفين السودانيين.
و يضيف ان وجود الحجاج في صالة طعام واحدة ييسر من عمل الارشاد وزيادة جرعته مما يساعد الحاج المتلقي على تحسين اداء فريضته والتمتع باتقانها على الوجه المشروع ويخلق مزيدا من الالفة والتجانس بين الحجيج من القطاع الواحد ومع القطاعات الاخرى.
و يؤكد السيد عمر علي مصطفى رئيس مركز المدينة المنورة لخدمات الحجاج السودانيين على ان هذه التجربة ستخضع للتقييم الشامل لمعرفة الايجابيات والابقاء عليها و تدارك السلبيات مع التأكيد على ان هذا العمل يبقى عملا تكامليا وجماعيا.
غير نظام الاطعام يظل واحد من سلسلة من الخدمات الجديدة التي ادخلت هذا العام بما يشمل ادخال بصات ترحيل جديدة تماما في نقل وتفويج الحجيج من والي مكة المكرمة و من والي المدينة المنورة و كلها تتطلب تعاملا مرنا باعتبارها تجربة جديدة لا يتوقع منها ان تصل حد الكمال جملة واحدة، وفقا للمراقبين.
و يكفي ان يقال ان السودان وانتصارا للبعثة الفنية والتقنية والمهندسن السودانيين ومن خلفهم الدعم الاداري والسياسي لادارة الحج والعمرة، ان تم اختيار السودان ضمن 3 دول اسلامية لتطبيق نظام ” المسار الالكتروني” و الذي يعني حوسبة كافة المعلومات و البيانات المتعلقة بالحاج ليس فقط من قبيل اعطاء التاشيرة و رقم الجواز بل وحتي مناطق السكن والاقامة ووسيلة الترحيل مما يعني يسرا في التعامل مع الحاج و تسهيلا لعمل السلطات بالمملكة العربية السعودية وهي تسعي لتوفير خدمة لحجاج بيت الله الحرام في امن و سلام و راحة وطمانينة، و تلك اساسيات تمهد للحاج اداء مناسكه و قد خلى قلبه من هواجس السكن و الترحيل و الاطعام والاعاشة.
و تقول الحاجة عائشة محمد من منطقة القبة ريفي تمبول وهي اول حاجة تنزل من على متن الباخرة نما الى الارارضي المقدسة ” الحمد لله نحمدوه..ربنا يتقبل كل حاجة كويسة..ما قصروا معانا و نشكر ناس الحج و العمرة و نشكر الوليدات…”
و الحاجة عائشة، محمد السبعينية، حالها كحال ما يزيد على الفي( 2000 ) حاج سوداني وصلوا الي المدينة المنورة من القطاعات الخمسة ، ظلت تردد قبل الاجابة على اي سؤال ” كلو بامر الله… كلو بامر الله” يقينا سرى على من حولها و هم يرددون “نعم.. نعم” وقد بدت عليهم قناعة ايمان وقر في القلب وصدقته الجوارح.
ذلك اليقين والذي يدفع 25,600 حاجا شوقاً الي الاراضي المقدسة هذا العام و قد كانوا ممن يقول السودانيون ” ناداهم المنادي” من بين مئات الالاف هم حصة السودان وفقا لما قررته السلطات في المملكة العربية السعودية استنادا الى احصاءات منظمة التعاون الاسلامي، اي 1000 من كل مليون مسلم في القطر الواحد.
و يشار الى ان تقليص نسبة الحجيج الى 80 % ( اي 20 % اقل من السنوات الثلاثة الماضية) كان بسبب العمل الجاري الان على التوسعات غير المسبوقة في حرم و باحات الحرم الشريف لمقابلة الاعداد المتزايدة من زوار بيت الله الحرام
ووفقا لدراسة صادرة عن الغرفة التجارية الصناعية في مكة المكرمة نشرتها وكالة الانباء السعودية(واس) من المتوقع أن يبقى عدد الحجاج للعام الجاري عند نفس مستوياته للعام الماضي، عند 1.98 مليون حاج، على أن يكون نسبة حجاج الداخل 30% منهم بواقع حوالى 600 ألف حاج، مقابل 70% لحجاج الخارج بعدد 1.38 مليون حاج.
واعتمدت على هذا الافتراض نظرا لقدوم موسم الحج هذا العام بنفس شروط العام الماضي، حيث تبقى قرارات الحكومة السعودية بتخفيض عدد حجاج الداخل بنحو 50%، وعدد حجاج الخارج بنحو 20%، كما هي، وذلك لما يشهده الحرم المكي الشريف من مشاريع تطوير وتوسعة لزيادة طاقته الاستيعابية في السنوات القادمة.
و تشير واس الى ان مشروع توسعة المسجد الحرام يعد درة الأعمال الجليلة التي اضطلعت بها حكومة المملكة العربية السعودية في خدمة الإسلام والمسلمين وعقد من اللآلئ التي ترصع التاريخ الإسلامي على مر العصور.
وقد روعي في تنفيذ المشروع أن يكون متميزا من حيث التصميم والتنفيذ وأن يكون مترابطا مع المبنى العام للحرم من حيث الطابع المعماري.
وشهد بناء وعمارة المسجد الحرام على امتداد أكثر من 14 قرن ، نقلات معمارية كثيرة على مر العصور ؛ إلا أن التوسعة الأخيرة للحرم المكي الشريف في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز شهدت تطوراً وتوسعاً أفقياً ورأسياً وخدمياً ، حيث تعد علامة بارزة في تاريخ عمارة المسجد الحرام ، علاوة لإيمان المملكة العميق بأن عمارة المسجد الحرام وتطويره والإنفاق عليه أمانة ومسئولية.
وحظيت منطقة الحرم المكي الشريف في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن العزيز آل سعود بالنصيب الوافر من الاهتمام والمتابعة والبذل ، فسجلت المشاريع العملاقة أكبر توسعة في تاريخ البلد الحرام ، فوُظِفَ العلم الحديث والمعرفة التقنية والهندسية والمعمارية لخدمة هذه المشاريع العملاقة ، ومنها مشروع جبل عمر الذي يشتمل على عددٍ من الأبراج والوحدات السكنية والأسواق والمراكز التجارية والمرافق العامة .
ومشروع أنفاق المشاة الذي يربط الساحات الشمالية للمسجد الحرام بمنطقة جرول ومنطقة الحجون ، ويبلغ عدد العقارات المنزوعة لصالح المشروع 530 عقاراً ، إلى جانب عددٍ من المشروعات التطويرية التي وجه خادم الحرمين الشريفين بتنفيذها كمشروع طريق الملك عبد العزيز الممتد من خط مكة المكرمة جدة السريع غرباً إلى منطقة جبل عمر ويشتمل على مسجد الملك عبد الله وحديقة عامة إضافة إلى المرافق العامة ، بالإضافة إلى مشروع تطوير منطقة الشامية ومشروع مستشفى أجياد الجديد وغيرها من المشروعات التي تجسد الاهتمام بتوفير الرعاية الشاملة لقاصدي هذه المدينة المقدسة لتكون مكة المكرمة في مصاف العالم الأول ومدينة نموذجية في كافة المجالات.
ويجري العمل حالياً في تنفيذ المرحلة الثانية من مشروع خادم الحرمين الشريفين لتوسعة الساحات الشمالية والشمالية الغربية للمسجد الحرام حيث تم الانتهاء من المرحلة الأولى من هذا المشروع وسيكون مجمل المساحة المضافة إلى ساحات المسجد الحرام بعد اكتمال مشروع التوسعة 400 ألف متر مربع تقريباً وبعمق 380 متراً مما يضاعف الطاقة الاستيعابية للمسجد الحرام ويتناسب مع زيادة أعداد المعتمرين والحجاج ويساعدهم في أداء نسكهم بكل يسر وسهولة ، وتقدر القيمة المالية لأكثر من ألف عقار منزوع لصالح المشروع في مرحلته الأولى والثانية ، أربعين مليار ريال سيتم صرفها لأصحاب العقارات ، فيما تواصل اللجان المكلفة بتقدير العقارات ونزع الملكيات أعمالها فيما تواصل الفرق الفنية المكلفة بالتنفيذ أعمالها للانتهاء من المشروع في الوقت المخطط له.
وجاءت الموافقة السامية على مشروع التوسعة في وقت بلغت الحاجة إليها مع الازدياد المضطرد في أعداد الحجاج والمعتمرين والمصلين الذين غصت بهم جنبات الحرم الشريف في أوقات الذروة من العام وخصوصاً في رمضان والأعياد وموسم الحج ، كما أن إزالة أكثر من ألف عقار لصالح مشروع تطوير ساحات المسجد الحرام سيساهم في زيادة الطاقة الاستيعابية للساحات المحيطة بالحرم ، وتذويب التكدس العمراني الهائل الموجود حول منطقة المسجد الحرام المتركز في الجهات الشمالية والغربية وفي الجهة الشمالية الشرقية.
كما يؤدي إلى تفريغ المناطق المحيطة بالمسجد الحرام لتسهيل حركة المصلين ورواد بيت الله الحرام وإعطاء مزيداً من الراحة والطمأنينة للمصلين إضافة إلى تحسين وتجميل منظر شكل البيئة العمرانية بالشكل الذي يواكب التطور العمراني في هذا العصر مع الأخذ في الاعتبار روحانية وقدسية المكان .
ومن المقرر أن يضم المشروع هيكلة إنشاء شبكة طرق حديثة مخصصة لمركبات النقل منفصلة تماماً عن ممرات المشاة وأخرى أنفاق داخلية، مخصصة فقط للمشاة، مزودة بسلالم كهربائية تتوافر فيها كافة معايير الأمن والسلامة وسط منظومة متكاملة من الخدمات التي تساعد على سهولة الحركة والانتقال من وإلى الساحات الشمالية والغربية، وبعيداً أيضاً عن الحركة المرورية ، بما يوفر مصليات جديدة واسعة لزوار بيت الله الحرام لأداء الصلاة فيها ويسهم ذلك في حل الازدحام في أوقات الصلاة خاصة خلال موسم الحج والعمرة وكذلك شهر رمضان .
وتبدأ المرحلة الثانية الجاري تنفيذها من أنفاق جبل علي شرقاً وتتجه إلى الغرب حيث تشمل الجزء المطل على شارع المسجد الحرام وبعض العقارات في منطقة الراقوبة وشارع عبد الله بن الزبير وشمال أنفاق جبل هندي ومنطقة حارة الباب والخندريسة ويبلغ عدد العقارات المنزوعة في هذه المرحلة أكثر من 1100 عقار بالإضافة إلى عددٍ من المشروعات الأخرى الهادفة لتوفير الرعاية الشاملة لقاصدي البيت العتيق وتمكينهم من أداء نسكهم بكل يسر وأمان وراحة وطمأنينة ومن ذلك مشروع توسعة المسعى الذي تم الانتهاء منه وتشغيله خلال موسم حج العام الماضي ، وتنفيذ بعض الجسور الموصلة إلى المسجد الحرام للدخول والخروج منه بكل سهولة.
ويبلغ إجمالي مساحة كل الساحات حول المسجد الحرام 88 ألف متر مربع مزودة بمداخل واسعة تسهل الحركة والتنقل من وإلى المسجد الحرام كما أنشئت بها عـدة مداخل ومخـارج أرضية تفضـي إلـى نفـق السوق الصغير وزودت هذه المداخل بسلالم ثابتة وأخرى متحركة لتسهيل الانتقال.
المدينة المنورة فى 11-9-2014 ( موفد سونا) –
تقرير موفد وكالة السودان للانباء (سونا)