حال المعارضة البائس يزداد جلباً للرثاء، بتنمر السيد فاروق أبو عيسى وتبرمه وضيقه واستهتاره ومهاجمته المستمرة لأحزاب المعارضة الرئيسة مثل حزب الأمة القومي والمؤتمر الشعبي وبقية الأحزاب اليسارية كحزب البعث العربي الاشتراكي، التي تشكل الهيكل العظمي واللحم والسداة لما يسمى تحالف المعارضة.
وليس هناك ما هو أقسى لهذه الأحزاب التي يجاهر بلطمها وشتمها أبو عيسى الذي لن يكون شيئاً مذكوراً بدونها، من انقيادها لتحالف أبو عيسى الذي صار يمنحها صكوك الغفران ويطبع على قفاها فرمانات الحرمان، ويوزع عليها شهادات الوطنية وجودة الحس السياسي، ويختم على أوراقها بأنها أحزاب صالحة للبقاء في بيدر المعارضة ومؤهلة وفق المعايير المطلوبة لإسقاط النظام.
وكفى بها مهانةً أن يراها أبو عيسى بعينه الحصيفة المدركة أقل قامةً من أن بلوغ مرامه وأحلام من معه من الشيوعيين ومناصري الحركة الشعبية قطاع الشمال والجبهة الثورية، والله لقد أتى زمان تستنسر فيه بغاث الطير على نسور الفلا والقشاعم، بعد أن عاش أبو عيسى ذليلاً يتمرغ تحت أحذية الغير يلعق أحذية المخابرات في كثير من الأنظمة العربية البائدة، ويمد يده لسحت الدوائر الغربية التي وجدت فيه ملامح كلاب الصيد التي تريد.
هاجم أبو عيسى هذه الأحزاب، فوصف حزب الأمة القومي بالتواطؤ مع النظام، والمؤتمر الشعبي بالتذبذب في المواقف، وحزب البعث بالمعيق والسطحية، بسبب تلكؤ هذه الأحزاب المذكورة وتقاعسها الذي لم يرضه أبو عيسى وأقرانه وهم يستبعدونها من الاحتفال بالتوقيع على وثيقتي «الإعلان السياسي ودستور التحالف» بين الجبهة الثورية والتحالف الذي يقوده أبو عيسى.. وقد طاش سهم هذا الرجل وهو يفجع فجيعة مرة بموقف حزب الأمة والبعث من الوثيقتين، وقد بنى تحالف الشيطان هذا أحلامه وخيالاته عليها، لدرجة أن أبو عيسى يظن أن انضمام الجبهة الثورية التي تقاتل وتقتل الشعب السوداني في كردفان والنيل الأزرق ودارفور، أكبر وأهم من استمرار حزبي الأمة القومي والبعث داخل التحالف.
وكون هذه الأحزاب المعارضة المنضوية تحت راية الضلالات الكبيرة، يقودها إلى حتفها السياسي هذا الرجل المشبوه المواقف والضمير، تجعل ما يقفز للذاكرة هو المثل الشهير أو القول الحكيم «جيش من الوعول يقوده أسد، خير ألف مرة من جيش من الأسود يقودها وعل»!!
ويقول أبو عيسى: «إن حزب البعث يرفض التعاون مع الجبهة الثورية بحجة أنها مدعومة من القوى الصهيونية والأمريكية.. ولو دخلت الجبهة الثورية التحالف لأحدثت فيه التوازن المطلوب بسبب مواقف الأمة القومي المتواطئة والشعبي المتذبذبة»!!
السيد فاروق أبو عيسى لا يرى أي حرج في الدعم الأمريكي والصهيوني مادام سيقوده إلى بغيته وأهدافه التي هي ذاتها الأهداف الصهيونية والأمريكية في السودان، فأمثاله يشربون من ذات الكأس ويقبضون من ذات الجيب، ويمدون أياديهم السفلى لتلقي دعم هذه الجهات التي تعادي وتكيد للسودان، فهو لا يرى عيباً في مصادر تمويل وتسليح وتجهيز الجبهة الثورية، وسلاحها أهم عنده بكثير من حزب الأمة والمؤتمر الشعبي وحزب البعث بكل تاريخه ومواقفه القومية التي أدت للتآمر عليه وكسر عظامه ودفع أثمان باهظة في العراق وسوريا.
لقد ظل أبو عيسى ضيفاً ثقيلاً على ساحة العمل المعارض في السودان منذ عودته غير المجيدة من غربة طويلة قضاها بين أحضان الأنظمة العربية القمعية العميلة، فهو رجل يحمل فوق ظهره تاريخاً مخزياً غير مشرف في النضال السياسي، ملطخ الوجه والفؤاد والأيدي بكل رذيلة فكرية وسياسية، يتكسب ويتربح بالوقوف ضد بلده ووطنه، ويعيش في خريف عمره وهماً مهيض الجناح بأن الجبهة الثورية بتوجهاتها العنصرية ودمويتها يمكن أن تحقق له جزءاً يسيراً من أحلامه الغارقة وتدلهه المريض بالسلطة.
وربما تكون قصة الإعرابي الجاهلي القديم، الذي نحت لنفسه إلهاً من الحجر في بطن وادٍ ليتعبده، وفوجئ ذات يوم بثعلبٍ يبول على رأس إلهه الصخري، فكفر به وحطم وأنشد قائلاً بيت الشعر المشهور:
أي ربٍ يبول الثعلبان برأسه
لقد ذُلَّ من بالت عليه الثعالبُ
أي أحزاب معارضة هذه التي أذلها أبو عيسى مثل ثعلب الإعرابي الذي عاد إلى صحيح الفطرة؟!
أما قبل – الصادق الرزيقي
صحيفة الإنتباهة