لقد نشر تيم نبلوك في زمان مضى كتاباً عن صراع السلطة والثروة في السودان والآن يشهد الجميع أن صراعاً محتدماً حول السلطة يدور في السودان وعلى سبيل المثال فإن حزب المؤتمر الوطني تدور فيه منافسات شرسة حول المواقع والترشيحات للمواقع القيادية على مستوى الحزب في كافة المستويات أو حول المواقع التنفيذية والتشريعية على مستوى الدولة وبذات القدر تشهد بعض أحزاب المعارضة صراعات حول المواقع وحدود الاختصاصات والمؤسف أن بعض القادة الحزبيين يدورون حول ذواتهم واختصروا كل الوطن في أنفسهم وتطلعاتهم مع تبادل الغيرة بينهم وكل منهم يسعى ليكون هو نجم النجوم في الساحة مع إهتبال بعضهم لكل سانحة عارضة ليبني عليها مجداً زائفاً. وإن الدول الأخرى كأمريكا مثلاً وكافة الدول الغربية ينتهي النشاط الحزبي فيها فور انتهاء الانتخابات وظهور نتائجها وينصرف الجميع لأعمالهم ومباشرة مهنهم المختلفة أما هنا فإن أعداداً كبيرة من العاطلين عن العمل قد تفرغوا تماماً للسياسة واتخذوها مهنة يعيشون عليها ويكسبون رزقهم منها وهذه آفة كبيرة وقد تقتضي الضرورة تفرغ عدد محدود لأداء مهام محددة ولكن لا حاجة لتفرغ جيوش من العاطلين لهذا العمل وبعضهم ظلوا ولسنوات طويلة ممتدة يدعون أنهم في حالة حوار ومفاوضات متصلة مع الحكومة ويدعى كل منهم أنه مقرب لقيادة حزبه يحاور باسمها ويغدو كالمنشار طالع ياكل نازل ياكل من هنا ومن هناك وثالثة الأثافي أن بعض أطراف النظام الحاكم تعتقد أن مقاليد الأمور قد دامت لهم إلى الأبد وعلى الباقين أن يسيروا في ركابهم تابعين صاغرين وأنوفهم راغمة في التراب ويحسبون أن إضعاف المعارضة وتفكيكها هو الذي يضمن لهم البقاء الذي يحسبون أنه سيكون سرمدياً ناسين أن الملك من عند الله سبحانه وتعالى يمنحه لمن يشاء وينزعه ممن يشاء وينسى هؤلاء في غمرة غرورهم أنهم يتحكمون في شعب أضحت قطاعات كبيرة منه تعيش تحت خط الفقر بسبب سياساتهم التي تحتاج لإصلاح وتجديد لا يتأتى إلا بالنقد الذاتي ومد الجسور مع الآخرين ليشاركوا معهم في تسيير دفة الأمور مشاركة فعلية لا ديكورية. وأُبتلى الشعب بقادة تمرد وحملة سلاح ليس لهم في الوقت الراهن قضية وطنية حقيقية يدافعون عنها ولكن توجد قيادات أثرت ثراءً فاحشاً باسم النضال المزعوم وكل همها هو الوصول لكراسي السلطة في وقت أصيبوا فيه بهزائم في الميدان ويخشون من توقف أو تقليل الدعم المالي واللوجستي الذي كان يصلهم وفي مثل هذه الأجواء يدور حديث عن الحوار والمفاوضات في الداخل أوالخارج وهو بطريقته هذه (حديث عوك في عوك كما قال شيخ العرب) وكل طرف يناور ويريد أن يتزاكى على الطرف الآخر وما هو ذنب هذا الوطن الجريح وهو مؤهل لقيام نهضة شاملة ومؤهل ليعيش بنيه في رغد من العيش ولكن تكمن معضلته في صراع مجموعات متنافرة متباغضة من بنيه حول السلطة وما يتبعها من مال وجاه.
صحيفة الانتباهة
ت.إ[/JUSTIFY]