ثروات السودان هائلة وموارده الاقتصادية ضخمة ولكن!!

[JUSTIFY]إن السودان بوضعه الجغرافي الراهن حتى بعد انفصال الجنوب ما زال شاسعاً واسعاً وغنياً بثرواته الضخمة وموارده الاقتصادية الهائلة التي لو تم استثمارها على الوجه الأمثل لأضحى السودان مارداً اقتصادياً جباراً ورقماً كبيراً في الساحة الإقليمية وهو قنطرة تربط بين العرب والأفارقة وبين أفريقيا شمال الصحراء وأفريقيا جنوبها. ويتمتع بأراضٍ زراعية شاسعة واسعة في القطاعين المروي والمطري وبمياه كثيرة من شتى المصادر المطرية والنهرية والجوفية مع تباين المناخات التي تؤدي لتركيبة محصولية متنوعة مع وجود كم هائل من ثرواته النفطية والمعدنية والحيوانية والسمكية والغابية…الخ وكل مقومات الثروة الزراعية والصناعات التحويلية متوفرة فيه ولكنه بكل أسف ظل كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ والماء فوق ظهورها محمول وإن جماع ما هو متوفر في السودان لا يوجد له مثيل في دول أخرى وعلى سبيل المثال توجد دول عربية بترولية غنية ولكنها تفتقر لمقومات الثروة الزراعية وبعضها يعاني حتى في الحصول على ماء الشرب النقي مما يقتضي بيعه في البقالات كأي سلعة أخرى. وهنالك دول مثل ماليزيا وهي من النمور الأسيوية الاقتصادية لا تملك من الموارد ما يملكه السودان ومع ذلك طفرت وقفزت بفعل التخطيط السليم والجدية في التنفيذ والقيادة الحكيمة ويعتبر الرئيس الأسبق دكتور مهاتير محمد قدوة إذ أنه أدى دوره التاريخي الرائد وانصرف في هدوء بعد أن وضع الأساس الراسخ والصرح المتين وإن دولة مثل اليابان خرجت من الحرب العالمية الثانية مثخنة بجراحها ومواردها أقل من موارد السودان ولكن بالتخطيط السليم والهمة العالية والانصراف للعمل والإنتاج قفزت قفزة هائلة وهي من الدول الصناعية الكبرى وتتمتع باقتصاد راسخ. لقد قفزت هاتان الدولتان اقتصادياً للثريا ومازلنا نحن نجثو في الثرى رغم أن كل مقومات النهضة متوفرة وبجانب الثروات والموارد والمواد الخام فإن السودان يعج بالعلماء والخبراء في كافة التخصصات وقد ساهموا في نهضة كثير من البلاد العربية ويعمل الكثيرون منهم في كثير من الدول الغربية ومنظمات الأمم المتحدة وأثبتوا تميزاً منقطع النظير مع وجود الفنيين والتقنيين والعمال المهرة وقد هاجرت منهم أعداد كبيرة وإن الأوضاع لو هيئت هنا وعادت تلك العقول النيرة والسواعد الفتية واستثمرت كل الموارد في ظل نهضة شاملة تعلو فيها الأفعال على الأقوال والبذل والعطاء على الشعارات لأضحى السودان مارداً اقتصادياً ورقماً لا يستهان به في المنطقة والإقليم ولأصبح له ذكر في العالمين. والنهضة الشاملة تتطلب تفجير الطاقات في كل المجالات الإنتاجية والإبداعية أي في مجال الزراعة والصناعات والخدمات المختلفة وفي المجالات الدعوية والرياضية والأدبية والفنية أي أن يسد كل مواطن الثغرة التي تليه وكل ميسر لما خلق له.

لقد نشر تيم نبلوك في زمان مضى كتاباً عن صراع السلطة والثروة في السودان والآن يشهد الجميع أن صراعاً محتدماً حول السلطة يدور في السودان وعلى سبيل المثال فإن حزب المؤتمر الوطني تدور فيه منافسات شرسة حول المواقع والترشيحات للمواقع القيادية على مستوى الحزب في كافة المستويات أو حول المواقع التنفيذية والتشريعية على مستوى الدولة وبذات القدر تشهد بعض أحزاب المعارضة صراعات حول المواقع وحدود الاختصاصات والمؤسف أن بعض القادة الحزبيين يدورون حول ذواتهم واختصروا كل الوطن في أنفسهم وتطلعاتهم مع تبادل الغيرة بينهم وكل منهم يسعى ليكون هو نجم النجوم في الساحة مع إهتبال بعضهم لكل سانحة عارضة ليبني عليها مجداً زائفاً. وإن الدول الأخرى كأمريكا مثلاً وكافة الدول الغربية ينتهي النشاط الحزبي فيها فور انتهاء الانتخابات وظهور نتائجها وينصرف الجميع لأعمالهم ومباشرة مهنهم المختلفة أما هنا فإن أعداداً كبيرة من العاطلين عن العمل قد تفرغوا تماماً للسياسة واتخذوها مهنة يعيشون عليها ويكسبون رزقهم منها وهذه آفة كبيرة وقد تقتضي الضرورة تفرغ عدد محدود لأداء مهام محددة ولكن لا حاجة لتفرغ جيوش من العاطلين لهذا العمل وبعضهم ظلوا ولسنوات طويلة ممتدة يدعون أنهم في حالة حوار ومفاوضات متصلة مع الحكومة ويدعى كل منهم أنه مقرب لقيادة حزبه يحاور باسمها ويغدو كالمنشار طالع ياكل نازل ياكل من هنا ومن هناك وثالثة الأثافي أن بعض أطراف النظام الحاكم تعتقد أن مقاليد الأمور قد دامت لهم إلى الأبد وعلى الباقين أن يسيروا في ركابهم تابعين صاغرين وأنوفهم راغمة في التراب ويحسبون أن إضعاف المعارضة وتفكيكها هو الذي يضمن لهم البقاء الذي يحسبون أنه سيكون سرمدياً ناسين أن الملك من عند الله سبحانه وتعالى يمنحه لمن يشاء وينزعه ممن يشاء وينسى هؤلاء في غمرة غرورهم أنهم يتحكمون في شعب أضحت قطاعات كبيرة منه تعيش تحت خط الفقر بسبب سياساتهم التي تحتاج لإصلاح وتجديد لا يتأتى إلا بالنقد الذاتي ومد الجسور مع الآخرين ليشاركوا معهم في تسيير دفة الأمور مشاركة فعلية لا ديكورية. وأُبتلى الشعب بقادة تمرد وحملة سلاح ليس لهم في الوقت الراهن قضية وطنية حقيقية يدافعون عنها ولكن توجد قيادات أثرت ثراءً فاحشاً باسم النضال المزعوم وكل همها هو الوصول لكراسي السلطة في وقت أصيبوا فيه بهزائم في الميدان ويخشون من توقف أو تقليل الدعم المالي واللوجستي الذي كان يصلهم وفي مثل هذه الأجواء يدور حديث عن الحوار والمفاوضات في الداخل أوالخارج وهو بطريقته هذه (حديث عوك في عوك كما قال شيخ العرب) وكل طرف يناور ويريد أن يتزاكى على الطرف الآخر وما هو ذنب هذا الوطن الجريح وهو مؤهل لقيام نهضة شاملة ومؤهل ليعيش بنيه في رغد من العيش ولكن تكمن معضلته في صراع مجموعات متنافرة متباغضة من بنيه حول السلطة وما يتبعها من مال وجاه.

صحيفة الانتباهة
ت.إ[/JUSTIFY]

Exit mobile version