سوزان مصالح

[ALIGN=CENTER]سوزان مصالح ![/ALIGN] ما بين حظوة (البكر) ومكانته في القلوب كونه أول فرحة، وبين دلع (الحتالة) كونه آخر العنقود والسكر المعقود، دائما ما يروح حق (الوسطاني) تحت قدميي من سبق وأكل النبق، ومن جاء متأخرا فـ كاوش على ما تبقى من مخزون الحب والحنان ..
معاناة الطفل الأوسط من (الحنانيميا) للتهميش العاطفي غير المقصود من الوالدين، تدفع به نحو أحد الخيارات .. أما أن يستسلم للتهميش فينطوي على نفسه ويميل للانعزال مما يؤثر سلبا على شخصيته في المستقبل فـ تبهت ويتحول مع مرور الوقت لـ (الاستاذ منسي)، وأما أن يحاول التحايل على القانون ولو بالتمارض وادعاء الضعف وقلة الحيلة استجداءا للعطف وتحول لـ شحّاد الحنان، وأما أن يجعل من التهميش حافزا للقتال في سبيل الحصول على موطئ قدم تحت شمس الانتباة والحب، ويجتهد سعيا وراء التميز فـ تقوى شخصيته نتيجة لاعتماده على جهده الذاتي في بناء نفسه .. ولعل هذا الخيار الأخير هو الذي اختارته (سوزان) واسطة عقد أخوتها الخمسة.
منذ طفولتها تميزت شخصيتها بالقوة والتفكير المادي والعملي، فقد كانت تجيد تحديد أهدافها، ثم السعي لتحقيقها بعيدا عن العواطف في نزعة منفعية، دفعت اخوتها لتسميتها بـ (سوزان مصالح) .. فلم تحتج على اللقب بل اعتبرته نوع من الثناء.
ففي الابتدائي حرصت على تقوية روابط الصداقة مع رفيقتها (رجاء) بدافع خفي، وهو الاستفادة من شطارة (رجاء) في الرياضيات كي تسعين بها في حل ما يستعصى على فهمها من الواجبات، ورغم أنتقالهما معا لـ الثانوي إلا أن مودة (سوزان) سرعان ما تحولت لـ (خالدة) جارتهم الجديدة في الحي، فغيّرت مدخل خباء قلبها ليواجه باب (المرسيدس) التي تقل (خالدة) في مشوارها للمدرسة غدوا ورواحا، وما ذاك إلا كي تستفيد من (ملح المرسيدس) بدلا من تعب المواصلات.
لم يتغير الحال في الجامعة فقد تحرّت صداقة (لوسي) وشلة صديقاتها (الفافي)، عشما في (ملح الكافتيريا) و(ملح المزكّرات) وبقية (املاحات الراحات) كي ينوبها من حظها جانب من جاور السعيد يسعد.
بنفس الرؤى العملية وليس المصلحية حسب وجهة نظر (سوزان مصالح)، جاء اختيارها لـ (عادل) حتّة الموظف التعبان وزميل العمل شريكا لحياتها، فعندما تقدم لخطبتها حسبتها بـ (حاسبة) ذهنها المتوقد حسبة عملية بسيطة، فما تملكه من مؤهلات الجمال والمال وحتى الدين لا تؤهلها كي تنافس سعيا وراء خيارات عرسان (لقطة)، أفضل من حال (عادل) المستور على تخوم الكفاية وليس الكفاف، لذلك بصمت بالموافقة دون تردد وفي ذهنها وطموحها أن تصنع من فسيخ (قصر اليد) شربات المستحيل بعين بصيرتها .. وقد كان.
فقبل مرور عقد من الزمان واحتفالها مع (عادل) بعيد زواجهم العاشر، كانوا قد شدّوا الرحال من بيت الايجار ليعمروا ديارهم الجديدة، بعد أن قاموا بتسوير الحوش وبناء غرفة وبرندا مفتوحة مع مطبخ صغير في قطعة الارض التي وقعت من نصيبهم في الخطة الاسكانية، والتي حفيت أقدامها في المساسقة للحصول على تصاديقها.
عملية وواقعية (سوزان مصالح) تمثلت في رؤيتها الواضحة لما تريد وكيفية الحصول عليه بالمتاح من الامكانات، لذلك وضعت نصب عينيها أكمال الحد الادنى من البناء في البيت عن طريق مباصرة الماهية والدخول في الصناديق، كي ينتقلوا إليه ثم يستعينوا بـ حق الايجار كي يكملوا بقية البيت (علي مهلتهم) .. تلك الصفات مع صفاء القلب والهمة العالية هي ما جعلها تتربع على قلب (عادل) دون ان تنازعها عليه النوازع، فقد كانت له خير زوجة إذا نظر إليها أسرته باجتهادها في العناية بنفسها، وان غاب عنها تيقن من أن قفاه ليس بـ الاعوج طالما تركه في رعاية (سوزان)، لذلك عندما فارقها لأول مرة وسافر لمأمورية تابعة للعمل، أرقه الحنين إلى عشه البسيط وزغبه الصغار فكان يتصل بهم مساء كل يوم حتى زجرته ونهته عن التبزير فـ حق الاسكراتشات يجيب ليهو كم صفيحة رملة، وعندما صادفت اجازة الكريسماس وعيد الاستقلال فكّر في العودة ليقضيها معهم رغم أن انتهاء المأمورية بعد حوالي العشرة أيام، ولكن عندما فاتحها بتلك الرغبة في تلفون المساء سألته بنهرة حارة:
حق تذكرة البص ده مش بجيب ليهو شوالين أسمنت؟
وعندما أجابها بـ (آي) زجرته بشدة:
سمح شد حيلك يا راجل .. كل الفضل ليك أسبوع وتلاتة يوم !!

بالله .. أولا تستحق منّا (سوزان مصالح) لقب الزوجة المثالية ؟

لطائف – صحيفة حكايات
munasalman2@yahoo.com

Exit mobile version