كان الإعلاميان توفيق عكاشة وعبد الرحيم علي، المنتميان لمعسكر الإعلام المؤيد للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، من أبرز مروجي ما يعرف بـ”الدعاية المضادة لثورة 2011″، فقد واظب علي، صاحب برنامج “الصندوق الأسود”، على بث مكالمات شخصية لعدد من النشطاء المشاركين في تلك الثورة بدعوى كشفه لمؤامرة وتوّرط أصحاب هذه المكالمات في قضايا تخابر، على حد تعبيره.
نهاية المُهمة
الإعلامية ليليان داود، مُقدمة برنامج “الصورة الكاملة”، الذي تبثه فضائية “أون تي في” المصرية، ترى أن المشهد الإعلامي في مصر يتسم بالفوضى، حيث تقول لـDW عربية “رغم هذه الفوضى إلا أن الفترة الأخيرة كانت بمثابة تأكيد على أن الإعلام الفضائحي، الذي يتعمّد التشهير بالأشخاص، يحمل معطيات هزيمته”.
وتؤكد داود، التي تقدم واحدا من أكثر البرامج المصرية مهنية، أنها لا تخاف على مستقبل المشهد الإعلامي المصري لأنه يصلح نفسه بنفسه، وتوضح :”ملاك القنوات التي كانت تقدم هذه البرامج الفضائحية اكتشفوا، في النهاية، أن هذه المنتجات الإعلامية تضر بمصالحهم..هكذا أدت “أبواق السلطة الحاكمة” مهمتها، ولم تعد هناك حاجة لوجودها”.
بالمقابل فإن “إغلاق قناة “الفراعين” يعتبر أمرا متوقعا، كما يقول أستاذ الإعلام في جامعة القاهرة صفوت العالم في حديث مع DW عربية. فقد كانت القناة في “أزمات مالية مستمرة لعدم تحقيقها لإيرادات كافية”، بينما تكشف واقعة إيقاف برنامج عبد الرحيم علي عن حدوث تغيّر في أجندة تعامل الدولة مع هذا الملف.
“لا يوجد استقلالية”
لا يرى العالم أن وصف “إعلام الصوت الواحد” ينطبق على المشهد المصري، حيث يقول: “هناك بعض الأصوات النقدية، لكن بشكل عام هناك توافق مع ما يتمّ من سياسات، خاصة أن الإعلام، ليس مستقلا، فهو يعكس طبيعة وحدود النظام السياسي”. مصر دولة نامية والحديث عن إعلام مستقل يعتبر شكلا من أشكال المبالغة، حسب تعبيره.
“رسالة للإعلام المؤيد” من جانبه يعتبر المحلل الإعلامي محمد عبد الرحمن أن ما يحدث الآن هو صراع على قيادة الرأي العام بين تكتلات سياسية وأجهزة أمنية، حيث يقول لـDW عربية “المشهد الإعلامي سيظل فوضويا ويتسم بالعشوائية، وعملية التخلص من الوجوه السيئة أو صاحبة الأداء الفضائحي هو نتيجة لهذا الصراع المكتوم، الذي لا نستطيع تبينه”. كما يعتبر المحلل الإعلامي أن هناك عملية عشوائية لتطهير الإعلام المصري، لكنها تتخذ طابع الرسالة بأن لا أحد يتمتع بحماية الرئيس!
يرى عبد الرحمن أن مستقبل الإعلام ليس واضحا، “قد تتجه الأمور لتأسيس مجلس أعلى للإعلام، وهو السيناريو الأفضل، ومن الوارد أن تكون هناك سيطرة مباشرة من جانب السلطة، وهو أسوأ سيناريو محتمل”.
كما يربط المحلل الإعلامي بين عملية إيقاف بث آخر حلقات “الصندوق الأسود” وموضوعها؛ حيث كانت مخصصة لعرض مكالمات خاصة برجل الأعمال المصري نجيب ساويرس، ويضيف عبد الرحمن: “لم يتوقع مقدم البرنامج أن ساويرس سيتدخل بهذه القوة، وفيما يخص قناة “عكاشة” فكلنا نعرف أن الدولة حينما تطالب بسداد فواتير والتزامات مالية متأخرة، فإن ذلك يكون من أجل محاصرة هذه القناة، بالضغط عليها أو للتخلص منها”. رغم ذلك فإن عودة كل من توفيق عكاشة وعبد الرحيم علي، ليست أمرا مستبعدا، خاصة بعد أن يكونا قد استوعبا الدرس، حسبما يؤكد عبد الرحمن.
[/JUSTIFY][/SIZE]
[FONT=Tahoma]
DW
م.ت
[/FONT]