مين زينا؟ شباب الحزب الحاكم في مرايا غندور.. بعيد أن آثروا صنع جنتهم في الأرض عوضاً عن السماء.. هل سيدفع إخوان حامد ممتاز بمرشح للرئاسة على طينتهم

[JUSTIFY]أمس الأول وقف البروف إبراهيم غندور في بهو قاعة الصداقة وهو يحدق بنظراته في وجوه شباب الحزب الحاكم، طبيب الأسنان والنقابي كثيف الحضور هذه الأيام كان يخطب في مؤتمر الشباب بوصفه نائباً لرئيس الحزب، ثمة عبارة دلقها الرجل في ثنيا حديثه وهو يمتدح عضويته: “شباب الوطني صنعوا من طينة خاصة” ذات العبارة تخيرتها بعض صحف الخرطوم في عناوينها الحمراء، غندور بدا وكأنه يغني على طريقة الفنان عماد أحمد الطيب (مين زينا)، وقد احتار الكثيرون في تفسير ما عناه غندور، فهل أراد أن يزكي في نفوسهم المآثر؟ أم أنه يحاول فرز خيار عن خيار؟

هي ليست طينة إدريس جماع التي غشيتها نار وجد على كل حال، طلاقة الحضور والمكان والحناجر الصاخبة تغري بأكثر من ذلك، فنحن قبالة حزب عملاق كما يردد قادته، التاريخ الذي يستعيد وقائعه الماكرة كان حاضراً لدى خصوم الوطني، ثمة من لوح بصورة جمال مبارك المزهو بأحلامه وهو يسخر من معارضيه (الفسباكة).

أمين لجنة السياسات بالحزب الوطني ساعتها كان يرد في قاعة بهية وسط القاهرة على سؤال بآخر: “رد إنت يا حسين”!!

شباب (الوطني) هنالك وشباب (الوطني) هنا، دون شك فجوة التباينات حاضرة ويصعب ردمها، هي فجوة عميقة فليست ثمة علاقة بين حامد ممتاز وجمال مبارك، ولكن وللمفارقة فإن قاعة الصداقة التي أقيم فيها مؤتمر شباب الوطني أمس الأول وقاعة الحزب الوطني التي كان يتحدث فيها الابن مبارك بنبرة متعالية، كلا القاعتين تطلان على أمواج النيل، ووليد السيد نفسه الشاهد الذي رأى كل شيء في مصر وخرج في ظروف غامضة هو نائب أمين الشباب هنا اليوم، جرافات الحزب الحاكم رفعت وتيرة تعبيد طريقها للانتخابات، هو حزب شبابي كما يردد أصحابه، زهاء الستة ملايين رجل معظمهم من الشباب هم رصيده الذي لا ينفد، الرسالة التي حاول أن يزج بها الموجودون داخل قاعة الصداقة هي أنهم ضمنوا الفوز بالسباق الانتخابي قبل أن يبدأ.

غندور دعا الشباب الذين صنعوا من طينة خاصة إلى تقديم النموذج في الانضباط والعمل الصالح، وشدد على أن المؤتمر الوطني يحاول أن يبني الديمقراطية في هذا الوطن “طينة شباب الوطني لا مثيل لها في كتب التاريخ إلا على مقربة من تصورات الفوهلر هتلر لنهضة ألمانيا، والتي خلدها في كتابه المثير للجدل (حياتي) وهو يقدم لنظرية الجنس الآري.

ثمة حركة تدب في أحشاء الجسد الذي بلغ بضعة وعشرين عاماً داخل جدران المبني الأخضر، هنالك في شارع المطار، تغيير يعقبه تغيير، وتصريح ينافح محنة التكلس، تنخفض وجوه وترتفع أخرى، يمسك بخطام المرحلة في الظاهر على الأقل شباب أنفقوا هتافاً وجهدا حثيثا في المدن والأدغال، صعدوا إلى واجهة الأحداث ودوائر العمل التنفيذي وآثروا أن يصنعوا جنتهم في الأرض عوضاً عن جنة السماء، وليقتربوا أكثر من الهم العام، امتلأت المقاعد الشاغرة في الوزارات وتبقت الوسائد الخالية في الحزب فمن سيضع رأسه عليها؟، وهل ينتصر جيل التضحيات؟

الصورة حتى الآن هى ملمح لحزب يعبئ نفسه في قناني جديدة، أو هكذا يبدو في العيون.

على تخوم جزيرة كبيرة يجلس رئيس الاتحاد الوطني للشباب السوداني الدكتور بشار شوقار وهو يقلب أوراق الحوار المجتمعي، يعتصر ذهنه ويخرج للدولة بتصور كبير لا تحده رقعه السياسة، حصاد العام السابق والجاري أعمل المكتب القيادي للحزب الحاكم مبضعه في كثير من الأمانات وبعض القطاعات، باستثناء أمانة الإعلام والتعبئة السياسية التي ظل فيها ياسر يوسف قابعا إلى حين وبدت كالتوأم السيامي مع وزارة الإعلام فياسر هو بمثابة مذيع الربط بين الأمانة والوزارة.

الاستثناء الآخر تلاه الحزب في مطبخ نساء المؤتمر الوطني، وهي أمانة تمور بتباينات صاخبة لكنها توطدت في يد الأستاذة انتصار أبوناجمة في آخر فرز، وظل حوش النساء المعروف بأمانة المرأة يتمدد كالجزر المعزولة، جزيرة الدكتورة سعاد الفاتح وجزيرة رجاء حسن خليفة التي تمسك بملف ساخن على مقربة من دوائر القصر وكادت تتفرغ لكتابة مذكراتها، وجزيرة الأستاذة سامية أحمد محمد المحبوسة في قبة البرلمان، ولكن كل هذه الجزر بدت زاهدة في الدفع بمرشح للرئاسة.

الطلاب حكايتهم مغايرة، صوت الاتحاد أعلى من صوت القطاع، يكاد يكون النيل الفاضل المنصرف بكلياته صوب غزة هو الأكثر حضوراً بعيد أن دخل الفاتح الحسن القصر الجمهوري.

لو عدنا بالذاكرة للوراء، في تقاسيم المؤتمر الرابع لأمانة الشباب برزت بعض الخلافات في ما يتعلق بمقررات المؤتمر التنشيطي، ولكن جاءت تطمينات قادة الشباب بأن المؤتمر المقبل سيشهد مفاجآت كبيرة وتغييرات واسعة على مستوى السياسات والوجوه ونشطت عددة لجان في إعداد رؤية شاملة تلبي طموحات الشباب وظروف المرحلة.. وببرز خلاف حقيقي في بعض القضايا المطروحة المتعلقة بنسب المشاركة في الحكومة وفاعلية الشباب في الحزب والدولة وتقييم الأداء في المرحلة المنصرمة، بعدها صعدت وجوه شبابية إلى سدة العمل التنفيذي والتنظيمي، ومضت قوافل الكبار لترتاح من عناء السفر الطويل، وبالرغم من ذلك يشعر الكثيرون بأن المكان هو نفسه المكان، وأبطال التظاهرة هم ذاتهم الأبطال بحللهم الزاهية، تغيرت الوجوه ولكن لم تتغير السياسات ما لم يدفع الشباب بمرشح من طينتهم إلى رئاسة الجمهورية.

اليوم التالي
خ.ي

[/JUSTIFY]
Exit mobile version