* كتبت قبل بضعة أيام تحت عنوان (أحتقر نفسي) اشيد بالعاملين في دار المايقوما لرعاية الأطفال المحرومين من نعمة الأبوين، واستنكر في نفس الوقت الخداع الذي نمارسه على انفسنا بادعاء الرحمة والتكافل الاجتماعي، بينما نقف عاجزين عن توفير الحماية المطلوبة لهؤلاء الاطفال من (مأساة اللجوء) التي تبقى جرحاً نازفاً في قلوبهم طول العمر، بينما البعض في الخارج مستعد لدفع مبالغ باهظة مقابل طفل واحد يتبناه ويسبغ عليه الحب والحنان والعطف، وهو الواجب الذي كان يتحتم علينا القيام به وليس الاجنبي، لاعتبارات كثيرة على رأسها الانتماء لوطن واحد!!.
* وهو كلام واضح لا لبس فيه، ألخص فيه باختصار شديد نظرة المجتمع السوداني الخاطئة لأولئك الاطفال الأبرياء، ودعوتي لتغيير تلك النظرة الخاطئة، والعمل على نشر ثقافة التبني لدى الأسر السودانية بما يتماشى مع ثقافتنا واعرافنا السائدة!!
* غير ان الأخ (أبو عبد الله).. فهم شيئاً آخر، وكتب يقول..
* (ألا تعرف ان الذين يشترون الاطفال بمبلغ (120) ألف دولار، ليغدقوا عليهم (كما تزعم) حنانك المزعوم والعطف الذي فقدوه في المجتمع السوداني، هم من الاوربيين والامريكان الذين يمطرون اطفال غزة بالقنابل الفسفورية؟!).
* ثم يقول..
(ألا تعلم ان هؤلاء الاطفال يتم استخدامهم في الدعارة، ويستخدمون كقطع غيار واسبيرات لأطفال الغرب المرفهين، ويتم بيع اعضائهم عضواً عضواً بعد تقطيع اوصالهم إرباً إرباً؟).
* ثم يفصح عن ما في نفسه تجاه هؤلاء الاطفال الأبرياء بالقول..
(ألا تعرف ان بعضهم او معظمهم ثمرة العلاقات غير الشرعية التي تنشأ على ضفاف النيل بين شاب وفتاة، وبعد ان تحمل سفاحاً تقوم ترمى الطفل في اي مكان ليدخل ملجأ المايقوما؟!).
* ويسترسل في هذه النقطة قائلاً: (ألست انت من كان يدافع عن حرية الشباب والفتيات في مقالك بعنوان (جريمة الترويح عن النفس)، الذي اعتبرت فيه مراقبة الخارجين على القيم والاخلاق تعدياً على الحقوق والحرية الشخصية؟!).
* ويضيف.. (فها هي الحرية غير المسؤولة التي تدافع عنها تأتيك بالاطفال مجهولي الهوية)!.
* ثم يخلص في النهاية الى القول..(الكلمة الوحيدة التي اصبت فيها في مقالك هذا هي (احتقر نفسي) فحقاً يجب عليك ان تحتقر نفسك ان كان لك نفس أصلاً!)!.
* كان هذا هو ما جادت به قريحة الأخ ابوعبدالله، وهو احد القراء المداومين الذين اعتز بهم، وباختلافهم معي في الرأي، مهما كان الأسلوب الذي يتخيرونه في التعبير عن هذا الاختلاف ما دام مشروعاً، ولا يخرج عن حق (حرية التعبير).. الذي كفلته الشرائع والدساتير!!.
* غداً باذن الله أرد على (ابو عبد الله).. انتظروني!.
drzoheirali@yahoo.com
مناظير – صحيفة السوداني – العدد رقم: 1161 2009-02-5