** ويخطئ من يظن بأن تلك الأشياء حين تضيع تسترد بعائد النفط ، لا ، فكم من شعب لم يزده النفط إلا خبالا .. أو تستجلب بدينار المستثمر الأجنبي ، لا ، فكم من شعب لم يفده الاستثمار الأجنبي إلا كسلا .. وكذلك تلك أشياء لاتتوفر برحيل الحرب فحسب ، لا ، فكم من شعوب آمنة بيد أنها جامدة كما الحجارة .. أو كما مشاعر الكل وهى تقرأ خبرا كهذا .. إليك الخبر ..!!
** محمد عمر بلة ، تلميذ بإحدى مدارس رفاعة ، أخطأ في يوم ما كما يخطئ كل البشر ، لم يجد معلمه غير ما يعرف بالخرطوش الأسود وسيلة للعقاب ، وضربه به ، ووقع التلميذ أمام زملائه فمات ، عليه رحمة الله.. ولي الأمر تقبل أمر الله وتنازل عن الحق الخاص ، وتحرت الجهات المختصة وعلمت بأن المعلم خريج ثانوي متعاون ولا يملك سجلا فى وزارة التربية والتعليم .. هكذا الحدث .. جاء خبرا فرعيا فى بعض الصحف و..«خلاص » ..!!
** لك أن تتخيل لو أن حدثا كهذا حدث في بلد شعبها يتقن أن يعيش حياته كما يجب وليس كما يجد .. كل الشعوب وجدت حياتها فى زمن ما وهى تحمل كل تفاصيل الغابة والصحراء .. بعضها رفض تلك الحياة وغيرها إلى حيث يجب أن تكون ، مثالية يحيط بها سياج الوعي ، و البعض الاخر وجد حياته بكل تفاصيل الغابة والصحراء وقبل بها حياة له ولأجياله التى تعيش ذات الحياة بذات التفاصيل بلسان حال يقول : هكذا وجدنا آباءنا الأولين ..وعليه ، نحن نعيش حياتنا اليوم كما وجدناها قبل ألف سنة ، ولم تحدثنا أنفسنا لحظة بأن نعشها كما يجب ..ولهذا لم ولن يحدث أي رد فعل عند موت تلميذ ، بضربة معلم ، بالخرطوش الأسود .. ألم أقل لك ، صديقي القارئ ، بأننا نزحف إلى حيث نكون كثبانا من الرمال غير المتحركة ..؟.. فماذا تتوقع ان يحدث لحال كهذا ..؟… لاشئ ..!!
** هل تنتظر إقالة أو استقالة مدير المدرسة ، لأنه أستوعب معلما لايتقن إلا الخرطوش الأسود وسيلة للعقاب المؤدي الى الموت ..؟.. لا تنتظر إقالته أو استقالته ، فهذه وتلك من المستحيلات فى بلادى .. فهل تنتظر اقالة أو استقالة وزير التربية بولاية الجزيرة لعجزه عن تطبيق قرار منع الجلد بولايته ..؟.. لا ، تكون قد انتظرت سرابا .. هل تترقب ضجيجا وصخبا لمنظمات المجتمع المدني ..؟.. لا، فتلك لاتحس إلا بآلام الزعماء وسلاطين السياسة ، وهذا طفل من البسطاء ، فلا تنتظر بؤسا قابعا فى مجتمعنا مسمى بمنظمات المجتمع المدني ..أما والي الولاية ، فلا تنتظر منه حتى مجرد تكبد مشاق الذهاب لأسرة التلميذ المكلومة ، مشاطرا رعيتها أحزانها.. لا تنتظر فعلا كهذا ، سيادته مغرم بمتابعة الهلال والمريخ ، والتلميذ هذا لم يكن حارسا هناك ولا مهاجما هنا ..هكذا رد الفعل : سكون ولامبالاة .. وكأن ذاك اليافع لم يكن يملك حق الحياة .. لك الرحمة يا محمد عمر ولأسرتك الصبر الجميل .. هكذا نحزن حين نفقد عزيزا ، فكيف تحزن وزارة حين تفقد نهج « التربية والتعليم » …؟
إليكم – الصحافة الخميس 05/02/2009 .العدد 5607 [/ALIGN]