النزاعات فى السودان وضعت القضاء السودانى امام محك واختبار خاصة وان الساحة السياسية أخيراً شهدت العديد من المحاكمات التى أثارت الرأى العام الداخلى والاقليمى ولا شك ان تطور الجريمة التى يشهدها المسرح السودانى مثل جرائم القتل والعنف كانت بمثابة تحد كبير حيث لاتزال المحاكم تفصل فى عدد كبير من القضايا مثل (مقتل غرانفيل)
—-
ولكن القضاء السودانى فتح امس قلبه امام الاعلام وقدم مرافعة كبيرة عن نفسه دحض فيها كثيراً من الاتهامات وفك كثيراً من الطلاسم ووعد بتمليك الرأى العام الحقائق والمعلومات عن كافة القضايا شريطة ان لاتؤثر على مجرى التحقيقات الجنائية.
وحاكم الصحافيون القضاءالسودانى حيث تحولت القاعة الى محكمة المتهم فيها هذه المرة القضاء نفسه فى سابقة وصفها الصحافيون بأنها الاولى من نوعها لكن القضائية وعدت بتكرار اللقاءات بين الاعلاميين لتمليك الرأى العام الحقائق بعد اعترافها بسلطة الاعلام الرابعة.
مولانا عبدالرحمن شرفى قاضى المحكمة العليا قدم امس للصحافيين شرحا تفصيليا عن تطورات القضاء وتطورات الجريمة ونزاهة القضاء واستقلاله عن السلطة التنفيذية والتشريعية وارجع شرفى الفضل كله لقضاة السودان الأوائل أمثال الشيخ احمد الطاهر ومولانا ابورنات. وأثنى كثيراً على الاعراف والقوانين التى وضعها الانجليز وقال نحن مازلنا نتعامل بقوانين وضعها الانجليز وأعدنا طباعة كثيراً من الكتب هذا العام مبينا بان القضاء السودانى متمسك بثوابت من قبل مائة عام وهو الدليل على نزاهة القضاء الذى تعتمد على تشريعاته كثير من الدول الافريقية والعربية.
تجدر الاشارة الى ان القضاء السودانى يمر بمراحل ابتداء بالمحكمة الجزئية مروراً بقاضى المحكمة العامة ومحكمة الاستئناف والمحكمة العليا ومحكمة القاضى المتعدد وينتهى بدائرة المراجعة العامة وهذه المراحل جعلت من القضاء فى السودان دقيقا فى التحقيق والتعمق والبحث.
ولكن شرفى استعرض التطور التقني الذي يعمل به القضاء فى البلاد والبيئة العملية التى يعمل بها القاضى وهي كفيلة بأن تمنعه من الوقوع في التدخلات التنفيذية خاصة وان ميزانية السلطة القضائية يقررها رئيس الجمهورية ولا تنافش فى البرلمان او غيره مما لايدع مجالا للتدخل فى ترقيات القضاة او تنقلاتهم وهى بمثابة ضمانات تكفل استقلال القضاء.
الشفافية التي تحدث بها مولانا شرفي جعلت الصحافين يتحدثون بجرأة وانهالوا عليه بالاسئلة الحرجة فى قضايا حساسة شغلت الرأى العام الداخلي والخارجي مثل محاكمة هارون وكوشيب فى جرائم دارفور ومحاكمة مرتكبى احداث امدرمان وقضية محمد طه. ولكن شرفى دافع بشراسة وقدم مرافعة قانونية كبيرة خرج الجميع راضون عنها تماماً.
وعلمت »الرأى العام« ان عدد المحاكمات التى تمت فى جرائم ارتكبها افراد القوات النظامية فى دارفور بلغت حوالى (36) قضية تحت المادة (130) القتل العمد وعدد كبير من المحاكمات المدنية ولفت شرفى الى ان المحاكمات فى دارفور تجرى يومياً وابان ان القضاء السودانى مرن وقادر على حل كافة النزاعات بما فى ذلك الاهلية والقبلية فى دارفور.
وتشيرالمعلومات الى ان نسبة الفصل فى الجرائم التى حققها القضاء فى العام 2007- 2008 بلغت حوالى (98%) بالرغم من تطور الجريمة وتعقيدها .
ولكن الصحافيين اشاروالى ان البعض شكا من طول جلسات المحاكمات وطول المرافعات الامر الذى جعل الناس يرفضون اللجوء الى القضاء خوفا من التعقيد والرسوم الباهظة إلا أن شرفى كشف عن لجان لدراسة تبسيط اجراءات المحكمة فى القضايا الى جانب لجان اخرى تبحث عن عقوبة بديلة لعقوبة السجن والتي قال انها تلحق ضرراً بالزوجة والابناء وقال إن العقوبة يجب ان تكون شخصية أى يتأذى منها الجانى مثلاً (الجلد).
ورصدت مفكرة مولانا جلال الدين عثمان رئيس القضاء السابق اشارات وملامح لاستقلال القضاء السودانى ونزاهته التى اقرت كفالة الراتب المجزى للقاضى وكفالة الامن الوظيفى وذلك لتعزيز الثقة فى نفس القاضى خاصة وان احكامه نافذة بحكم الدستور.
ورصدت المفكرة احكاماً صدرت ضد رئيس الجمهورية والسلطات التنفيذية فى فترات متعاقبة برهنت ان مبدأ سيادة القضاء وحكم القانون كنموذج قضية محمد برشم ضد حكومة السودان بموجب المادتين (50) و(51) التآمر بتقويض النظام الدستورى للبلاد وكان احد المتهمين وزير داخلية سابق ويدعى ( س-ح ) فى قضية برهنت عدم تأثر القضاء بالسلطة السياسية وقضية عمر محمد الطيب فى ترحيل الفلاشا الى اسرائيل وقضية لجنة جامع الخليفة ضد معتمد العاصمة القومية.
وحول قضية محمد طه محمد احمد قال شرفى إن المتهمين اتيحت لهم فرصة كافية للدفاع عن انفسهم وذلك وفق جلسات بلغت (75) جلسة وحوالى (37) ممثل دفاع وهذه فرصة كافية للدفاع عن النفس .
أما عن الاحكام الصادرة ضد أحداث الهجوم على امدرمان قال على المتهمين (ان يحمدوا الله بانهم لم يحاكموا بالقانون الجنائى الذى لا يسمح بتدخل رئيس الجمهورية والذي كان سيحكم عليهم بالاعدام لان عدد القتلى فى الاحداث حوالى (200) يطالب ذووهم بالقصاص. اما محاكمتهم وفق قانون الارهاب فقد أفرجت عن عدد كبير منهم وهناك توقعات بافراج ما تبقى منهم .
خالد فرح :الراي العام