كان من المفترض أن ألبي دعوة من إمارة الشارقة في دولة الإمارات العربية المتحدة، لأكون ضيفاً مشاركاً في احتفاليتها المشهودة، التي بدأت منذ اثنين وثلاثين عاماً، والمعروفة عالمياً باسم (معرض الشارقة للكتاب)، إلا أن بعض الظروف الخاصة منعتني من شرف المشاركة، وإن كنت أكثر الناس حرصاً عليها للتمتع بالنظر في قاعات عرض الكتب، وتقليب صفحاتها ومحاولة اقتناء بعضها، إذ أنه من المستحيل أن يقتني زائر لمعرض كتاب كل المعروض، خاصة إذا كان عدد دور النشر المشاركة فيه أكثر من ألف دار، توزع إنتاجها على ست قاعات ضخمة، تضم عناوين وتخصصات قلّ أن تجتمع تحت سقف واحد.
بدأ معرض الكتاب منذ اليوم السادس من نوفمبر الحالي، و«الشارقة» في هذا الشهر، بل كل دولة الإمارات العربية تكون في أبهى حللها، منتعشة بالمطر ومنعشة بالشتاء، وهي إمارة حية – الشارقة – أحبها كل من زارها، لا تشعر فيها بضيق المدن وزحامها، ولا تحس أنها تقل عن أفخم وأعظم العواصم المتحضرة، فالحدائق منتشرة، والميادين كبيرة وواسعة تستقبل أنشطة الشباب وألعابهم ولهوهم البريء في أوقات عديدة.
مباني «الشارقة» متفاوتة الارتفاع، لكنها راقية ونظيفة، أحببتها مثل غيري ممن زاروها من قبل، ولم أشعر فيها بغربة قط، بل على العكس من ذلك منحتني – مثل كل دولة الإمارات العربية المتحدة – إحساساً بـ(المواطنة)، فللمواطن السوداني وضعه الخاص ومكانته المميزة لدى أهل الإمارات، حكومة وشعباً.
صحيح أنني لم أتمكن من المشاركة في معرض الشارقة الدولي للكتاب، لكنني ظللت أتابع فعالياته والأنشطة المصاحبة له من خلال الصحف وأجهزة الإعلام الإماراتية المختلفة، وأقول لنفسي – غير نادم -: (فرصة وراحت)، وهي فرصة لن تتكرر إلا في مثل هذا الشهر من العام القادم، إن مد الله في الآجال.
وأكرر ذات العبارة (فرصة وراحت) لغرام صاحبكم بالكتب والمكتبات، وهو غرام وعشق قديم يعرفه المقربون منه، لذلك يهدونه (كتاباً) في كل مناسبة سعيدة، وفي أحيان كثيرة (بدون مناسبة)، بل إن بعض الأصدقاء والمقربين من الذين يعيشون في الخارج، يحرصون على إهداء صاحبكم الكتب الجديدة قبل أن تصل إلينا في السودان، وأحسب أن حب القراءة هو ما يسيطر على أفئدة كل الصحفيين أو من المفترض أن يكون كذلك، فالذي لا يقرأ لا يكتب.. ولا يتعلم.
بعد ومسافة – آخر لحظة
[EMAIL]annashir@akhirlahza.sd[/EMAIL]