واستهل المحلل السياسي الإسرائيلي، تسفاي برئيل، تقريره بفقرات من بيان وزارة الخارجية المصرية، الذي طالبت خلاله السلطات الأمريكية بضبط النفس في أحداث الشغب، التي شهدتها ولاية ميزوري الأمريكية، عقب مقتل شاب أمريكي أسود على يد الشرطة الأمريكية.
وقال إن «هذا الرد المصري غير المسبوق لم يكن مفاجئا في ظل التوتر السائد بين مصر والإدارة الأمريكية، عقب اتهام واشنطن للقاهرة بانتهاك حقوق الإنسان»، وذلك بعد أيام من محاولة مسؤولو منظمة «هيومان رايتس ووتش»، دخول مصر لعرض التقرير، الذي أعدوه عن أحداث فض اعتصام رابعة، إلا أن السلطات المصرية منعت دخولهم لأنهم لم يطلبوا الحصول على تأشيرة دخول، واعتبرت الحكومة المصرية، في بيان رسمي، أن سلوك مثل هذه المنظمات يثبت أنها «تعتقد أنها فوق القانون».
وقال برئيل: «على الرغم من الزيارات المتكررة لوزير الخارجية الأمريكية، جون كيري، وتصريحات الإدارة الأمريكية الأخيرة، التي قالت فيها إن السيسي يقود عملية التحول الديمقراطي في مصر، إلا أن الولايات المتحدة مازالت تجمد جزءا من المعونة العسكرية المخصصة لمصر»، وأضاف: «مصر قررت الانتقام من الأمريكيين، وإجبارهم على دفع ثمن تدخلهم في شؤونها الداخلية».
وأوضح: «مظاهر الانتقام تجلت في إعلان الرئيس عبدالفتاح السيسي عن المبادرة المصرية لوقف إطلاق النار في غزة منفردا، وبدون التشاور مع واشنطن، مما فاجأ الأمريكيين، كما تجلت في رفض السيسي كل الدعوات التي تلقاها لزيارة الولايات المتحدة، وفضل على ذلك التوجه إلى روسيا، ومقابلة الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، لتكون مقصده في أول رحلة له خارج منطقة الشرق الأوسط».
وقال المحلل الإسرائيلي إن «زيارة روسيا لم تكن زيارة مجاملة»، مشيرا إلى أن السيسي زارها حين كان وزيرا للدفاع حيث اتفق هناك على حزمة مساعدات عسكرية روسية للجيش المصري، وحان الآن وقت التنفيذ.
وأضاف أن الاتفاقيات المصرية الروسية تضمنت حصول مصر على طائرات «ميج 29»، وأنظمة دفاع متقدمة مضادة للطائرات، ومروحيات «إم آي 35»، ومنظومات أسلحة مضادة لسفن، وأسلحة خفيفة وذخيرة، فضلا عما يتردد عن عزم روسيا بيع صواريخ «إس 300» لمصر.
وذكر أن وفدا روسيا زار مصر، الجمعة الماضي، لإنهاء المباحثات الخاصة بصفقة السلاح، مرجحا أن تمولها الإمارات العربية المتحدة، وقال برئيل إن «هذه الصفقات تثير غضب الجالسين في واشنطن»، متسائلا عما: «إذا كانت مصر تعتزم تكرار لعبة جمال عبدالناصر، وما إذا كانت الولايات المتحدة بدأت فعليا فقدان نفوذها على مصر».
وأوضح برئيل أنه «من المبكر التأكيد الآن على أن مصر تغير وجهتها، لأن ارتباطها بالولايات المتحدة ما زال كبيرا، ليس بسبب المليار دولار التي تحصل عليها كل عام من واشنطن، خاصة أن دول الخليج منحتها 5 مليارات في عام واحد»، ولكنه قال إن الولايات المتحدة ما زالت تمثل «الظهر» الذي تستند إليه مصر في المؤسسات المالية العالمية، وعلى رأسها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.
ويعتقد برئيل إن« السيسي يسعى إلى التحرر من الارتباط بالولايات المتحدة، ويخلق لمصر مساحات أوسع للمناورة السياسية»، وقال إن« السيسي لا يريد لأى أحد أن يشغله بأى قضايا هامشية أو يعطله عن تنفيذ أجندته التي تتضمن إصلاح الاقتصاد المصري ومكافحة الإرهاب، سواء كان مصدره جماعة الإخوان أو الجماعات الجهادية في سيناء».
وقال برئيل إن «عبدالفتاح السيسي، خلال الشهور الثلاثة التي مرت منذ توليه رئاسة مصر، أظهر حنكة دبلوماسية وقدرة على الزعامة والقيادة السياسية، حتى إن هناك من يقارنه بخصمه المرير الرئيس التركي، رجب طيب أردوجان».
وقال المحلل الإسرائيلي إن «حرب غزة أتاحت للسيسي الفرصة كي يوضح للجميع أن مصالح مصر فوق أي شأن عربي أو إسلامي أو دولي»، وأضاف برئيل: «غزة، من وجهة نظره، يمكنها أن تذهب إلى الجحيم، إذا لم تدرك قيادة (حماس) من الذي يمسك بالطرف الآخر لأنبوب الأكسجين، الذي يبقيها على قيد الحياة».
المصري اليوم
ي.ع