كانت أزمة المواصلات في العاصمة بلغت ذورتها قبل أن تأتي هذه الحكومة في ذلك الوقت، فتقترح حلاً اعتبرته شبه جذري، باستجلاب عربات أشبه بـ (الميني بص) لكنها بلون التاكسي الأصفر، لتكون مواصلات عامة تعيد للعاصمة شهيقها وزفيرها، فتتنفس بعد ضائقة المواصلات الكبرى.
()
فرقت الحكومة (دم) هذه السيلة الجديدة التي أطلقت عليها اسم (التاكسي التعاوني) قبل أن يأتي الأهالي بعد عقدين ونيف ويطلقون عليها (مريم الشجاعة) فرقته بين المحطة الوسطى أم درمان (الموقف الحالي) وسوبا، إلى أن جيئ بخط المواصلات السريع، وحصر التاكسي التعاوني كله في أم درمان.
حصار الخطوط
يقول (عوض الكريم محمد)، أقدم سائقي تاكسي تعاوني في العاصمة، وهو يمسح بكفه على (بودي) عربته: عملت في المحطة من العام 1983م، جاء التاكسي التعاوني منذ العام 1984م، كان (التاكسي) في بداياته يعمل بنظام الطرحة بجانب المشاوير الخاصة إلى كل أنحاء العاصمة وحتى الولايات، ولكن في الآونة الأخيرة تم حصره في خط معين (الثورة بالنص والمهداوي خليفة)، لأسباب تدركها شرطة المرور وحدها. وأردف: ظل موقف التاكسي في الوقت السابق، والحالي هو المحطة الوسطى أم درمان، شمال الجامع الكبير، قبل أن يضيق ويزدحم بخطوط مواصلات أخرى كالجرافة وود البخيت.
مريم الشجاعة
وعن من أطلق عليه اسم (مريم الشجاعة)، قال: مجموعة من الشباب، أطلقوه عليه من باب المزاح لأنه يتمتع بالمتانة والقوة ويتحمل السفر والمشاوير البعيدة، فعندما يطلقون على عرباتنا هذا الاسم نتبادل الضحك وأحيانا نرد على ناطقها شر رد. وأضاف: هذه المتانة والصلابة جعلتها تعيش عمر طويلاً، وهي بجانب هذا كله تتحمل التجديد ولا تحتاج سوى لصيانة بسيطة، ومن عيوبها أن السائق يفاجأ بالأعطال دون مقدمات، ولتفادي مثل المواقف قمنا بتغيير ماكينة التاكسي إلى (هايلوكس)، مشيراً إلى أن الإسبيرات متوفرة جداً، تأتي من اليابان عدا البودي.
(عوض الكريم) يعود بذاكرته للوراء قليلا متذكراً سعر التاكسي: في السابق كان (60) جنيهاً ووصل سعره الآن (50) ألف جنيه.
تعرفة تعبانة
بجانب هذا يقول (يوسف محمد) – سائق – التعرفة التي وضعتها النقابة والمرور (تعبانة)، ونحن أكثر الفئات تضرراً منها، لأن التاكسي يسع (12) مقعداً فقط، يأخذ منها الطراح على كل فردة جنيهاً كاملاً، وجنيهاً آخر لضابط النمرة (المسجل)، أما الضرر الأكبر، فيتمثل في زيادات الجاز والزيت، علماً بأن قيمة التذكرة (جنيه ونصف) إلى خليفة، الذي يزاحمنا فيه سائقو الهايسات رغم أن تذكرتها بجنيهين ومرات ثلاثة، والمواطن يدفع لهم تعريفة كاملة، وبطريقة ساخرة يضيف: “عرباتنا أرخص من الملح” حتى الملح قابل للزيادة، وتعرفة التاكسي ثابتة، كأنهم بوزعوا الزيت والجاز مجاني، مرات لمن يتفاقم علينا الوضع يلجأ البعض إلى استخراج تصديق سفر بقيمة (50) جنيهاً للسفر إلى الولايات مثل مدني وشندي. وأردف: وفي رمضان نسافر كوستي الصباح، وفي المساء نشحن طرحات.
ملاكي وما مغطية
ينقسم سائقو التكاسي وملاكها إلى ثلاث فئات (قدامى السائقين، المعاشيين، والشباب) وجميعهم بحسب (يوسف) يعتبرون مؤسسي الموقف. واستدرك: لكن الشباب نسميهم بـ (الدبابين)، لأنهم يتحملون مشاق العمل حتى المساء بينما يرجع المعاشيون من العصر. وعن تفاقم مشاكل سائقي التاكسي التعاوني، أشار (يوسف) التاكسي في حالات مزاحمة مع ركشات وهايسات الجرافة. وأردف: إلى أن ربح العربية، وصافي دخلها اليومي لا يتعدى الخمسين جنيها بعد شراء الجاز والزيت، بجانب هذا وقت الذروة البعض يدخل في مكان ليس له مما يسبب مشاكل ملاسنات مع أصحاب التكاسي، مطالبا بلسانه ومن معه الحكومة بالتدخل لحل أزمة التعريفة في ظل الغلاء المتواتر بين ليلة وضحاها
اليوم التالي
خ.ي