– كانت نجوى تجلس ساهمة وهي تستمع الى مرؤسها الذي صار لها خطيبا رغم عن ارادة الاسرتين الرافضتين لمشروع هذه الزيجة وان اختلفت اسباب الرفض .. كان هشام على خلاف عميق مع اسرته بسبب رفضهم لمديرته في العمل التي كانت لها تجربة سابقة في الزواج وتكبره قليلا في السن، بينما كانت علة رفض اسرتها له ان نسبه المتواضع لا يرتقي لنسب اسرتهم الذي يرفعهم لمصاف علية القوم، على الرغم من اصرارها عليه اشفاقا على نفسها من ان تحكم تجربتها الفاشلة السابقة، على حظها في العثور على زوج بكر، تكمل معه رحلة الحياة بعيدا عن خيارات المعددين أو الارامل الباحثين بدل فاقد لرعاية ايتامهم ..
كان يومها يحدثها عن دعوته لمجموعة من اصدقائه ليتناولوا معه العشاء، وكيف انه طلب من امه وشقيقاته الذي يتكفل بهم بعد وفاة والده، ان يقمن بتجهيز الوليمة على الرغم من خلافة العميق معهن وروح الشقاق والجفوة التي تسود بينهم .. سألته بدهشة:
كيف عايزهم يعملوا ليك عزومتك وانت متخاصم معاهن ؟
فأجابها بدهشة اكبر: والمانع شنو ؟ ليه ما يخدموا ضيوفي ؟
اجابته: هو انت كلام ما قاعد تتكلم معاهم .. عايزهم يخدمو ليك ضيوفك كمان .. الجابرهم شنو ؟؟
اجابها بقسوة جعلتها تسرح طويلا:
ولا على كيفن .. دا واجبن يخدمن وكراعن في رقبتن .. وللا كمان اجيب ناس من برا عشان يخدموني ؟ مش كفاية اني ضيعت شبابي معاهن .. شقيان بيهم ومتبالي بي مصاريفن بالسنين .. ؟!!
نفس حالة السرحان انتابتها عندما كانت تجلس بجواره وهو يقود بها عربتها الخاصة التي استلم مفتاحها منذ يوم الخطوبة وصار يوصلها بها يوميا من والى العمل ثم يذهب بها الى منزل اسرته .. جلست بجواره في صمت محايد وهو يحكي لها عن ضيقه وتبرمه من حركات احدى شقيقاته التى اجبرته بقلة ادبها ولسانها الطويل ان يشوت صينية العشاء في وجهها عندما وضعتها امامه بصورة تنم عن عدم الاحترام .. سألته بحذر:
كيف ختت ليك الصينية بي عدم احترام ؟
اجابها مغتاظا: رمتا لي قدامي زي البتقدم لي صدقة
سألته بعد نهاية الحكاية لتتأكد من انهائه للمشهد الدرامي بالاعتذار من اخته على فقدانه لاعصابه بصورة اهانت أخته ونعمة الطعام، فأجابها مستنكرا لسؤالها الغبي:
اعتذر ليها كيف يعني ؟ مع انو غلط الزول يرمي الاكل لكن حا تكون الفايدة شنو من العملتو لما اعتذر ليها .. والله ياهو كمان جابت ليها اعتذار ؟؟
كل اندهاشاتها وصمتها الحائر لم تجبرها يوما على مراجعة نفسها في هذا الاختيار، لذلك لم يكن مستغربا أن يعود الصمت المحتار ويستمر الحال بعد ان صارت هي – نفسها ضحية لمسبباته ..
كانت تجلس امام المرايا بعد مرور عدة اشهر على زواجهم، وهي تتشاغل بتسريح شعرها حتى تمر ساعة هياجه عليها بسلام وقد صار له عادة لا تحتاج للبحث عن اسباب منطقية .. كان يكيل لها السباب يتهمها بالتلامة والبلادة والدم البقري ..
ازداد هيجانه على ما اعتبره تجاهلا منها لغضبته، واتهمها بأنها تسائره بصمتها باعتباره مجنونا، فلم تجد ما تدفع به عن نفسها سوى المزيد من البحلقة المرعوبة، عندما التقت عيناهما عبر المرايا فحدقت فيه بنظرة عينيها الواسعتين كعيني بقرة الوحش .. تقدم منها في هستريا وارتفعت قدمه وشات المرايا فتشظت الى عشرات المرايا الصغيرة التي كانت تعكس عشرات الصور عينيها المتسعتين وقد غمرتها الدموع ..
[/JUSTIFY]
منى سلمان
[email]munasalman2@yahoo.com[/email]