خالد حسن كسلا : اشتعال الجنوب وما لم يفهمه الجنوبيون

[JUSTIFY]وجنوب السودان لماذا لا يشتعل؟ فلماذا أصلاً شجعت القوى الأجنبية تمرد بعض ضباط الجيش السوداني من أبناء الجنوب عام 1983م على التمرد على الدولة بعد أن هدأت الأوضاع الأمنية في الإقليم الجنوبي بنسبة كبيرة جداً بعد التوقيع على اتفاقية أديس أبابا وانفسح المجال لانطلاق مشاروعات التنمية؟

إن ما لم يفهمه شعب الجنوب حتى الآن وحتى الجيل الجديد الذي توفر التعليم والوعي الاجتماعي لأغلبه هو أن ثعلب القوى الأجنبية قد برز بعد إعادة الأمن والاستقرار بتنفيذ إتفاقية أديس أبابا في ثياب الواعظين له أو إذا فطن القليل منهم للمؤامرة الأجنبية، فهو لا يشير إليها لأنه يحمل طموحاً لا يسمح له بذلك، وهذا السلوك نوع من تجارة الحرب والاستثمار فيها وفي الكراهية العنصرية.

ولكي تضمن القوى الأجنبية استمرار نسف الاستقرار في الجنوب حتى يصير في حاجة دائمة إلى القوة الأمريكية والصهيونية، لا بد طبعاً من فصله عن الدولة السودانية، نعم أغلب شعب الجنوب اختار الانفصال، ونعم أغلب شعب الشمال رأى أن فصل الجنوب هو العلاج الناجع للمشكلات الأمنية والاقتصادية والإنسانية هنا وهناك، أو هنا على الأقل، لكن هنا الآن يبق الواجب السياسي لأبناء جنوب السودان هو أن ينصبوا سرادق العزاء ليبكوا فيه ويترحموا على اتفاقية أديس أبابا المذبوحة بتمرد بعض أبناء الجنوب في الجيش السوداني عام 1983م. نعم لماذا تمرد كاربينو وقرنق؟ هل بسبب تقسيم الإقليم الجنوبي إلى ثلاثة أقاليم؟ إن التوترات القبلية المزمنة في جنوب السودان تستوجب أن يقسم إلى عشرة أقاليم على الأقل وليس ثلاثة فقط كما حدث عام 1982 بعملية انتخابية استفتائية ديمقراطية، فنميري لم يصدر قراراً بالتقسيم أبداً، فحينما جاءته جماعة جيمس طمبرة الإستوائية عشاءً يبكون، قالوا إنا لا نريد أن نكون ضمن إقليم واحد يحكمه أبناء الدينكا ويسيطرون عليه من جوبا المدينة الإستوائية، قال لهم نميري لن اتخذ قراراً، لكن لتكن هناك انتخابات. وقبل الطرفان بإجرائها طبعاً، فأنصار وحدة الإقليم يقودهم كلمنت أمبورو.

وأنصار التقسيم يقودهم جيمس طمبرة وجوزيف لاقو، وكسب الإستوائيون أغلبية الأصوات، وكان بعض الشباب الإستوائيين أثناء الحملة الانتخابية يرتدون تشيرتات مكتوب عليها «الإقليم الإستوائي الآن».. فهو تقسيم إداري، أما الآن فالمعركة ليس الإستوائيون طرفاً فيها، فهي بين الدينكا والنوير وبين أبناء القبيلتين الذين اتحدوا في حركة تمرد واحدة. وكان ثمار التمرد فصل الجنوب بعد تحبيب أكثر الجنوبيين فيه وكذلك أكثر الشماليين.

السؤال الأهم: هل بدون تمرد بعض أبناء الجنوب الذين كانوا ضباطاً بالقوات المسلحة، هل بدون تمردهم كانت ستقع مشكلات أمنية واقتصادية وإنسانية تستدعي الشعور لدى أغلب الشماليين بالحاجة الملحة إلى فصل الجنوب؟ طبعاً لا. لأن اتفاقية أديس أبابا في مارس1972 كانت تغني عن أي تحركات لحل مشكلة الجنوب.

وإذا كان نميري قد انتصر على خصومه الشماليين بالقوة في أعوام 1970و1971و1972 و1976م فهو قد انتصر على خصومه الجنوبيين بالتفاوض الذي أنتج اتفاقية أديس أبابا.

إن ذبح اتفاقية أديس أبابا بتمرد كاربينو وقرنق قاد إلى ذبح الأمن والاستقرار الآن في الجنوب. فخلاص الجنوب اتضح أنه ليس في اتفاقية نيفاشا 2005م وإنما كان في اتفاقية أديس أبابا 1972م، والمجتمع الدولي المتآمر يفهم هذا وتتضرر مصالحه وأطماعه من اتفاقية أديس أبابا، وهنا بماذا يمكن أن يعلق العميل منصور خالد؟ فهو مهندس اتفاقية أديس أبابا، وبعد أن توقفت مصالحه في ظل حكم نميري تعاطف مع من ذبحوا اتفاقية أديس أبابا التي كانت الخلاص الحقيقي لجنوب السودان في كل النواحي.

صحيفة الانتباهة
ت.إ[/JUSTIFY]

Exit mobile version