عوض الله نواي: اصبحت ثقافة الرشوة في السودان لا حرج فيها بالرغم من انها عملية مسيئة للانسانية

الرشوة اصطلاحا ما يقدمه صاحب الحاجة محقا كان ام باطلاً الى من بيده قضاء حاجته او من يجب عليه القيام بذلك سواء اكان ذلك مباشرة او بواسطة، وسواء كان بطلبه او عن طريق المصانعة ، الرشوة هي عبارة عن مقابل غير مشروع للحصول على منفعة معينة،

وهي ممارسة غير مقبولة ناتجة عن تعسف في استعمال السلطة، واستغلال الموظف لسلطته التقديرية وخيانة للأمانة سعيا وراء الإثراء غير المشروع ، ويقدم المواطن الرشوة إما جهلا بالقانون أو استغلالا لجشع الموظف بغية الحصول على مبتغاه .

الرشوة باشكالها المختلفة اصبحت في سائر المجتمعات وفي الدول النامية تحديدا من الامراض المجتمعية الخطرة ذات المنشأ النفسي والذي ينمو في ظل فساد اداري بعيد عن الرقابة ، الوازع الديني وحده يكفي لخلق رقابة زاتية ربما تعد الاكثر جدوى من أية رقابة اخرى قد تفرضها عبرالقوانين والأنظمة والمتابعات الادارية الاخرى.

وهناك من يساهمون في ترسيخ الفساد في كافة قطاعات الدولة ، وتعتبر الرشوة أحد أشكال الفساد بمسمياتها المختلفة ، فمن الصعوبة أن يتم إنجاز خدمات جماهيرية للمواطنين في المصالح والمؤسسات الحكومية دون دخول الوسطاء في كثير من المصالح .

والرشوة داء خطيرا بالمجتمع ويسري به كما تسري النار بالهشيم وهي دليل على انتشار الفساد الاداري والمالي بل هي احدى عناصره، فالفرد قد يلجأ اليها لتحقيق مصالحه الشخصية ويسعى هو الى اغراء الموظف بها، مرغما على دفع الرشوة عندما يوقن انه لا سبيل يقيه من تعسف الموظف الا هي، او عندما لا يجد الادارة التي تكافح هذا السلوك فاما ان يدفع المطلوب واما سيخسر ما هو اكثر من قيمتها.

واصبحت ثقافة الرشوة في السودان لا حرج فيها بالرغم من انها عملية مسيئة للانسانية ، لن تستطيع ان تتحدث في اي مجتمع بصوت عالي ان فلان ( جيهك) بمعني انه ناولك رشوة ، اذهب ايها المرتشي الي ابنائك وقل لهم ذلك ، لن تجد منهم القبول ، زوجتك لن ترضي ان تشتري منزلاً عن طريق اموال اغترفتها من الرشوة ،

ان الضمير وحده من يهزم هذه الظاهرة التي دمرت اقتصاد السودان وحولته الي كومة عمارات .
انظروا الي دولة اثيوبيا التي لا تجد مجال فيها للرشوة طريق ، ان حاولت ذلك سوف تجد عقوبة ربما تصل الاعدام ، المعاملات كلها تتم بسلاسة .
متي نفعل ضمائرنا التي غابت ومتي نسترد ما سلبه منا الشيطان في استلاب حقوق الجماهير التي تسرق في وضح النهار ، ان الرشوة هي التي دمرت السودان .
انا لله وانا اليه راجعون

عوض الله نواي-صحيفة الوطن السودانية

Exit mobile version