أغاني لمستمع هابط

[ALIGN=CENTER]أغاني لمستمع هابط [/ALIGN] [ALIGN=JUSTIFY]نلج إلى شيء لم نتخصص فيه سوى السماع به فقط.. ذلك المجال الذي يسمى بالاستماع إلى الأغاني، وأحمد الله وأشكره كثيراً بأنني اكتشفت عدم صلاحية صوتي لكل من يرغب الاستماع للأغاني، رغم أنني كنت مبدعاً في تلحين الأناشيد أيام المدرسة. وإبداعي اللحني (راح شمار في مرقة) في ظل غياب تمارين الصوت.
المهم، لنعد للموضوع الأساسي في عمود اليوم، وفيه أحاول بقدر ما أمكن الدفاع عن أبناء جيلي من المغنين الذين وقعوا ضحية ظروف ليسوا هم المسؤولين عنها ولا يعني ذلك براءة جيلي بصفة مطلقة مما ينسب لهم. لقد برزت العبارات في البداية كنقد موجَّه للشباب المغنين ثم صارت تطلق كشيء عام بالقول (أغاني هابطة) وفي التمادي أكثر من اللازم صار بعض الناس يقولون بأن ما يصفونها بالأغاني الهابطة هي نفسها الأغاني الشبابية.. لقد أبدع القوم وبرعوا حتى صنفوا الأغاني نفسها وما يستغربني جداً بأن نفس الأغاني الموصوفة بالشبابية هي نفسها أو بعضها يعود تاريخ تأليفها إلى أكثر من خمسين عاماً مضى.
والأغرب هو النقد الموجَّه إلى الكلمات الصادرة من المغنين والمغنيات في حفلات الأورغن التي لا تتعدى أكثر من ترديد عبارتين أو ثلاث، وتتحدث عن (شمارات وجبنات وعرس العزباء… إلخ). وإذا قسنا هذه الكلمات التي ليست في حدِّ ذاتها هابطة إن لم تكن لها آذان صاغية تمثل ذوق أصحابها، فإننا سنجد بأن أبناء جيلي رغم عدم اتفاقي مع بعضهم في تلك الأغاني المزعجة أقل درجة هبوط الذوق. إذا استمعنا لبعض مقاطع الأغاني القديمة التي في بعضها اسماء أجزاء من جسد المرأة يتغنى بها مغنو جيل المخضرمين السودانيين، وليس الأمر كذا فحسب بل إن الأغاني التي يقال بأنها إمتلأت اليوم بعبارات الحب سنجد نظيرها في السابق تحوي كلمات أقوى تعبيراً من اليوم مثل الذي قال (البعبدها) فوجد انتقاداً حاداً من أحد رجال الخطب المسجلة ودعا له بـ(تربسة قلبه: من تربس يتربس أي يغلق ويقفل).. وكذلك في الوقت الراهن هناك أغنية فيها (أجمل صدفة يوم لاقيتك… أسعد يوم يومي اللاقيتك.. نور عينيّ يا ما حبيتك.. إلى أن يصل المغني إلى العبارة: بعبد حبك… انا بهواك).
إذن هبوط الأغنية أو سموّها حسب رأيي ليس له علاقة بعمر المغني، إنما كلماتها وألحانها وطريقة تقديمها. بل أحياناً تكون هناك أغنية ليس بها عيب سوى طريقة أدائها، فمثلاً يمكنك المقارنة ببساطة ما بين شريطي الأستاذ محمد وردي (المرسال) و(جميلة ومستحيلة) فالذي يستمع للأول لا يستطيع مواصلة الثاني ويكاد يغالط نفسه بأن المغني هو نفسه الأستاذ وردي. أو مثلاً فالاستاذ سيف الجامعة يمكن الاستماع إليه بكل أريحية إذا كنت مستخدماً شريطه (وصتني وصيتا) بينما تجد نفسك لا تستطيع الاستماع لواحدة من الأغاني التي جاءت في شريط كاسيت آخر فيها الكلمات (دا الحب.. دا الغرام دا).
إذن، فالأغنية الهابطة لا يمكن استمرارها إن لم يكن لها رواج وهذا يعني بأن الهبوط إذا وجد فليس في جيل اليوم بل المجتمع ككل. [/ALIGN]

لويل كودو – السوداني-العدد رقم 1158- 2009-2-2

Exit mobile version