حلايب السودانية و مزايدات السيسي بـين روسيا وأمريكا

[JUSTIFY]لا تزال الولايات المتحدة الأمريكية تنتظر انتهاء النزاع حول منطقة حلايب السودانية و المزاعم المصرية حولها، لاتمام مخططها القديم بإنشاء قاعدة عسكرية أمريكية على البحر الأحمر تشمل منطقتي حلايب وشلاتين، ويرجع الطلب الأمريكي لبداية العام 1956 بعد أن اتفق رئيس الوزراء عبدالله خليل في ذلك الوقت مع أمريكا على إنشاء قاعدة في حلايب، وهو ما رفضه وقتها الرئيس جمال عبدالناصر، وأثناء حكم الرئيس الأسبق إبراهيم عبود تقدم الأمريكان بتجديد الطلب آنذاك بواسطة وزير الدفاع الأمريكي روبرت ماكنمارا ورئيس البنك الدولي ومهندس حرب فيتنام، مقابل إيجار سنوي لمنطقة حلايب وشلاتين لتدر أموالاً سنوية بالعملة الأجنبية على السودان تماماً كما يفعل خليج «غوانتانامو» الذي يدر على كوبا أموالاً سنوية مقابل إيجار أمريكا له، وحتى العام الجاري تجدد الحكومة السودانية شكواها للأمم المتحدة بشأن ملف مثلث حلايب وشلاتين، وقالت إنها تنتظر حسم المنظمة الدولية حسم الملف، كما أنها ستدخل الانتخابات القادمة في أبريل المقبل.

لكن ما دعانا للحديث أن التدخل المصري في الأراضي السودانية بمثلث حلايب، كان هدفه في الاساس الحصول على هذا العرض الذي سيدر على مصر مليارات الدولارات بصورة سنوية، بخلاف الثروة المعدنية في المنطقة التي لم تقم الخرطوم باتخاذ أي إجراء يمكن الشركات من التنقيب فيها حتى الآن.

لهذا فإن بعض القيادات العسكرية المصرية التي تتلقى الدعم الأمريكي السنوي او المعونة، تسعى وراء هذه المنطقة وتقوم بالتحركات فيها لإقناع الإدارة الأمريكية بان منطقة حلايب السودانية تحت السيطرة المصرية، وما يجدر ذكره أن نفس تلك القيادات العسكرية المصرية كانت وراء صفقة مشروع «تطوير قناة السويس» الذي كانت تسعى وراءه دولة قطر، لكن الانقلاب العسكري على حكم الرئيس المنتخب محمد مرسى ألغى الاتفاق وسلم تطوير القناة لشركة سعودية تسمى «دار الهندسة» مع شركة اخرى تابعة للجيش المصري، الأمر الذي سيدر على مصر مليارات الدولارات سنوياً مقابل هذا التطوير. وللعلم فان الشركة التي تسمى «دار الهندسة» أسسها المهندس الفلسطيني كمال الشاعر وكانت ذراع تمويل خليجية غير رسمية لمنظمة التحرير في الستينيات والسبعينيات لكن في الثمانينيات كان الفرع السعودي لشركة «دار الهندسة» مرتبطاً بمؤسس الاستخبارات السعودية الشيخ كمال أدهم.

المهم أن مثلث حلايب السوداني لم يبرح مكانه في دهاليز الأمم المتحدة، وسط السعي المصري الحثيث اليه، نخشى أن يقوم النظام المصري ببيع مثلث حلايب وحكومة السودان تنتظر رد الأمم المتحدة عليها، خاصة أن الترويج الإعلامي الذي قام به الجيش المصري بقيادة عبدالفتاح السيسي عقب الانقلاب بشأن مثلث حلايب، عندما قال في أول حوار له بعد الانقلاب على الرئيس السابق محمد مرسي، أن أكثر ما يشغل المؤسسة العسكرية هو «حلايب» مشيراً بان حلايب أهم ما يشغلنا لأنها تمسُّ الأمن القومي، ولان الادارة الامريكية قللت الاهتمام بالنظام المصري بعد اراقته الدماء في شوارع القاهرة وتوترت العلاقات حيث لم توجه حتى دعوة للرئيس السيسي للقمة «الأمريكية الأفريقية» الأسبوع الماضي ردت عليها القاهرة بتفتيش وزير الخارجية الأمريكي جون كيري عند لقائه بالسيسي قبل أسبوعين، ما حدا بالرئيس المصري السيسي ان يتجه الى دولة روسيا رداً على عدم دعوته لـ«واشنطن» كما انه بدأ الحديث عن تعاون «مصري روسي» عسكري ولأن موسكو منذ فترة تبحث عن قاعدة عسكرية في البحر الأحمر، نخشى ان يكون الرئيس السيسي قد عرض على الروس مثلث حلايب وشلاتين السوداني، خاصة انه لم يرشح حتى الآن نوع الاتفاق الروسي المصري العسكري بخلاف ما ذكره الخبير العسكري اللواء حسام سويلم، الذي وصف زيارة الرئيس السيسي إلى روسيا بالزيارة الناجحة وانه سيكون لها مردود ايجابي على رفع كفاءة وقدرات الجيش المصري، لكن واشنطن تلقت نبأ الاتفاق الروسي المصري بانه يعمق الفجوة بين مصر والولايات المتحدة وبحسب «موقع فري بيكون» الأمريكي فان زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي لروسيا، عمقت الفجوة الموجودة بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية، على خلفية إطاحته بالرئيس الأسبق محمد مرسي.

ولأن النظام المصري يسعى منذ الانقلاب وراء قضيتين هما «قناة السويس ومثلث حلايب» وعقب تولي شركة «دار الهندسة» لمشروع تطوير القناة، فاننا نخشى ان يقوم النظام المصري أيضاً بتدويل مثلث حلايب السوداني، وان يقوم السيسي بالمزايدة عليها بين الروس والامريكان، حيث تسعى الدولتان العظمتان وراء ذلك المثلث لاقامة قاعدة عسكرية، واذ نجح السيسي في اقناع الروس بان المثلث السوداني تحت السيطرة المصرية، فإنه بالتأكيد سيسعى الامريكان للتنازل عن الانتظار لشكوى السودان في الامم المتحدة ويتجهون الى القاهرة باعتبار انها تسيطر على المثلث، عندها يتمكن السيسي من ضرب عصفورين بحجر واحد، يقيم القاعدة العسكرية الامريكية ويتلقى اموال الولايات المتحدة، كما انه يعيد العلاقات المتوترة بينهما، حينها ستصبح شكوى السودان ورقة منسية بالامم المتحدة، لذا فانه يجب على الخرطوم التحرك واقامة لجنة حكومية عليا تهدف لايقاف كافة السيناريوهات الممكنة تجاه المثلث السوداني.

صحيفة الانتباهة
المثنى عبدالقادر
ت.إ[/JUSTIFY]

Exit mobile version