في الأثناء شهدت ضاحية شمال الخرطوم انفجارات في أحد مخازن الأسلحة التي تتبع للقوات المسلحة في منطقة الجيلي، وقال الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة إن الانفجار نتج جراء ماس كهربائي ولا علاقة له بأية دواعي استهدافية، وكانت أقاويل في المواقع الأسفيرية تشير إلى أن الانفجار ناتج عن استهداف إسرائيلي لتلك المخازن تم عبر سلاح متطور عقب تتبع بالمجسات والأقمار الاصطناعية بعد تحديد المنطقة المستهدفة من أنها المخازن التي تصدر منها الأسلحة لحماس، بيد أن بيان الصوارمي فند كل تلك القراءات، نافياً أن تقوم إسرائيل بتوجيه ضربة للسودان.
ولم تمض أيام حتى ألحق الجيش البيان الأول ببيان آخر أكد فيه تحسبه لأية ضربة إسرائيلية للخرطوم جراء الاستنتاجات السابقة، فيما أصدرت وزارة الخارجية بياناً قالت فيه إنها لا تستبعد أن تقوم إسرائيل بتوجيه ضربة للسودان، في الوقت الذي قالت فيه الأخيرة على الخرطوم أن تستعد لردها الحاسم. ووضع هذا التحدي أن الحرب ربما انتقلت من غزة للخرطوم، في الأثناء أشار متابعون عن قرب للأوضاع إلى أنه على الحكومة أن تتوقع تهديدات إسرائيل وتحملها محمل الجد معززين قولهم هذا إن الحكومة الإسرائيلية أكدت وحسب متابعتهم إنها إذا قالت شيئاً فعلته، مدللين بشواهد كثيرة في الجولان وبقاع فلسطين المختلفة وفي حربها مع الأمة العربية وفي مصر. كما أشار هؤلاء إلى الضربات المتعددة المحدودة التي حدثت في الخرطوم وثبت أن من ورائها إسرائيل كحادثتي السوناتا وقافلة كسلا التي لم ينج منها شخص وقتل كل من فيها حينما تزعمت إسرائيل أنها قافلة مدد عسكري وتمويل بالسلاح للمقاومة الفلسطينية في غزة «حماس»، ولم يخف الذين تحدثوا لـ«الإنتباهة» خوفهم من أن الخرطوم قد تستهين بالتصريحات الإسرائيلية فيما تقوم الأخيرة بتنفيذ ما هددت الخرطوم به وتوجيه ضربة قد تؤثر كثيراً على الأرض في السودان.
ويقول الخبير الإستراتيجي والعسكري العقيد الأمين الحسن لـ «الإنتباهة» إنه ورغم الموقف السليم الذي تتخذه الخرطوم في أن الأمر قد يرتبط بالموقف الدولي من تقديم شكوى من الدولة المتضررة باعتبار أنهما يتبعان وينضمان للآلية الدولية ــ مجلس الأمن الدولي ــ كدول أعضاء وذلك لرد الاعتداء من خلال تدخل الأخير بإجراء تحقيقاته التي بها يتم ثبوت ذلك الادعاء أو دحضه بتكذيب تلك الافتراءات، لكنه طالب الخرطوم بتوخي الحذر خاصة وأن إسرائيل ثبت أنها لا ترضخ لقرارات وتوصيات الأمن الدولي وقد يملي لها موقفها أن تقوم بتوجيه الضربة المعلنة والتي قالت على الخرطوم أن تتحمل رد فعلها. ويشير الخبير العسكري في حديثه للصحيفة، حينما تطرق لموقف الخرطوم الدفاعي أننا نملك من التكنولوجيا ما يجعلنا قادرين للرد على أية هجمة إسرائيلية، لكنه قال إن دولة العدو ما تملكه في هذا الجانب أكبر، وأضاف أن الضربات الإسرائيلية التي استهدفت أهدافاً بعينها في الخرطوم إن كانت«جائلة أو متحركة أو ثابتة» إنما تمت في الوقت الذي لم يكن السودان يتحسب لضرب أراضيه من قبل أية دولة كانت، مؤكداً أن الموقف في هذه الحالة يكون في صالح إسرائيل لأنها ظلت متربصة بينما نحن توسدنا الغفلة.
وفي إطار التحليل المنطقي لاستهداف إسرائيل للخرطوم وإمكانية توجيه ضربة لها، يقول المحلل السياسي وخبير القانون الدولي د. السر محمد أحمد إن عمليات التصدي للمهددات الخارجية للدول باتت غالباً في واقع اليوم ترد وتأخذ بقوة السلاح وليس بقوة القانون الذي تخضع له كل الدول، وأكد أن إسرائيل دولة لا تخضع لقانون لا دولي ولا إنساني لذلك فهو يرى ضرورة التزام الخرطوم التحوط وأن تكون حذرة من أي ردود فعل من العدو الصهيوني الذي لا يتوخى في إصابة الأبرياء واستهداف المواقع الإستراتيجية الحيوية، مشيراً إلى ضرورة بناء تحالفات دولية قوية في الإطار الدولي، وقد أصبح العالم بأسره اليوم تحكمه مثل هذه التحالفات. وأكد أن كل شيء وارد جراء التهديدات الإسرائيلية، ودفع بجملة نصائح وإرشادات منها على الحكومة أن تكون على أهبة الاستعداد كما وأنه من الضرورة استجلاب أجهزة متابعة وتغيير ما بلي منها بأخرى حديثة كأجهزة الرادارات والمجسات الحديثة المتبعة عالمياً إضافة إلى بناء تحالفات قوية مع دول عالمية قوية لضمان الحماية واستمرار المصالح، فيما أشاد بسياسة الانفتاح الخارجي التي ابتدرتها الخرطوم أخيراً مطالباً باتباع سياسة لا عدو دائم ولا صديق دائم، ولكنه استبعد إسرائيل من هذه القائمة لجهة عدوانها الأزلي على الأمة الإسلامية، وأن ذلك يدعم موقف السودان السابق من القضية الفلسطينية حينما خرجت القمة العربية التي انعقدت هنا بلاءاتها الثلاث.
يأتي هذا التداعي في وقت ارتفعت فيه دواعي أخذ الحيطة والحذر كما قال بذلك دكتور السر لجهة أن الوطن جراحه ربما تصيب الكل، ورغم أن الجيش هو من ينوط به الدفاع عن الوطن حالة العدوان الخارجي إلا أن الأمر بحسب السر يتحتم على الجميع الوقوف في صف وخندق واحد مع القوات المسلحة التي رفعت شعار الاستعداد والتأهب لأية هجمة محتملة، كما وأن الاعتداء إذا ما وقع لا يفرق ما بين المدني والعسكري وبين المتآمر والذي هو على الحياد.. وتساءل آخرون عما هية درجة تحوط الخرطوم حتى لا يكون مصير سكانها كحال غزة التي ما زالت تنزف بيد أن من تحدث للصحيفة من العسكر، ورفضوا ذكر أسمائهم أشاروا إلى أنه إذا كانت حماس وهي تنظيم لم يكن جيشاً، استطاعت أن تدحر الجيش الإسرائيلي من تحقيق أهدافه وقمعها، فإن الجيش السوداني قادر رغم الفارق بينه وإسرائيل من هزيمتها داخل تل أبيب وليس في الخرطوم.. فهل ستتحقق نبوءة العسكر أم أن إسرائيل ستترك هذه المساحة وتبحث عن ملعب آخر لنذالتها المتكررة وبالتالي صرف النظر عن تهديد الخرطوم.
صحيفة الانتباهة
عبدالله عبدالرحيم
ت.إ[/JUSTIFY]