ماسحات زجاج السيارات بالاوتستوبات… نواعم ما بين (الأونطة) وقهر (الظروف)!

[JUSTIFY]توقف يمين شارع الأسفلت بسبب الشارة الحمراء التي أعلنت عدم التخطي، في الوقت الذي أضاءت فيه الشارة الخضراء التى تسمح للطرف الآخر للمرور وضع يده على خده وهو يراقب الشارع عن قرب بنظرات دقيقة حتى لا يقع في المحظور، وما بين طرفة عين وانتباهتها ظهرت على المشهد ومن خلف زجاج سيارته الأمامي صبية لم تتجاوز التسعة أعوام وهي ترتدي ملابس بالية ونظرات تحمل الكثير من المكر والدهاء وهي تضع بين يديها قطعة قماش بالي لتمسح به مباشرة زجاج السيارة دون أن تنطق بشيءٍ، بينما ظل صاحب السيارة يتابع المشهد عن كثب وهو في حيرة من أمره قبل أن تمد عنقها الطويل من الشباك وهي تقطع صمته وتعجبه قائلة : (أدينا الفيها النصيب)، وقبل أن يفيق من دهشته كانت الشارة خضراء قد أعلنت بدء المرور للجانب الأخر وتعالت أصوات أبواق السيارات حتى يفسح لها المجال للعبور، ليغادر بعد أن تملكته الحيرة تماماً.
كسب سريع:
نعم…إن مسح الفتيات القاصرات لزجاج السيارات بات اليوم أحد المشاهد التى تصدرت الشارع السوداني العام والتي لم نكن نألفها في الماضي، والتي لفتت كذلك أنظار الكثيرين الذين أبدوا دهشتهم وامتعاضهم من الأمر ووصفوه بالغير مقبول اجتماعياً فيما عزاه البعض للظروف الاجتماعية الضاغطة والطاحنة التي تمر بها بعض الأسر، فيما يرى آخرون بأنها وسيلة جديدة للكسب السريعة ليس إلا، (السوداني) قامت بأخذ عينات عشوائية لمعرفة وجهات النظر حول هذا الموضوع..فماذا وجدت..؟
استفزاز إنساني:
(ماعارفين البيحصل ده شنو.؟ والبلد ماشة بينا لي وين.؟) هكذا ابتدر حديثه الموظف خالد التجاني حديثه لـ(السوداني) قبل أن يواصل:(مسح الفتيات صغيرات السن لزجاج السيارات الخاصة أمر فيه الكثير من الاستفزاز لنا كرجال من الناحية الإنسانية باعتبار أن الرجل دائماً يميل إلى الأنثى باعتبارها الأضعف ليقدم لها يد العون والمساعدة)، ويضيف التجاني: (في الماضي القريب كان عدد من الصبية هم من يقومون بتلك المهمة التي لايعانون فيها من وجهة نظري أي رهق، بمعنى أنهم يأخذون نقوداً (أونطة) أما الآن انقلبت الأمور رأساً على عقب، لتقاسمهم الأنثى ما يقومون به)، وزاد: (اأمنى أن تتلاشى هذه الظاهرة التي لا تشبهنا وأن يتم استيعاب هؤلاء الصبية في الأمكان التي تؤهلهم لبناء مستقبلهم).
شفقة واشمئزاز:
في ذات السياق قال سائق الأمجاد متوكل عوض لـ(السوداني) إن ظاهرة الفتيات (ماسحات الزجاج) أطلت على المجتمع فجأة وبصورة لافتة تثير الشفقة والاشمئزاز في آن واحد، لأنها تعكس صورة سيئة للمجتمع الذي نعيش فيه، ويمكن كذلك أن تقع الأنثى ضحية لشخصيات ماكرة أو مريضة تستغل حاجتها للمال فتقع في براثن الضياع..وهذا هو الخطر النائم).!
جراءة وخلل:
من جانب قال الباحث الاجتماعي عادل الطيب إن أسباب الظاهرة تتلخص في عدد من النقاط في مقدمتها أن هؤلاء الفتيات ينمو بداخلهن الاحساس والرغبة في البحث والغوص في أعماق كل ما هو مثير بالإضافة إلى الحاجة الملحة للمال بشتى الطرق، أياً كان نوعها فكل مايهمهن هو وجود مال كما أنهن غير مباليات بالخطر المحدق بهن من كل الاتجاهات للجراءة التي يتميزن بها مردفاً: (مايحدث هو خلل كبير سببه الحالة الاقتصادية التي تمر بها البلاد والفقر الذي بسط أذرعه في كل الأسر ما جعلها تمتهن التسول لإيجاد لقمة تسد بها رمق الجوع).

صحيفة السوداني
خ.ي

[/JUSTIFY]
Exit mobile version