من بين كل هذا العوامل وكل هذه الحيثيات برزت إلى الواقع الاجتماعي شريحة من الشباب تبدو عليها ملامح اليأس والركون للحلول التبسيطية والسهلة في سبيل تحقيق طموحاتها وآمالها العريضة من أجل الحصول على مستقبل أفضل يقلهم على متنه من محطة الفشل التي طال انتظارهم فيها.
أسرى الوهم
الفراغ والضياع الناشئان بفعل البطالة، يجعلان الشباب في مقتبل العمر يتعلقون بأوهام زائفة، يظلون أسراها حد أنهم تقودهم في كثير من الأحيان إلى رفض عروض عمل عديدة تُقدم لهم على طبق من ذهب، بحجه أنها لا تلبي طموحاتهم، ليس فقط ناسين أو متناسين أن العمل كما الزواج وغيره من الأمور الحياتية مرتبط بالقسمة التي يقدرها له المولى جل وتعالى، بل ناسين أيضاً أن أول الطريق خطوة، وأن الصعود يبدأ من الدرجة السفلى، وليس العكس.
تلك الحالة من اليأس والأوهام الزائفه تجعل بعض الشباب يستغرق في (عطالته) ثم يمضي إلى ارتكاب أخطاء سلوكية وأخلاقية بغية الهروب من واقعة وعدم قدرة وفقدانه للإرادة التي تجعله يغير نفسه وواقعة.
احتيال وغش وخداع
فيقول أحد السباب العاطلين عن العمل: في أيامنا هذه يريد كل الشباب وظيفة أو عملا يحصلون به على أموال بطريقة سريعة، وهذا ما يحعلهم نهباً للمتربصين بهم، يغرونهم في العمل في (أي شيء)، ثم فجأة يفقدون كل شيء، وربما يفقدون أنفسهم. ويضيف: الملاحظ مؤخرا تفشي وانتشار ظاهرة السعي وراء التكسب السريع وتحقيق أرباح مادية عاجلة أوقعت الكثير من الشباب في شتى ضروب الاحتيال والغش والخداع.
جلوس في المنزل وعقد نفسية
ابتدر الحديث محمد الأمين خريج (كلية الاقتصاد)، قائلاً: ليس ضروريا أن تكون الوظيفة في مجال التخصص، بل ينبغي طرق كل الأبواب لكسب الرزق وتغيير الأوضاع. وحث (محمد) الشباب على الخروج من العطالة وصف الانتظار الوظيفي. وقال إنه خريج جامعي، يعمل في السوق، لأن (الظروف كعبة) والوضع الاقتصادي صعب. واستطرد: لا بد أن تبحث عن العمل مهما كان ظروفك فلا يجوز جلوسك في البيت، لأنه يسبب لك العقد النفسية.
تسول بين الشباب
وكشف (محمد) عن تفشي ظاهرة التسول بين الشباب جراء العطالة والتعفف من العمل في بعض المهن. واعتبر هذا الأمر مؤسف جداً وخاصة البنات المُنقبات يقفن أمام المحال التجارية وينادين على (الغاشي والماشي)، يسألنه إلحافاً عن (شيء لله يا محسن)!.
يتساءل (محمد) ما هو السبب الذي يجعل الفتيات يتسولن دون حياء؟ ولماذا لا يبحثن عن عمل شريف وحر. وناشد الجهات المختصة القضاء على هذه الظاهرة غير الحميدة، وأن تُعالج هذه المشكلة التي تحدق بالمجتمع، لافتاً إلى أن ظاهرة التسول متفاقمة لدى النساء أكثر من الرجال، “أنت في السوق تقبضك من قميصك، تدخلك في حرج”.
حيرونا والله
من جهته، قال السيد (الفاتح عثمان): الشباب حيرونا عديل أنا ولدي عمره (26) سنة خريج لكن ماعنده أي طموح في الحياة، أنت تتعب في التربية والدراسة، وبعد ذلك تنتظر منه رد الجميل، لا هو برضو يظل يطلب منك جهاز لابتوب وموبايل آخر صيحة، وبدون خجل واستحياء، يقول “أبوي عايز لي رصيد”، طيب مادام انت محتاج للرصيد ابحث عن عمل تساعد به نفسك وأسرتك.
الدلال المفرط
إلى ذلك، قالت (صباح حمد) ربة منزل “من جدَّ وجد، ومن استراح راح” لذا لا بد الشباب عندما يصحون من نومهم أن ينهضوا للعمل. وأضافت: صحيح الحصول على وظيفة أصبح يحتاج إلى (واسطة)، لذلك ينبغي أن لا يتمسك الشاب بإيجاد وظيفة في تخصصهم، بل يثابروا ويعملوا في أي وظيفة لأن العمل خبرة وليس شهادة. واستطردت (صباح): كثير من الأسر تسهم في استمرار أبنائها عاطلين عن العمل، إذ تتدأب على الصرف عليهم عقب تخرجهم من الجامعة، وقد تتكفل بنفقات زواجهم وهم لا زالوا دون عمل، فكيف يتحملون المسؤولية إذن.
تحكي (صباح) عن أن ابن خالتها الوحيد (مدلع) حد أنها توفر له كل شيء من ملابس وأجهزة إلكترونية وحتى (الجل، الشامبو)، لكن للأسف ليس لديه أي طموح في الحياة، ينام إلى الساعة الثانية عشرة، بينما تذهب هي إلى العمل منذ السابعة صباحاً، وتعمل مناوبة أحياناً لثلاثة أيام متتالية، كل هذا لتوفر له كل احتاجياته.
اليوم التالي
خ.ي