وتأتي خطوة الإعلان عن جدول الانتخابات القادمة للتأكيد على أن ترتيب الأولويات يجعل من هذا الإعلان خطوة مهمة في ظل هذه الغيوم الكثيفة حول بداية انطلاق الانتخابات القادمة. في وقت تعج الساحة السياسية بالأصوات الرافضة.. بيد أن كثيراً من السياسيين الذين يواجهون المؤتمر الوطني بالعمل لمصلحته ينظرون للأمر بنظرية المؤامرة، وأبدى معظم الذين تحدثت معهم «الإنتباهة» عن تشاؤمهم من أن المفوضية قد لا تقف على الحياد، وأن دورها يهدف لتمكين الحزب الحاكم بعد سياسة «التمكين» التي اتبعها في أوقات سابقة جعلت الكثير من المؤسسات مشكوكا في أمرها وحيادها، وأبدى هؤلاء شكوكهم وريبتهم، في أن المفوضية ربما تكون قد أملي على إدارتها بأن تقوم بهذا الدور من منطلق تبعيتها للحكومة رغم أنهم يقولون يجب أن تكون كياناً «مستقلاً».. وفي الوقت نفسه لم يستبعد هؤلاء أن تكون للقوى السياسية تحفظات حول النوايا المضمرة من قبل الوطني من أن الأمر كله قذف به في هذه اللحظة لقياس درجة استعداد الأحزاب لخوضها، وقال السر محمد الأكاديمي والمحلل السياسي، إن الفعاليات التي ظلت تطرأ على الساحة السياسية كالحوار الوطني الذي يتزعمه الحزب الحاكم ومغالطات الديمقراطية والحرية لممارسة العمل السياسي إنما هي آليات أدت لتسخين الساحة للقبول بمبدأ خوض الانتخابات بالكيفية التي يريدها الحزب الحاكم، وهي لا تخرج عن كونها دواعم للعملية الانتخابية، ويؤكد السر أن هذا الإجراء شغل الأحزاب السياسية وجعلها تدور في فلك الحوار الوطني أكثر من الاستعداد للانتخابات.
ويشير مراقبون إلى أن الانتخابات واحدة من لوازمها هي أن تكون كل القوى السياسية في كفة متساوية بما فيها الحزب الحاكم نفسه، وإذا ما تعذر هذا فإن الكفة ستكون لصالح الحزب الحاكم لا محالة لجهة امتلاكه وسائل الدعاية للتعريف والتوجه لكسب موقف واتجاهات الناخب السوداني، إضافة لغياب الأمن في أجزاء كبيرة من ولايات السودان ومناطق النزاعات. يأتي هذا في وقت طالبت فيه القوة السياسية مجتمعة الحكومة والمؤتمر الوطني، بحكومة قومية انتقالية، معضدين موقفهم هذا بأنه هو الطريق الواضح لخوض الانتخابات التي يتحدث عنها الوطني بحسب قولهم. ونادى ربان الحزب الشيوعي يوسف حسين في تصريحات له، الحزب الحاكم بأن يكون هذا هو سبيله ومفهومه للانتخابات القادمة وأن يكون هذا واضحاً لهم كما أنه واضح بالنسبة لنا.
ويقول الخبير الإستراتيجي الأمين الحسن أن ما هو إيجابي أن الحكومة ومن بينها حزبها الحاكم قد أعلنت أنها تسعى لتقديم رؤية قومية تحقق المصلحة الوطنية عبر الحوار الوطني الذي تسبق مجرياته زمان ومكان الانتخابات القادمة، وقال مضيفاً إن هذا من شأنه أن يخلق فرصاً متساوية لكل القوى السياسية لخوض الانتخابات القادمة، واستبشر الحسن بالخطوات الجادة من تعديل للقانون وتكوين للمفوضية التي أدخلت بها بعض التعديلات، وقد أعدت البيانات والدراسات التي تعين القوى السياسية لإدارة حوار وطني مثمر يشارك الجميع فيه دون استثناء لأحد. فهل تستطيع الحكومة إسكات الألسن بتهيئة المناخ الملائم لإدارة حوار شفاف يساعد في قيام الانتخابات القومية القادمة لتساعد بدورها في عملية بناء الثقة بين جميع مكونات المجتمع السوداني، وبالتالي الخروج برؤى موحدة تعبر بالوطن والواقع السياسي لرحاب أوسع، هذا ما سوف تؤكده مجريات وحيثيات الانتخابات بين الأحزاب والحزب الحاكم الأيام المقبلة.
صحيفة الانتباهة
عبدالله عبدالرحيم
ت.إ
[/JUSTIFY]