من أطرف الرسائل تداولا علي “واتساب ” قبل أسبوعين، برنامج للامام الصادق ، لخص اتجاهات الرجل المختلفة، (اجتماع مع مجموعة إسقاط النظام، لقاء مع الحزب الحاكم، جلسة مباحثات مغلقة مع السفير الموزمبيقي، محاضرة عن التحول الديمقراطي في موريتانيا، التوقيع على ميثاق انتهاج الحل السلمي، لقاء مع أعضاء الجبهة الثورية!) وقد صدقت النبوءة الأخيرة بل وولدت ميثاقا جديدا أطلق عليه الإمام “ميثاق التنوع المتحد”!
وهو ميثاق يضاف إلى مئات المواثيق التي وقعها الصادق المهدي خلال مسيرته السياسية الحافلة.
لكن ما بال الرجل، يعتقد أن كروت ضغطه على الحزب الحاكم، مازالت مؤثرة كما هي؟
حينما كان حزب الأمة في تحالف قوى الإجماع الوطني خالف الجماعة الداعية لإسقاط النظام، ورأى أن خياره الأفضل التقارب مع المؤتمر الوطني فعقد لقاءات واجتماعات ثنائية معه لم تصل إلى نهايات الصادق المرجوة، وحينما بدأ الحوار الوطني، كان هو أول المباركين والداعمين، وبعد أن انسحب من الحوار، لم يقرر العودة للعمل مع الأحزاب السياسية التي مازالت تصر على إسقاط النظام، إنما ذهب هناك بعيدا، إلى الجبهة الثورية، التي تختلف معه في الفكر والمنهج.!
صور عناق مع عبد الواحد محمد نور، ومالك عقار وآخرين، تخصم من رصيده لا تضيف، توثق أن من يهاجمهم بالأمس هم من يعانقهم بالغد.
وبعيدا عن تناقضات مواقف المهدي، لفت نظري ما ذكرته صحيفة التيار أمس الأول وهي تتهم الرجل بالتمويه بحجة أنه قال لرئيس تحرير الصحيفة أنه سيسافر في الغد إلى مصر لكنه سافر إلى فرنسا..
فهل كان التمويه للحكومة التي ستمنعه من السفر إن علمت أنه سيلتقي بقادة الجبهة الثورية؟ وهل يا ترى ما زالت تفكر الحكومة هكذا، بطريقة بدائية تقليدية؟!
أرجو أن تكون الإجابة لا، فلم يعد التواصل صعبا، ومضار منع انعقاد مثل هذه اللقاءات أكثر من جني فوائدها.
أما الأمر الآخر، فهو ما ذكرته ابنة الإمام ونائبته مريم، بأن باريس محطة ضمن محطات أوروبية أخرى للإمام الصادق.
ويبدو أن الاتحاد الأوروبي الذي أظهر اهتمامً كبيرا بالحوار الوطني، وعاد وأبدى استياءه منه لأسباب عديدة، يعد هدفا جيدا للصادق لترسيخ ذلك الاستياء عبر نقطتين، أن الحوار الوطني يضم أحزابا هلامية عدا المؤتمر الشعبي الإسلامي الذي انشق من الوطني، وأن الانتخابات التي ينوي الحزب الحاكم عقدها، لن تكون حقيقية أو نزيهة.!
وبذلك ربما تدعو بعض الدول الأوروبية المؤتمر الوطني قريبا، إلى تأجيل الانتخابات وتوفير المناخ والأجواء الملائمة للانتخابات والتحول الديمقراطي.!
مشكلة الصادق، أنه يحب العمل مع الجماعة، لكن تحت إمرته وفكره فقط، يجمع بين المتناقضات الواضحة ويصيغها في بيان أو ميثاق..
الجبهة الثورية أعلنت أن وسيلتها هي السلاح لإسقاط النظام القائم وبناء آخر ديمقراطي جديد، والصادق المهدي أعلن أن الوقوف مع السلاح يعني تشرذم السودان وإنتاج صومال جديد، ومع ذلك بإمكان الصادق أن يصيغ ميثاقا أطلق عليه “التنوع المتحد”.. فكيف يتحد هذا التنوع سيدي الإمام؟!
حقا، إن الصادق هو الوحيد القادر على توقيع اتفاقيات ومواثيق، مع حملة السلاح، وأحزاب اليسار وأيضا اليمين، مع الحزب الحاكم، ومع الشعب السوداني ومع أمريكا، والأرجنتين وموزمبيق.!
لينا يعقوب