إمام محمد إمام: أميركا مفتاح تحسين علاقاتنا مع أوروبا والعرب

مما لاريب فيه، أن تنزعج وزارة الخارجية السودانية بسبب استبعاد السودان من القمة الأميركية الإفريقية، إذ يُعول على أعمال هذه القمة أن تحدث مقاربةً في العلاقات الخارجية بين الولايات المتحدة الأميركية والدول الإفريقية المشاركة في قمة واشنطن. واستوقفني وصف الأخ علي أحمد كرتي وزير الخارجية الموقف الأميركي بشأن السودان بأنه غير جديد. وقال إنه من غير الطبيعي أن تذهب إفريقيا إلى قمة دون السودان، أحد الأعضاء المهمين جداً بالقارة، ولكن المُلفت حقاً قوله “نحن نعلم مواقف أميركا”، وزاد عليه إنه من غير الطبيعي أن تقبل إفريقيا بالذهاب إلى هذا الاجتماع، وأن أحد أعضائها المهمين جداً في القارة لم يُدع إليه، ولا أدري هل كان ينتظر الأخ كرتي أن تتجاهل الدول الإفريقية دعوة واشنطن، وتتخذ موقفاً سالباً منها، من أجل السودان.

وأحسبُ أن الأخ علي كرتي يعلم علم اليقين، أن السياسات الخارجية ما عادت تُرسم بالعواطف والتشوقات، ولكن تحدد أُطرها، وترسم معالمها المصالح، فلذلك لم يعد هناك عدوٌّ دائم، ولا صديقٌ أبدي في العلاقات الخارجية بين الدول، بل المتفق والمُجمع عليه، أن هنالك مصالح دائمة. فمن هذا المنطلق لا نعيب على الدول الإفريقية التي اندفعت إلى تلبية دعوة واشنطن في ملتقى تتوقع منه المزيد من الكسب والمصالح، ولا يمكن أن تُعطل هذا الكسب وتلك المصالح من أجل عيون السودان.

وفي رأيي الخاص، أن العالم بعيداً عن الشعارات والبطولات الوهمية، لا ينكر دور الولايات المتحدة الأميركية في التأثير المباشر وغير المباشر في علاقات الدول بعضها ببعض. وأعتقد أن الأخ علي كرتي كان من أكثر الذين أظهروا أسفاً وحسرةً على خطاب أحد الملحقين الإعلاميين في جلسة الإعلام الخارجي، ضمن جلسات مؤتمر الإعلام الذي عُقد بالخرطوم مؤخراً، حيث قال ذاكم الملحق الإعلامي أمام كاميرات الفضائيات المحلية والإقليمية والعالمية، وعلى أشهاد رؤساء تحرير الصحف السودانية، وفي حضور وزير الخارجية نفسه، “إن السودان غير مُحاصر، والمُحاصر الحقيقي هي الولايات المتحدة الأميركية”. مع مثل هذه المقولات، لا يمكن أن ينصلح حال علاقاتنا مع الولايات المتحدة الأميركية، والدول التي تسبح في فلكها صباح مساء في أوروبا وآسيا وإفريقيا، فلذلك ينبغي أن نُصحح مثل هذه المقولات التي تقوم على عاطفة مزايدة على أهل “أميركا وروسيا قد دنا عذابها”. فالاشتتاط في جماعة ما بعد الفتح، فيه ضرر كثير، ولا يحملون حقيقةً – الهم الأكبر، في مثل هذه القضايا؛ لأنهم يتنازعون بين عقيدة سابقة، وحنبلية جديدة؛ ليعلم الأخ وزير الخارجية أن مثل هذه المقولات لا ينحصر تأثيرها داخل أروقة المنتديات التي قيلت فيها، بل تُترجم وتصل إلى صانعي القرار في الغرب، خاصة الولايات المتحدة الأميركية، في اليوم نفسه، وتنعكس سوءاً في العلاقات حتى وإن بدا في الأفق بصيصُ أمل.

أخلصُ إلى أن وزارة الخارجية والجهات المعنية بالإعلام الخارجي، ينبغي أن تتدارس الخطاب الإعلامي الموجه إلى الخارج، وتُكيفه تكييفاً دقيقاً، وفقاً لمصالح البلاد الحقيقية، واستشارة أهل الدراية والمعرفة بطرائق التفكير الغربي في شؤون العلاقات بين الدول، والحرص على عدم الانجرار وراء شعاراتٍ وهُتافاتٍ لا تجدي فتيلاً. ولا يُنكر عاقلٌ أن المُضاغطات المالية والاقتصادية الأميركية، أثرت تأثيراً سالباً في الاقتصاد السوداني، وفي إحداث مضاغطاتٍ على كثيرٍ من القطاعات الاقتصادية السودانية، بالداخل والخارج.

ولنستذكر في هذا الخصوص, قولَ الله تعالى: “إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ”.

وقول الشاعر العربي زهير بن أبي سُلمى:

وَمَن لا يُصانِع في أُمورٍ كَثيرَةٍ يُضَرَّس بِأَنيابٍ وَيوطَأ بِمَنسِمِ

وَمَن يَكُ ذا فَضلٍ فَيَبخَل بِفَضلِهِ عَلى قَومِهِ يُستَغنَ عَنهُ وَيُذمَمِ

إمام محمد إمام- صحيفة التغيير

Exit mobile version